الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

بين حرب وزلزال

غالية خوجة

يتسمُ الشعب العربي السوري ومنه الحلبي بالطيبة التي نلمسها في الحياة اليومية وأثناء الكوارث من حروب وزلازل مثلاً، وترى السوريين كيف يعبّرون عن ذلك بالكلمة والسلوك والتضامن والتعاون بكافة أطيافهم وبمختلف ظروفهم، سواء على صعيد العائلة أو الأهل والأصدقاء أو المعارف وزملاء المهنة وزملاء الإبداع.

ونحمد الله على محبته لنا نحن السوريين، وعلى كلّ ما أصابنا وعلّمنا المزيد من الصبر والتفاؤل ونقد الذات لنكون أجمل.

وبعيداً عن بعض الثغرات التي قد تحدث في كلّ مكان وزمان، ولاسيما إذا كان في وطن مثل وطننا، وإن كنّا نتمنى المزيد من الاهتمام الاحترازي والتوعوي، وليس فقط أثناء الكارثة، وبلا شك، حلب تحتاج المزيد من الاهتمام، مكتفين أن حلب في عيون السيد الرئيس بشار الأسد، وهو في عيونها وقلوبها أيضاً.

أكتب إليكم مقالتي هذه، ولا أعرف إن كانت الأخيرة، فسامحونا، لأنني أكتبها بين هزة ارتدادية وأخرى، لأعبّر عما عشته أثناء بدايتها المدمّرة، ولاحظت كيف يتعاضد الجيران، في الطرق على الأبواب للخروج إلى الفسحة الواسعة، وكيف نتعلّم من إنسان بعكازين يقف معنا تحت المطر والرعب، سواء أكان رجلاً أم امرأة أو طفلاً، وكيف نمدّ يد المساعدة له، بينما الأطفال المذهولون مثل الكبار يقفون معنا، وكيف يسند الشاب أو الصبية الكرسي المتحرك لوالده أو والدته، وكيف يتراكض الكثيرون للمساعدة.

وبالمقابل، لم نجد من الجهات المسؤولة من تذيع بميكرفوناتها التعليمات أو تسأل عن احتياجات الناس الواقفة تحت المطر، لكن تعدلت الأمور بعد ذلك.

وخلال هذه الفترة تطوّع الكثيرون في المساعدة برفع الأنقاض، أو التبرع بالدم، أو تقديم الطعام والأغطية، وساهم الناس بطيبتهم في التعاضد معاً، ومواصلة الحياة بكافة الظروف.

ولم يكن زملائي من مثقفين وكتّاب وإعلاميين إلاّ مثالاً إنسانياً في كل محنة، ومنهم الكتّاب، والصحافيون، والذين تطول القائمة بأسمائهم التي نفخر بها.

والملفتُ أننا بحاجة إلى مزيد من التطور في مجال إدارة الأزمات كما يجب في حلب، ولاسيما الجانب الاحترازي وأثناء حدوث الكارثة الطبيعية، والأهم أن الشعب العربي السوري يطالب العالم وما تبقّى فيه من إنسانية بفك الحصار ورفع العقوبات عن سورية أرض الطيبة والإنسانية والثقافة والحضارة.

نتفاءل ونثق بصبرنا وحقنا وإنسانيتنا ومحبتنا للعالم، ونتفاءل بمنسوب الإنسانية الباقية في هذا العالم الذي يشاركنا بحقنا: لا للحصار على سورية، لا للعقوبات على سورية.