مجلة البعث الأسبوعية

هذا العشم ..مبادرات أبناء البلد تضمد الجراح وتخفف عن المنكوبين

دمشق – البعث الأسبوعية

كلمة حق تقال … هذا العشم من أبناء البلد الواحد الذين لم يتوان في تقديم كل ما يملكون لنجدة المنكوبين من الزلزال حيث بادرت الجمعيات والنقابات والوزارات  وكل الشخصيات  من تجار وصناعيين ومغتربيين ومواطن وحتى الطلاب بمختلف فئاتهم والأطفال  للمساعدة والمساهمة في الدعم والإغاثة والإنقاذ ووقفوا  مع بلدهم في محنته فور وقوع الزلزال حيث استنفر المجتمع المدني والأهلي في دمشق والمحافظات السورية وأعلنت الجمعيات والمبادرات والتنظيمات عن حملات فورية وعاجلة ساهمت في التخفيف من هول الكارثة على المتضررين .

وهنا نستذكر مساهمات جميع المحافظات التي قدمت بكامل مكوناتها وفعالياتها قوافل المساعدات العينية التي جمعتها إلى المحافظات المنكوبة “حلب وجبلة في اللاذقية وحماة “كما تم تشكيل فرق دعمٍ تطوعي للمناطق المنكوبة كما أطلقت جمعيات إضافية مبادرات أخرى لجمع الأموال في دمشق وإرسالها إلى المناطق المنكوبةومن هذه الجمعيات “غراس” و”التميز” و”الندى” و”حفظ النعمة” و”اتحاد الجمعيات” و”الأنصار الخيرية” و”فريق عمّرها التطوعي” و”فريق كنّا وسنبقى التطوعي” و”الأمانة السورية للتنمية“.

ولاشك أن استنفار المجتمع الأهلي يدلّ على وحدة المجتمع السوري ومبادراته الإنسانية دائماً وهذا مايؤكد عليه الكثير ممن التقيناهم من المتطوعين في المبادرات الاغاثية  حيث أكدوا على أن تقاعس وصمت المجتمع الدولي عن تقديم المساعدات الإنسانية بسبب العقوبات الدولية المفروضة على سورية بحجة قانون قيصر كان حافزا للمجتمع السوري للمبادرة وإسعاف نفسه وتضميد جراح الجسد السوري دون انتظار أي مساعدة حيث اندفع الجميع مؤسسات ووزارات والمساجد والكنائس والمنظمات والجمعيات الإنسانية عبر مجموعة من المبادرات الإغاثية لدعم الأهالي المنكوبين في محافظات حلب وحماة واللاذقية وطرطوس وإدلب واشتملت المبادرات على جمع المواد الغذائية، والمواد الإسعافية الأوّلية، والأغطية، والملابس الشتوية

وطبعاً العمل الاغاثي المحلي الذي تم ومازال مستمراً يطغى بايجابياته على أي ملاحظة أو محاولة للتشويش على أهمية ماتم سواء على الصعيد الرسمي أو الأهلي رغم ضعف الإمكانيات وهنا   نتوقف هنا عند خطة عمل وزارة الأوقاف حول متضرري الزلزال حيث تم فتح ١٢٨ مركز إيواء في مساجد حلب ضمت حوالي ٤٠ ألف شخص وفتح ٦٢ مركز إيواء في مساجد اللاذقية وجبلة ضمت حوالي ١٥ ألف شخص وحملة تبرعات وزارة الأوقاف التي جمعت أكثر من مبلغ ٢ مليار ليرة سورية من صناديق المساجد يوم الجمعة ١٠ شباط والتي سيتم وضعها في الحسابات البنكية للمؤسسات الإغاثية المعنية و دفع تكاليف إيجارات بيوت لآلاف المتضررين الذين سيتم تحديدهم حسب الأولوية بالتنسيق مع لجنة الإغاثة العليا وتخصيص العقار ٥٢٦ البالغة مساحته ٢٠٠٠ متر مربع كمقبرة لشهداء الزلزال في جبلةو تزويد النقطة الطبية في جبلة بالعديد من الأدوية والمستلزمات الطبية و متابعة إرسال العديد من القوافل الإغاثية (طعام – دواء – كساء) إلى حلب وجبلة واللاذقية و وضع كل إمكانيات وزارة الأوقاف تحت تصرف اللجنة العليا للإغاثة في الجمهورية العربية السورية

كما نذكر على سبيل المثال لا الحصر المبادرات التي انطلقت من دمشق كجمعية “عقمها” التي أطلقت حملة لجمع التبرعات في مقرها الواقع في حي المهاجرين بدمشق، وتمكنت الجمعية من إرسال قوافل المساعدات إلى محافظة حلب إلى مدينة جبلة في اللاذقية، وتضمنت القوافل مواد غذائية وملابس ومواد إسعافية أولية ,جمعية “أنا السوري” التي أعلنت حالة الاستنفارمن الساعات الاولى لوقع الزلزال حيث اتجهت أعداد كبيرة من كوادرها عقب الكارثة مباشرة إلى محافظة حلب لتسليم المساعدات الغذائية وبدورهاأطلقت مؤسسة “قلوبنا معكم” الطبية مبادرتها في جميع المحافظات السورية لتقديم الاستشارات والمعالجات الطبية وإجراء العمليات الجراحية والتحاليل مجانا أو بشكل شبه مجاني لضحايا الزلزال وقامت منظمة “بصمة شباب سوريا” بإطلاق حملة تبرع لحليب الأطفال من عمر 6 أشهر ضمن مراكزها الثمانية في محافظة دمشق لإيصالها مباشرة إلى مراكز الإيواء في المحافظات المنكوبة التي تعاني من نقص في حليب وحفاضات الأطفال الرضع.

ووضع “نادي السيارات السوري” خطة عمل وإنقاذ واستجابة طارئة تضمنت جميع كوادره ومنظميه والمتطوعين من خارج النادي، بعد أن كان قد أطلق حملة تبرعات وفق الاحتياجات المطلوبة (دواء، حليب، فرش، ملابس، وغيرها من الاحتياجات).

وإلى جانب هذه المبادرات، هناك عشرات المبادرات المستقلة التي أطلقها شباب دمشق لاستقبال التبرعات وتوجهوا في حافلات على حسابهم الشخصي لتوزيعها على مراكز الإيواء في المحافظات.بينما وجهزت كنيستا سيدة دمشق والصليب قاعاتها في العاصمة لاستقبال مختلف أنواع المساعدات والتبرعات من الأهالي لإيصالها إلى ضحايا الزلزال، وقال القس رأفت أبو نصر، في حديث له مع إحدى الإذاعات  إنهم أطلقوا في كنيسة سيدة دمشق حملة تبرع بالدم وكان هناك إقبال كبير ومازالت حملات التبرع مستمرة بشتى أنواعها وأشكالها .

وللأسف لم يحرك الزلزال الإنسانية العالمية التي مازالت تتعامل ببطء مع الكارثة ومعاناة الشعب السوري المنكوب في الوقت الذي يتوجه فيه الاهتمام العالمي لتركيا وكيفية مساعدتها مع أن الزلزال ذاته ضرب الدولتين معا ولاشك في أن آلاف المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي والرسائل الإعلامية العديدة بما تتضمنه من مناشدة المجتمع الدولي للتحرك لم تلق أذان صاغية وبقيت مجرد نعوات لشعب منكوب يقدم أقصى مالديه شعباً وحكومة لإنقاذ بلده وكما هو معروف فان هذا الزلزال الذي ضرب سورية بحسب العلماء والمختصين والتاريخ الزلزالي للمنطقة هو الأعنف في البلاد منذ أكثر من خمس وثلاثون عاماً، ورغم ذلك لم يتحرك العالم حتى هذه اللحظة لتقديم المساعدات، كما هي العادة في تلك الكوارث الطبيعية التي يستجيب العالم لها مباشرة وبصفة خاصة الزلازل المدمرة،حيث يهرع العالم إلى نجدة الدولة المنكوبة، بغض النظر عن وضع تلك الدولة السياسي أو الاقتصادي فلا فرق في مثل تلك الظروف الاستثنائية بين دولة غنية وأخرى فقيرة، ولا بين دولة تنتمي لما يوصف بالعالم الأول أو الثاني أو الثالث، فالاعتبارات الإنسانية تكون المحرك الأول عادة وهناك حقائق تؤكدها عشرات الحوادث والكوارث السابقة  حيث قدمت فيها المساعدات ضمن الاستجابة الفورية في هذه الحالات  وهي الأمر الطبيعي والمتكرر في الكوارث الطبيعية. والزلازل تحديداً يعتبر من أخطر الكوارث الطبيعية وأكثرها تدميراً بسبب استحالة التنبؤ بها رغم التقدم التكنولوجي الهائل الذي حققته البشرية.

ومانراه اليوم في الكارثة السورية يؤكد أن شعب سورية بكل أطيافه ومكوناته  يواجه محنته وحيداً حيث اثبتت المبادرات الأهلية والمجتمعية داخل المجتمع السوري قوة وصلابة النسيج الوطني وقدرته على مواجهة المحن مهما عظمت وكبرت تداعياتها ونتائجها .