دراساتصحيفة البعث

الكارثة ليست مكاناً للطابور الخامس

علي اليوسف

على امتداد الجغرافيا السورية، ولأول مرة منذ العام 2011 –تاريخ الحرب الإرهابية على سورية- يشعر السوريون أنهم ليسوا وحدهم، فالكلّ يثني على المساعدات العربية لدعم الشعب السوري نتيجة الكارثة التي ألمّت به. لكن أمام هذا التعاضد الكبير، من الطبيعي أن تخرج أبواقٌ من هنا، وأبواقٌ من هناك، لتفسد حالة التلاحم الذي تعيشه سورية من شمالها إلى جنوبها.

هذه الأبواق هي نفسها التي كانت تروّج لسقوط الدولة السورية منذ بدء توافد المرتزقة الإرهابيين إلى أراضيها، والتي تطلق العنان الآن لأقلامها المأجورة للتشكيك بحجم المساعدات المعلن عنها، وعدم توزيعها على مستحقيها. ما يعني بالضرورة أن هذه الأقلام هي شريك في سفك الدم السوري، وخاصةً أمام هذا الوضع المأساوي الذي لم يكن وليد اليوم، بل هو نتاج أكثر من 12 عاماً من الحرب الإرهابية والحصار الاقتصادي الجائر الذي خلف وضعاً إنسانياً مأساوياً، وأصبح بعد الزلزال كارثياً.

منذ الحرب الكونية على سورية، جنّدت الولايات المتحدة وحلفاؤها أقلاماً ومنصات مأجورة، بل عميلة، للتأثير على الرأي العام المحلي والخارجي، وليس آخرها الـ15 مليون دولار التي خصّصتها الإدارة الأمريكية لأقلام ما يُسمّى “المعارضة السورية” التي جاء دورها الآن في أعقاب الزلزال لتبثّ حقدها وتشكّك بالدور الوطني الإنساني التي تقوم به الدولة السورية، وعملها الدؤوب في حشد المزيد من المساعدات للشعب السوري الذي لا يعاني من هذه الكارثة الإنسانية فحسب، بل يعاني من تداعيات أكثر من عقد من الزمن.

هذه الأقلام تمثّل نفسها على أنها نوافذ نزيهة، لكن في الواقع هي ليست إلا منظومة “تطبيل” لمصالح محدّدة من أهمها تشويه الحقائق، فهي منذ عقد قامت باللعب على التضليل للتأثير على وعي المتلقي في محاولة للتغيير في سلوكه واتجاهاته، وقامت بهجمات منظمة واتبعت الأسلوب التدريجي في ضخ المعلومات الكاذبة عبر وسائل إعلامية محدّدة، من خلال تبني خطاب مرسوم مسبقاً بهدف زعزعة الثقة ومحاولة تغيير المفاهيم والمصطلحات وكسر المبادئ الوطنية، وصولاً إلى تحقيق أهداف سياسية واقتصادية عجزت عن تحقيقها دول عظمى بشكل مباشر.

لقد كانت وسائل التواصل الاجتماعي رأس الحربة في ذراع الهجوم الإعلامي والحرب النفسية المرافقة للحرب الإرهابية على سورية، حيث اتخذ الأصيل والوكيل من مواقع التواصل الاجتماعي منبراً لمهاجمة الدولة السورية، وبثّ الشائعات هنا وهناك، ودسّ السم في العسل بهدف ضرب الحالة المعنوية والنفسية للمجتمع السوري.

لكن ما دامت تلك الأقلام المأجورة فشلت في تأجيج الحرب الإرهابية على سورية، نراها الآن تلجأ إلى التضليل الإعلامي بشأن المساعدات الإغاثية في محاولة للتأثير على الرأي العام باتجاهات خاطئة بهدف تشكيل رأي وهمي مبنيّ على معلومات مغلوطة، وهذا ما يدعو إلى ضرورة  إيجاد آلية عمل جماعية وإستراتيجية تعمل على الرأي العام لتجنيبه الوقوع في الفخ القديم نفسه.