دراساتصحيفة البعث

التسييس يؤجل مؤتمر “المانحين”

علي اليوسف

من غير المنطقي أن تعلن المفوضية الأوروبية إلغاء موعد انعقاد مؤتمر المانحين الدوليين الخاص بدعم ضحايا زلزال سورية الذي كان سيعقد في 16 آذار الجاري، في العاصمة البلجيكية بروكسل، بسبب مشاركة “الهلال الأحمر السوري”، وكأن المفوضية تريد التعتيم على أي جهد تقوم به الدولة السورية، والمنظمات الانسانية العاملة على كافة الأراضي السورية.

التأجيل “لظروف غير متوقعة”، كان ملخص بيان المفوضة الأوروبية التي تتشدق بالدفاع عن الإنسانية، وترفع شعارات براقة هنا وهناك، فهل تعتقد هذه المفوضية أن ما يسمى “الخوذ البيضاء” الإرهابية هي من تمثل العمل الإغاثي في سورية، أم أنها تريد حشرها في أنوف “المانحين”؟

إن متطوعي الهلال الأحمر السوري، الذي أجلت المفوضية الأوروبية اجتماعها بسببه، ينتظرون منذ اليوم الأول للزلزال استكمال موافقات كل الأطراف لإدخال قوافل المساعدات الإنسانية للمناطق التي تسيطر عليها الجماعات الإرهابية المدعومة مباشرة من دول المفوضية الأوروبية وغيرها من الدول الراعية للارهاب، بينما في المقابل تتزامن هذه الخطوة الأوروبية مع مواصلة التنظيمات الإرهابية عدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية عبر المعابر التي أعادت الدولة السورية افتتاحها.

لذلك، من المقلق أن تقوم المفوضية الأوروبية باستغلال وتسييس المساعدات الإنسانية، خاصةً أنها ليست المرة الأولى التي تُفشل فيها المفوضية كل ما يخص الوضع الإنساني في سورية، على الرغم من أن شعارات مؤتمراتها جميعاً تحمل العنوان الإنساني، وبالتالي فإن هذه المقاربة تؤكد أن ما يسمى مؤتمرات “المانحين” لا تسلك مسارها الصحيح، خاصةً إذا أخذنا في الاعتبار أن للدول المسماة “مانحة” سياسات وأجندات تسعى لتحقيقها، وهي لن تتردد في توظيف تلك المؤتمرات، وما يتم جمعه من أموال لخدمة تلك الأجندات وتحقيق أهدافها.

كما أنه من المعيب جداً على المفوضية وغيرها من المنظمات التي تتشدق بالدفاع عن الانسانية أن تحرف الأهداف الإنسانية لأجنداتها السياسية، خاصةً أن تلك الأجندات مكشوفة منذ اليوم الأول للحرب الإرهابية على سورية، والتي تم افشالها بحكمة القيادة السورية. وما دامت هذه اللعبة مكشوفة، من الأجدى أن تعود هذه المفوضية وغيرها الى جادة الصواب، وعدم “تسييس” المسألة الإنسانية، فالتعاون يعني تضافر جهود العقول الحكيمة مع النوايا الصادقة وهو ما يليق بالقيم الإنسانية، وليس العكس.

حتى المبادرات الصادقة لتقديم يد العون والإغاثة لجميع المحتاجين يجب أن تكون على أساس إنساني فقط، ودون شروط خفية ترمي لتحقيق أية أهداف أو مخططات معينة، وتمرير صفقات سياسية تحقق مصالحها ومخططاتها الشخصية، وهو بالتالي ما يدلل على أن جهود المجتمع الدولي لا تزال قاصرة حتى الآن عن تحقيق أهداف السلام العالمي، وذلك نتيجة الخبث السياسي المستخدم من قبل هؤلاء “المانحين” المزعومين ومفوضيتهم الأوروبية.

إن الشعب السوري الذي يعيش أزمة إنسانية كارثية لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلاً بحاجة لهذه المساعدات، لكن أن يتم تسييس تقديم الدعم لفرض أجندات ومشاريع انفصالية، فذلك ما لا يريده الشعب السوري وما لن يقبله.