مجلة البعث الأسبوعية

بعد إيقاف الصالح مدى الحياة والجدل المثار حول قراراتها.. رئيس لجنة الانضباط في اتحاد الكرة : كل القرارات متناسبة مع حجم المخالفات والقانون فوق الجميع

البعث الأسبوعية-ناصر النجار

أصدرت لجنة الانضباط والأخلاق الأسبوع الماضي قرارها الذي حمل الرقم 33 والخاص بمباريات الأسبوع الأخير من ذهاب الدوري الكروي الممتاز، والذي تأخر صدوره أكثر من شهر بسبب الزلزال العنيف وتداعياته.

ولاقى قرار توقيف المدافع الدولي أحمد الصالح من فريق الجيش مدى الحياة بسبب اعتدائه على الحكم وما رافق هذا الاعتداء من ضرب وشتم وبصق اهتماماً عربياً وعالمياً، وتناقلت الخبر وسائل الإعلام العربية والعالمية بالتفصيل وجاءت التعليقات والتحليلات إيجابية معتبرة القرار ينتصر لكرة القدم ونظافتها وحسن سيرها.

كما عاقب القرار مدافع الجيش مازن العيس ثلاث مباريات لمحاولته الاعتداء الحكم.

والجديد في العقوبات معاقبة أحد مديري نادي الكرامة لإساءته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا يفتح الباب أمام المزيد من العقوبات لكل من يتناول الجهات الرسمية الخاصة بكرة القدم بالشتم والسب والقدح.

كما تضمن القرار عقوبات متعددة للمخالفات المرتكبة في دوري الدرجة الأولى وفي دوري شباب الدرجة الأولى.

في المحصلة العامة عقوبة التوقيف مدى الحياة كانت مفاجأة لكل الجماهير الكروية، وهي من العقوبات نادرة الحدوث ليس في كرتنا وحدها بل في العالم أجمع.

لذلك كان السؤال محقا: لماذا فرضت هذه العقوبة الشديدة وما أسبابها، وعلى أي أساس استندت لجنة الانضباط والأخلاق في إصدارها؟

أيضاً تساءل المراقبون عن العقوبات الإلكترونية وهل ستكون معتمدة لاحقاً، أم إن العقوبة الصادرة بحق مدير نادي الكرامة استثنائية؟ وما هو موقف لجنة الانضباط والأخلاق من إلغاء اتحاد كرة القدم للعقوبات الانضباطية المالية؟ وهل يحق لاتحاد كرة القدم إصدار عفو عن العقوبات الانضباطية وما تداعيات ذلك على الدوري؟

كل هذه التساؤلات وضعتها ” البعث الأسبوعية” على طاولة الدكتور المستشار القانوني فراس المصطفى رئيس لجنة الانضباط والأخلاق في اتحاد كرة القدم الذي أجاب بالتفصيل على كل ما ذكر.

عقوبةٌ تتناسب مع المخالفة

عقوبة المدافع الدولي أحمد الصالح كانت مفاجأة للجمهور من حيث جسامتها فلم تعهد ملاعبنا عقوبة بهذا الأثر فهل هي اجتهاد من اللجنة؟

العقوبة ليست مفاجأة وذلك أن لجنة الانضباط والأخلاق عندما أذكرها فأنا أذكر تحديداً اللجنة الحالية المختلفة شكلاً ومضموناً عن سابقاتها مع التقدير والاحترام للجان المتعاقبة ومَردّ كلامي هذا أنني وجدتُ مبعث الاستغراب قول بعضهم إنه  قد سبق وارتكب بعض اللاعبين ما يماثل فعل أحمد الصالح من المخالفات ولم ينلْ أحدهم مثل هذه العقوبة لذا بدأتُ كلامي أن ما ذُكر لم يكن في عهد عمل لجنة الانضباط والأخلاق الحالية التي بدأت عملها من 31 /7 /2022 فنحن على مسافة من الجميع ، ولدينا منهاج عمل واضح القانون فوق الجميع وأي قرار يصدر عن هذه اللجنة لابد أن يكون  مستوفي الأركان القانونية الممثلة بذكر حيثيات القرار المتضمنة الرد على كل الطلبات المقدمة والتسبيب القانوني للقرار والمواد القانونية التي استند إليها القرار عملاً بالفقرة 5 من المادة 18 لمدونة الانضباط والأخلاق وعقوبة اللاعب أحمد الصالح شأنها شأن أي عقوبة صدرت عن اللجنة، لذا لا اتفق أنها غير مسبوقة، هذا مخالفة استلزمت عقوبة وحتى السلطة التقديرية بتشديد العقوبة ليس بدع من أنفسنا بل تستند إلى المادة 49/2 بما اقتضى الفعل المشين الذي قام به اللاعب أحمد الصالح وخصوصا بعد التأكد أنه أصرّ على فعله بذهابه للحكم بعد المباراة ومحاولة ضربه وتكرار  شتمه والبصق عليه مرة أخرى .

ما الفرق بين عقوبة الحرمان مدى الحياة وعقوبة الفصل من منظمة الاتحاد الرياضي العام؟

أي عقوبة تقررها اللجنة لابد أن يكون قرارها المتضمن هذه العقوبة التسبيب القانوني والمادة التي استندت لها وعقوبة مدى الحياة فيما يخص مزاولة  كرة القدم، أما اقتراح الفصل من المنظمة فهذا أمر عام فقد يكون المُعاقب يمارس لعبة أخرى أو له صفة انتساب للمنظمة كأن يكون موظفاً أو متعاقداً وله صفة ما فيها وقسْ على ذلك، وعقوبة الفصل من المنظمة هي من صلاحيات المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي العام وهو من يقرر ذلك بعد اقتراح من المؤسسات الرياضية التابعة له.

مشاهدات قانونية

بشأن عقوبة اللاعب مازن العيس وحسب مصادر” البعث الأسبوعية” أنه لم يُذكر في تقرير الحكم أو المراقب أن اللاعب قام بارتكاب أي مخالفة، فعلام استندت اللجنة في قراراها بمعاقبة اللاعب العيس؟

استغرب أنك تقول علمت من مصادر أن تقرير الحكم أو المراقب لم يذكر شيئاً عما فعله العيس، لأن العلم هنا لابد أن يكون ظني وغير قطعي الثبوت لأن هذه التقارير تبقى في سرية تامة والأصل أن يطلع عليها فقط المختصون ذو الصلة ومع ذلك للإحاطة فإن اللجنة ذكرت في قرارتها أنها بعد الاطلاع على تقريري المراقب والحكم إضافة للمشاهدات القانونية من وسائل الإثبات لدى اللجنة إضافة على من يقع عليهم عبء إثبات المخالفة والتي تعتمد عليها اللجنة خصوصاً قد يكون أغفلها الحكم في موقف الذي حصل على مرأى ملايين من المشاهدين وثبت بأن اللاعب العيس كان مبتدأ الهجوم على الحكم محاولاً الاعتداء عليه الذي سبق بثوانٍ اعتداء اللاعب أحمد الصالح وهذا يعد سلوكاً شائناً وحسب المادة 31/3 يوقف اللاعب ثلاث مباريات وقد تصل إلى عام كامل، ولكون اللاعب العيس استدرك خطأه حين وقع الاعتداء من اللاعب الصالح أن حاول إبعاده عن الحكم وتدارك أي مشكلة جديدة قد تنجم عن هذه الحالة فقد اعتمدت اللجنة الحكم المخفف في هذه الحالة.

وسائل التواصل

فوجئنا بعقوبة المدير التنفيذي لنادي الكرامة كونه أساء على مواقع التواصل الاجتماعي وهذه سابقة بقرارات اللجنة؟

نؤكد أن أي قرار له مسبب قانوني ومستند من لائحة الانضباط والأخلاق والمادة السابعة واضحة وصريحة أنه في حال ثبوت إساءة بالقول أو الفعل إلى هيئات الاتحاد او لجانه يتم اتخاذ إجراء قانوني ، وذلك حسب الإجراءات التأديبية المنصوص عليها وهذا فقط يسري على من يقع تحت صلاحيات لجنة الانضباط والأخلاق فليس للجنة معاقبة كل مسيء على المواقع فكل من ينتسب إلى الأسرة الكروية من اتحاد وروابط تسري عليه لائحة الانضباط والأخلاق، لذلك ثبتَ بالأدلة الإساءة بالفعل من مدير الفريق بنشره صورة قرار عقوبة نادي الكرامة وهي خسارة الفريق صفر/3 قانوناً مع فريق نادي جبلة نتيجة إصابة حكم التماس مع منشورٍ فيه إساءة وكلام غير أخلاقي تجاه مُصدريّ القرار.

خطأ طباعي

الاتحاد أصدر بعد اجتماعه مع رؤساء الأندية تعميماً يتضمن موافقته على إلغاء العقوبات الانضباطية المالية، ما قانونية هذا القرار خصوصاً أنكم شركاء في هذا القرار؟

بخصوص ما ورد في التعميم أجزم أن ذلك خطأ غير مقصود في صياغة القرار  لأن الاتحاد منذ انتخاب  لجنة الانضباط والأخلاق يتعاطى معها بشكل قانوني واحترافي من خلال استقلالية قراراتها حسب ما تنص مواد النظام الأساسي للاتحاد العربي السوري لكرة القدم والآسيوي والدَولي وعليه فإن أي قرار يصدر بشكل قانوني من اللجنة المختصة ، وعليه لا يوجد جهة أخرى غير التي اصدرته لها الحق بتعديله أو إلغائه سوى إن وجدت درجة التقاضي الأعلى كما هو الحال بين الانضباط والاستئناف، وعليه فإن العقوبة لم تلغ إنما تم إعفاء المخالف من الغرامات المالية من قبل الجهة المسؤولة عن تحصيل هذه الغرامات، واللجنة مع استقلالية قراراتها إلا أنها حسب النظام الاساسي تعمل لمصلحة الاتحاد أي لمصلحة الكرة السورية وعليه فإن الاتحاد يبذل كل ما بوسعه لتسهيل عمل اللجنة بتطبيق مواد لائحة الانضباط والأخلاق وتكريس العدالة بتعاطيها القانوني مع الجميع ليكون الاتحاد وكل لجانه على مسافة واحدة وفقاً للائحة .

عفو منتظر

البعض يشير ويشيع  أنه هذه العقوبات هي لذر الرماد في العيون كونه يتداول  في الشارع الكروي أن عفواً سوف يصدر قبيل استئناف الدوري أسوة باتحاد كرة السلة وإن صدر ماهي قانونية هذا العفو حال صحت الأنباء؟

فكرة العفو أطمعت الكثيرين وعليه لابد من البيان أنه لا يوجد نص قانوني يسمح بالعفو فهذا يخالف اللائحة حسب المادة 51 ويخالف النظام الأساسي للاتحاد العربي السوري لكرة القدم والآسيوي والدولي، ولا يوجد أي مادة في النظام الأساسي للاتحاد تسمح بذلك وسبق أن قلتُ لك إن مجلس الاتحاد الموقر مشكوراً يبذل غاية عنايته لإنجاح عمل اللجنة وانفاذ قرارتها وحراسة هذه القرارات لبسط ثقافة الانضباط والأخلاق في ملاعبنا بحسب اللائحة ، وهذه الأزمة والنازلة المتمثلة بالزلزال والتي نتج عنها آثارٌ سلبيةٌ على الحجر والبشر تجعل الأمناء على الرياضة أكثر التزاماً بالقانون  لا أن نجعل من هذه النوازل سبيلاً للتفلت من الضوابط القانونية والأخلاقية فإن أُمنت العقوبة أسيء الأدب وعليه فإن  الاتحاد لا يخالف نظامه الداخلي فضلاً عما ذكرته آنفاً ، فلو افترضنا أن الاتحاد خالف نظامه  الأساسي الذي انبجست عنه لائحة الانضباط والأخلاق والنظام الأساسي للاتحادين الدولي والآسيوي وصدر فهذا يفتح باباً يجرح بعدالة الاتحاد فضلاً عن عدالة اللجنة فنادي الجزيرة على سبيل المثال لا الحصر هبط إلى الدرجة الأدنى نتيجة عقوبة انضباطية فله أن يعود إلى المشاركة في الدوري بناء على هذا العفو أسوة بالمخالفين الآخرين ونادي المجد كذلك وقسْ على ذلك،  فهذا يؤدي بالضرورة إلى إفشال المسابقات وغاية الاتحاد هو إنجاح المسابقات .

مساحة للنقاش

ماهي قراءة رئيس لعمل لجنة الانضباط والاخلاق بعد مضي أكثر من سبعة أشهر على انتخابها، وهل حققت شيئاً من الأهداف التي وضعتها في خطة عملها ؟

في الحقيقة أنا راضٍ عن عمل اللجنة رغم المكابدة والمغالبة في أمور كثيرة صاحبت العمل من أمور يعلمها الجميع ما ينعكس على المشهد الكروي ككل، لذلك اقترح فتح مساحة للمناقشة لشرح ثقافة الانضباط وفقه الأخلاق الرياضية لأنه إذا كانت المناقشة أقل مساحة من الكلام تحول كلامي هذا إلى وعظ وهذا الأمر تجده في المدارس والجامعات، ونحن لا نريد من الجمهور الرياضي الاستماع فقط وتلقي القرارات دون علم بها أو فَهمٍ لمدلولاتها  وهذا خطأ كبير ، لذلك لابد من تثقيف الجماهير بالمناقشة وانشاء ندوات وحوارات تلامس الوجدان الرياضي للجمهور، مع شرح للائحة الانضباط والأخلاق سواء بشكل مباشر أو بتقنية الفيديو حسب خطة عمل اللجنة الموضوعة وما تقتضيه الضرورة فنحن أحوج ما نكون إلى التثقيف الذاتي المحبب.

خطة عمل

كنتم قد وضعتم خطة عمل متضمنة الأهداف والآليات للوصول إليها أمام مجلس الاتحاد فما هو القادم من الاستكمال لها ؟

الخطة ذات جانب نظري نتحدث فيه عن شرح مواد لائحة الانضباط والاخلاق من خلال قراءة عن كل ما يخص هذا الأمر، وجانب تطبيقي من معاينة المخالفات وكيفية التعاطي معها وتعايش ردود أفعال الجماهير والمسؤولين عليها، فلائحة الانضباط والأخلاق بسيطة جداً لكن بنفس الوقت هي عصيّة على الإدراك عند بعض الجماهير، وأنا أحترم وأتفهم  التفاوت الفطري عند الجماهير باستقبال المعلومة لذا علينا أن نتعامل مع الخارجين عن النص إلى جانب تطبيق القانون ، وأن نبذل المزيد من المعرفة التوجيهية لتكريس الثقافة الانضباطية والأخلاق الرياضية في ملاعبنا .

فالجمهور على نوعين لا ثالث لهما منضبط بالقانون وخارج عنه فالرحمة بالمخالفين تكمن بالمثابرة على تطبيق القانون لا تضييعه.