مجلة البعث الأسبوعية

نظم إدارة المشاريع.. طرق علمية ممنهجة لتجاوز إخفاقات الماضي

“البعث الأسبوعية” بشير فرزان

تطفو مخاوفنا حول تكراراخطاء الماضي فيما يخص هدر المال العام والاستهانة بعامل الزمن في انجاز مشاريعنا وخططنا التنموية ، وعدم الاستفادة المثلى لمواردنا الخام ، هواجس دفعت الباحثين والمختصين لطرح نظم إدارة المشاريع على طاولات البحث العلمي وكيفية تجاوز اخفاقات المشاريع لسابقة وإيجاد الحلول لها في مرحلة مابعد الحرب “التي أصبحنا على أبوابها ” وتفرض علينا متطلبات وجهود استثنائية في جميع المجالات والاختصاصات ،  ففي خضم انشغالنا بالمشاريع الاقتصادية وإعادة البناء وتفعيل المصانع وإعادة دورة الحياة الاقتصادية لمجتمعنا ، لابد أن نعلم بأنه لايمكن التحدث عن البناء الا بعد وضع هيكل  تنظيمي يوازن بين جميع هذه المتطلبات ، ومن هنا يمكننا الاشارة الى اهمية ادارة المشاريع في  تقديم منتج أو خدمة ما بهدف تحقيق تغيير مفيد و إيجاد قيمة مضافة.

تأهيل وتدريب

تتطلب عملية النهوض بإدارة المشاريع تقنيات فنية وعلمية لتحقق الغاية المرجوة منها ، ويرى خبيرالإدارة الهندسية محمد العمار أن أهم مرحلة لهذه العملية ترتكز على عمليات التدريب والتأهيل بأساليب حديثة ودقيقة لجميع الكوادر القائمة على المشاريع بكافة المجالات و ضمان رفع وعي الاطراف المشاركة بأهمية عمل مجموعات العمليات المتدرجة للمهام كمجموعة عمليات البدء ورفع سوية هذه الأطراف في المشاريع لتكون قادرة على إدارة المجالات المتعددة ، وترى الدكتورة هبا قصوعة “الهندسة المعمارية” أن إدارة المشاريع  لاتحتاج لما سمته “إعادة اختراع الدولاب لأن هناك العديد من النظم المتكاملة التي تصب في هذا السياق وهي لاتحتاج إلا الى التنفيذ والبدء بمنهجية واضحة تحدد الية عمل هذه المشاريع فجميع هذه النظم تبدأ بالتأهيل والتدريب وتوضيح الصورة للخطوات المرسومة للمشروع بشكل دقيق امام المشاركين فيه .

غياب المعايير

تتطلب عملية انجاز المشاريع مجموعة من الأنشطة المنسقه والدقيقة لتحقق الأهداف المرجوة ، بما فيها ذلك عامل التكلفة والوقت وتامين الموارد،وهنا يؤكد العمارغياب  تطبيق  المعايير والمنهجيات المعتمدة لإدارة المشاريع في سورية حيث انعكس ذلك بخلل واضح  في تلبية متطلبات المشاريع  سواء من حيث الكلفة أو الزمن  أو الجودة، وفي كل الأحوال فان الإصلاح المكتبي ” الإداري ” لهذا الخلل ليس واردا على الإطلاق ، فالفوارق بين ماهو موجود على الطاولات يختلف تماما على الانجازات في الواقع وكثيرا مانجد ان الرقم الاستثماري اكبر من الرقم الإنتاجي ،  لذلك لانستطيع أن نفكر بالعودة إلى الوراء والقيام بعملية اصلاح اداري لكن يمكننا من التركيز على طريقة الادارة في العمل الميداني وورشات العمل لتحقيق المطلوب.

تحديد الصلاحيات

تتعدد المسميات لنظم ادارة المشاريع لكن جميعها ترتبط بتسلسل عمليات التنفيذ ،حسب الخبير الإداري ممدوح رستم  وذلك كخطوة أساسية فهناك عملية ادارة تكامل المشروع والتي تعتبر من أهم عوامل نجاح أي مشروع وهي تعني حرص المدراء على التعاون ونقل الخبرات والمعلومات للجوانب المختلفة في المشروع من اجل ضمان  القدرة على تامين جميع العناصر اللازمة لإكمال المشروع في الوقت المناسب و تحديد الأهداف والمسؤوليات لكل موظف، بما في ذلك تحديد صلاحيات مدير المشروع وأصحاب المصلحة الاساسيين ،أما الخطط والقرارات التي تُعتمد في أي مشروع فهي تعتبر مرجعاً اساسياً خلال عملية التقييم وذلك بالتعاون بين مختلف التخصصات المتعلقة بالمشروع بصورة متكاملة ومترابطة.

تبديد المخاوف

في كل عمل هناك متغيرات طارئة تحدث نتيجة الظروف المحيطة به تظهر خلال عملية التنفيذ فيختلف تخطيط المشروع عن واقع تنفيذه وربما هذا مايسمى بالعامية  مفهوم “حساب السوق وحساب الصندوق و الذي تتميز به مشاريعنا السابقة والتي لم تعتمد نظم ادارة المشاريع العلمية ،حيث يوضح رستم أن عملية التنفيذ تعتمد على مخرجات كل مرحلة وتقييم اداء العمل فيها والإشراف على مراحل تنفيذ المشروع ومقارنته بالمعايير المعدة مسبقا من أجل تقييم التغيير في أي جزء من خطوات ادارة المشروع ومعرفة إن كان بحاجة لتعديل ما أم أنه ينفذ وفق المطلوب ،أي انه يتم  التعرف على الجزء المراد تغييره وتقييمه  ضمن إدارة التغيير ، ويتابع يجب في كل مرحلة التأكد من سير العمل ضمن الخطة المرسومة لتتكامل جميع أجزاء المشروع بشكل رسمي ومنظم.

اطراف

يحمل التنسيق والتناغم بين اطراف المشروع قيمة هامة لنجاحه اذ لابد من اعطاء الفريق رؤية دقيقة لتوجيهه حول مستجدات العمل من معوقات ومستلزمات للتحكم بالمشروع وتحديد المجالات التي تتطلب  مزيد من الاهتمام ، وبحسب العمار لابد من إخضاع المشروع للمراقبة لتحديد الانحرافات عن خطة ادارة المشروع من خلال متابعة العمل والجدول الزمني له الى جانب ضبط التكلفة و الجودة و الاتصالات ،  للتحكم بمخاطر  إدارة المشروع الذي يعتبر عملية مقيدة لتحقيق مجموعة من الإنجازات المحددة لتصل إلى معايير الجودة والمتطلبات ضمن مدة زمنية وتكلفة محددة .

تخطيط استراتيجي

يستوقفنا الحديث عن ادارة المشاريع امام فشل مؤسساتنا المختلفة بتحقيق مشاريعها التنموية والسكنية وغيرها من المشاريع التي لم تحقق الا مرحلة الانفاق على المشروع دون انجاز حقيقي ومتكامل وبكل الاحوال هي لا تخضع لمفهوم الوقت والجودة ، ويرى  العمار انه ليس هناك مبررا في نظم ادارة المشاريع لتلك الاخفاقات فعملية التخطيط الاستراتيجي للمشاريع تتضمن دراسة لنقاط قوة وضعف المؤسسة الداخلية و دراسة الفرص والتهديدات ، كما يتطلب التخطيط الاستراتيجي من المؤسسة التعرف على المشاريع المحتملة القابلة للتنفيذ، وفي الغالب تكون هذه المشاريع عديدة ولا نستطيع تطبيقها جميعا بسبب محدودية الموارد ولذا يتوجب علينا دراستها بشكل واقعي وباستخدام قيود واضحة لتحديد المشروع القائم ،وهنا يكون دور مجموعة عمليات البدء في التعريف وصياغة المشروع و مايحتاجه من موارد مالية وبشرية ، بالإضافة إلى صياغة الاهداف وصقلها وتطوير مسار العمل المطلوب لانجازها.

توثيق

تعتبر ادارة تكامل المشروع  مجموعة من الادوات والتقنيات  والمهارات وهي علم قائم يربط مابين معايير الكلفة والجودة وإدارة الموارد البشرية والاتصالات ليمكنها من النهوض بمشروع ما ،لكن العمار ينوه الى ان مرحلة الانتهاء من المشروع تعتبر من المراحل الهامة لعملية التوثيق وتدوين الملاحظات حول العقبات التي مر بها المشروع وكيفية تجاوزها بالإضافة الى تدوين ملاحظات حول اصحاب الكفاءات العالية التي استطاعت ان تقدم بصمتها الخاصة لانجاح العمل .