مجلة البعث الأسبوعية

أصعب رمضان بانتظار الصائمين هذا العام .. ارتفاع غير مسبوق بأسعار المواد الغذائية الخاصة بالمائدة الرمضانية!

البعث الأسبوعية- غسان فطوم

على غير العادة لا تشهد الأسواق في المحافظات حركة كبيرة تدل على قدوم شهر رمضان الذي سيطل علينا اليوم أو غداً، فطقوس الشهر الكريم فقدت الكثير من رونقها وعاداتها وتقاليدها، فقبل سنوات كنا نشهد قبل أيام قليلة من حلول الشهر المبارك كثافة ملحوظة وازدحماً شديداً للمتسوقين على شراء الحاجيات والمستلزمات، فالأسعار كانت في متناول الجميع، لدرجة أن أصحاب المحال التجارية كانوا يتفننون في عرض منتجاتهم ويتنافسون فيما بينهم في جذب المستهلكين عن طريق العروض المغرية.

جيوب محروقة!

في هذا العام على وجه التحديد تلاشت صور الأسواق المزدحمة، فغلاء الأسعار سرق البهجة من القلوب وأحرق الجيوب، فكل أكلات رمضان المفضلة (حمص وفول وفلافل واللحم بأنواعه والتمر والحلويات والعصائر الخاصة بالشهر وغيرها ..) كلها طالها الغلاء بشكل جنوني يجعل الصائمين من ذوي الدخل المحدود في حيرة من أمرهم في تدبير حاجاتهم على موائد الإفطار والسحور، والأرقام تشير اليوم لنسب غلاء كبيرة، فعلى سبيل المثال كان كيلو لحمة الخاروف في رمضان الماضي بـ 30 ألف أما اليوم فهو بـ 80 ألف، ولحم العجل كان بذات العام بـ 25 ألف بات واليوم بـ 70 ألف، أم الفروج الحي فكان سعر الكيلو بـ 12 ألف أصبح سعره اليوم بـ 18 ألف، وصحن البيض كان بـ 10000 آلاف صار بـ 24 ألف، والبصل الذي هو مادة أساسية في طبخات رمضان كان بـ 2500 أصبح سعره الآن في صالات السورية بـ 6000 ليرة، بعد أن وصل في الأسواق إلى 14 ألف ليرة وأكثر!.

قد ترتفع أكثر!

خبراء الاقتصاد يتوقعون أن ترتفع أسعار المواد الغذائية خلال شهر رمضان خاصة السلع المطلوبة في الشهر كاللحوم والأجبان والألبان والبقوليات وحتى الخضروات، كما أشار بعضهم إلى حدوث العكس كمقاطعة بعض السلع والمواد كاللحم بأنواعه وغيرها من السلع نتيجة ضعف القدرة الشرائية عند الغالبية الساحقة من المستهلكين.

اسم دون فعل!

فيما يتعلق بالرقابة على الأسعار يقول المواطنون أن “حماية المستهلك” حاضرة بالاسم وغائبة بالفعل في أشارة إلى حضورها الخجول في الأسواق التي تخضع لمزاجية البائع الذي لا يعترف بالسعر المحدد، وللدلالة على ذلك ذكر أحد المواطنين أنه اشترى فروج بروستد من حي الشيخ سعد بمنطقة المزة بدمشق مع مستلزماته بـ 75000 ألف ليرة، بينما تسعيرته الرسمية بـ 50 ألف ليرة، متسائلاً : كم سيصبح سعره في شهر رمضان؟، فيما بلغ كيلو الصفيحة (لحمة بعجين) 120 ألف ليرة!.

الرحمة يا ناس

المواطنون طالبوا بتكثيف (الدوريات التموينية) خلال شهر رمضان من أجل وضع حد لهؤلاء الجشعين الذين لا يحترمون حرمة الشهر الفضيل، ولا يشعرون بمعاناة الأغلبية الساحقة من المواطنين الذين وصلوا إلى وضع معيشي صعب غير مسبوق نتيجة غلاء الأسعار، داعيين للتكافل الاجتماعي والرحمة لمواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة.

أصعب رمضان!

ولم تترد إحدى النسوة بالقول “كان الله بعون الصائمين”، مشيرة إلى  أن رمضان الحالي سيكون أصعب رمضان يمر على السوريين نظراً للغلاء الكبير، متسائلة: هل يعقل أن تباع الخسة الواحدة بـ 3000 ليرة، وربطة البصل الأخضر بألف، وكيلو التمر من النوع العادي بـ 12 ألف ليرة والممتاز بـ 18 ألف ليرة وأكثر؟!، وأضافت كنا نمني النفس بأن تعلن الجهة المعنية عن أسعار مخفضة لبعض السلع كالطحين والسكر والرز والبقوليات والأجبان وغيرها من احتياجات الشهر الفضيل!.

حتى الأكلات الشعبية!

القرار الأخير برفع أسعار الأكلات الشعبية كالحمص والفول والفلافل يعتبر بمثابة ضربة موجعة للصائمين بحسب رأي أحد المواطنين كون هذه الأكلات شعبية ولا غنى عنها على مائدة الإفطار، لكنها اليوم ستصبح نادرة، إذ وصل سعر كيلو الفول المتبّل الجاهز بلبن أو حمض إلى 14 ألف ليرة سوريّة والحمّص (المسبّحة) إلى 15 ألف ليرة، في حين وصل سعر كيلو الفول المسلوق بـ7 آلاف ليرة والحمّص بـ8 آلاف، أما قرص الفلافل فيباع بـ 300 ليرة، وسندويشة الفلافل قد تصل لـ 3000 ليرة وأكثر بحسب حجمها!

سلل غذائية

وانتقد البعض السلل الغذائية التي تبادر إلى طرحها السورية للتجارة في شهر رمضان، مؤكدين أن أسعارها لا تفرق كثيراً عن أسعار السوق، وموادها أقل جودة وبعضها قد يكون منتهي الصلاحية، والبعض شبّه تلك السلل “بتصافي” المحال التي يحاول أصحابها التخلص منها من أجل وضع بضاعة جديدة

فيما طالب آخرون بزيادة أسواق رمضان الخيرية واعتبروها أفضل من مبيعات السورية للتجارة، لجهة النوعية والسعر، وتمنى البعض أن يتم توزيع سلل غذائية مجانية للأسر المحتاجة، وخاصة للمتضررين من كارثة الزلزال الأخير.

يا حسرة

صاحب محل لبيع الفول والحمص في حي الميدان يتحسر على أيام المسحراتي الذي كان يوقظ الناس الذين كانوا كريمين معه ولا يبخلون عليه من خيرات وكرم رمضان حتى الفقراء منهم، أما اليوم فلم يعد موجودا، فالناس “يادوب تمشي حالها” على حد قوله نتيجة غلاء المعيشة وفقر مائدة رمضان بالكثير من الأطعمة التي كانت تزينها وتفيض عن حاجة الصائمين.

الإقبال قليل!

وأثناء الجولة على الأسواق اعترف أصحاب المحال أن الإقبال على الشراء ضعيفاً جداً قياساً بالعام الماضي، وذكر أحدهم أن الناس كانت تتسوق سابقاً قبل حلول شهر رمضان بأيام قليلة بكميات كبيرة من مستلزمات الشهر كالرز والبرغل والمربيات والسكر والشاي وحتى الحلويات، أما اليوم فانخفضت الكميات إلى أقل من النصف نتيجة غلاء الأسعار، مشيراً إلى أن كيلو الرز القصير كان سعره 3500 ليرة في رمضان الماضي، أما سعره اليوم وصل لـ 8500، والرز الطويل كان بـ 8000 أصبح بـ 18000 ألف ليرة، وقس على ذلك لأسعار بقية المواد الغذائية التي تحتاج لدخل شهري لا يقل عن مليون ليرة وأكثر.

خجولة جداً

بصراحة في جولتنا على أكثر من سوق لم نلحظ أي أثر لوجود رقابة تموينية حتى أن الكثير من المحال لا تتقيد بنشر التسعيرة الرسمية في مكان بارز، علما أن من يتابع تصريحات المعنيين في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك يخيّل له أن أمور الأسواق بألف خير، لكن على أرض الواقع يرى أن المراقبة خجولة جداً، وأن المحاسبة لا تطال إلا الباعة الصغار في الأسواق الشعبية، أما كبار التجار وأصحاب المحال التجارية الكبيرة ومحال الفروج الحيّ والجاهز لا أحد يطالهم، لأنهم “مدللين” على حد قول العديد من المواطنين في إشارة منهم إلى البعض من ضعاف النفوس في المراقبة والمحاسبة الذين يغضون الطرف عن المخالفات، وهذا ما يتناقض مع توجيهات رئاسة مجلس الوزراء في ضبط الأسواق لجهة الأسعار وجودة المواد وصلاحيتها للاستهلاك البشري.

بعد هذا الغلاء والفوضى في الأسعار بات المواطن على قناعة تامة أن ضبط الأسواق لا يتم باتخاذ الإجراءات وإصدار التعاميم الورقية إلى مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك في المحافظات ودعوتها لضبط حركة الأسواق ومتابعتها للوقوف على توفير المواد الغذائية والاستهلاكية الضرورية للمواطنين بأفضل المواصفات والأسعار المناسبة ولاسيما المتعلقة منها بمائدة رمضان، وإنما يحتاج لفعل المحاسبة الفوري لكل مخالف لا يحترم القوانين، ولا حرمة وطقوس الشهر الكريم ، فهل نشهد تعاملاً مختلفاً مع المتلاعبين بقوت المواطن واستغلال كرمه في شهر الخير أم تبقى الرقابة مجرد كلام يطلق في الهواء؟!.