اقتصادصحيفة البعث

لا عزاء لفلاحينا لهذا الموسم!!

حسن النابلسي

صفعة من العيار الثقيل تلقاها مزارعو القمح أمس لدى إعلان الحكومة تسعيرة شراء كغ القمح بـ 2300 ليرة سورية فقط لا غير!

تسعيرة لا تغطي تكاليف مستلزمات الإنتاج المقدرة بضعفي سعر الشراء، ما أثار بالتالي حفيظة الفلاحين ممن باتوا يرون ذهاب تعبهم سدى، وتمتمتهم بعدم الاهتمام بزراعة هذا المحصول الإستراتيجي، كما أثار حفيظة الاقتصاديين ممن لم تسعفهم كلماتهم عن التعبير عن هذا السعر غير المتوقع إلا بالقول: “تخبط حكومي”!

إذا ما علمنا أن الحد لأدنى لسعر الشراء المنطقي المواكب لحالة التضخم وللسعر العالمي هو 4000 ليرة، فإننا نرى أن تحديد الحكومة سعر الشراء بـ 2300 ليرة  يأتي ضمن سياق “وأد توطين زراعة القمح”، وتعبيد الطريق أمام المستوردين لإبرام الصفقات المدرة ذهباً في وقت تتصارع فيه دول العالم على ما يعرف بأس “الأمن الغذائي”!

إن التحدي الأبرز أمام الحكومة اليوم هو تحقيق الأمن الغذائي من خلال المحافظة على إنتاج القمح أولاً، والعمل على رفع كمية إنتاجه ثانياً، لما يمثله من عصب أساسي لمنظومة الأمن الغذائي من جهة، ولدوره كسلاح ردع أمام أي ضغط سياسي من قبل الدول التي تُصدّره على الدول التي تستورده من جهة ثانية؛ كما أن الحكومة بتحديدها لهذا السعر تكون قد ضيقت أمامها خيارات سد الطلب على القمح عن طريق الإنتاج المحلي في ظل الظروف الحالية من حروب واضطرابات، ومثل هذا السعر الهزيل سيخرج الكثير من الفلاحين من دائرة الإنتاج!

وبمناسبة الحديث عن الخيارات.. تجدر الإشارة إلى أنه بالإمكان التوسع بإنتاج القمح عن طريق إتباع سياسات محلية ومستدامة وتطوير أنواع البذار المقاوم للجفاف وذات الإنتاجية العالية، كما أنه لا ضير من الاعتماد على القطاع الخاص الجاد في عملية التنمية، من خلال التشجيع على تأسيس شركات وطنية خاصة ذات استقلال مالي وإداري تستثمر أراض زراعية في الدول التي تحوي مساحات شاسعة غير مستثمرة لاعتبارات خاصة في تلك الدول. لكن على ما يبدو فإن الحكومة بتسعيرتها المتواضعة قد حسمت خيارها ونأت بنفسها عن دعم وتوسيع زراعة محصول القمح، ولا عزاء لفلاحينا بما سيتكبدونه من خسائر هذا الموسم!

hasanla@yahoo.com