ثقافةصحيفة البعث

“حكي من وادينا” للشاعر عبد الكريم معماري.. شعر محكي بحوارية شعبية

البعث – نزار جمول

صدر ديوان “حكى من وادينا” للشاعر عبد الكريم معماري الذي كتب الشعر الشعبي بأشكاله وبأنواعه المختلفة منطلقاً من بلدته الحصن كما شارك بعدة نشاطات خلال دراسته الجامعية فألف مسرحية، ثم عاد ليكتب الشعر لفترات متقطعة حتى العام 2021 الذي كتب فيه الشعر الوطني والتاريخي والغزلي. واهتم المعماري بكتابة الأدب الشعبي بكل أشكاله “المعنّى، القرّادي، القصيد، الموشّح، الميجانا، العتابا، والشعر المحكي” ، وفي ديوانه “حكي من وادينا”، تناول كل ما يحدث في بيئته “قريته مدينته ووادي النضارة، ووطنه الكبير سورية”، فلم يترك أية قضية إلا وكتب عنها فالتقط الصور الشعرية من هذه البيئة ومن الوطن بكل مكوناته، وصاغها شعراً بطريقته ولغته الجميلة والسهلة المعبرة واستخدم كلمات محلية قدم من خلالها لغة الناس بحوارية شعبية مفهومة فهي تشبه مجتمعه، كما اختار لنفسه عناوين القصائد من بيئته مثل “كمشة حكي، أمثال شعبية، تحت الشتي، صباحيات وأهل الوفا، وقدام شباكي، شو العيب يا أمي”، وغيرها من حكايات النسوان وسلوم وعيسى وكورونا والحجر والبير وحيط الحير..! ولم ينس الشاعر وطنه، حيث كان بأية مناسبة وطنية لها نصيب من قصائده مثل “موطني الموجوع، مشي سورية، بلادي الحلوة، صف العسكر، الشهادة وغيرها”.

وتغنى المعماري بوادي النضارة وقراه وبلداته مثل الوادي والحصن وهونيك ضيعتنا، والناصرة ومرمريتا وبحور وغيرها، وخصص أيضاً في قصائده مكاناً لأبيات العتابا وأخرى لتكريم شخصيات من الوادي، ويعتبر التنوع في قصائده من حيث الشكل والبنية والموضوعات المتنوعة ولغتها وموسيقاها جعل منه شاعراً شعبياً متميزاً مع أنه كتب الشعر الفصيح.

وبعول الدكتور جودت إبراهيم الذي قدم ديوان”حكى من وادينا” على هذه التجربة بالكثير من الغنى الثقافي والروحي، مشيراً إالى أن هذا الشعر كتب بلهجات متعددة وبأشكال متنوعة، واعتلى المنابر شعراء زجلّوا شعرهم بفرق للزجل، وبين إبراهيم أن هذه الجمعية كان لها دور هام في إغناء تجربة الشعر المحكي الزجلي كما كان لشعراء وادي النضارة دوراً بارزاً بين كل الشعراء قياساَ لما قدموه في هذا النوع من الشعر، وأوضح إبراهيم أن الأدب الشعبي إن كان زجلاً أو قصصاً أو بالعتابا والميجانا وغيرها، سيبقى لمنطقة الوادي ثقافة مختلفة ومتنوعة لأن الأدب يصور الشعب وهو ذاكرته وثقافته.

ويؤكد إبراهيم أن تجربة كل هؤلاء الشعراء الغنية جداً الناجحة في تحريك الناس في مجتمع وادي النضارة والتعبير عن مشاعرهم ومناسباتهم وقضاياهم، مبيناً أن كل ذلك ترك الأثر في الأجيال التي استمعت إليهم لينشأ جيل جديد محب للشعر والأدب، ولتبرز في الوادي أجيال متتالية من الشعراء، منهم من كتب الشعر الفصيح أو المحكي، ومنهم الآخر من كتب القصة والمسرح والرواية وأشكالاً أخرى من الأدب ونقده.

وتنامى الشعر المحكي الزجلي كأهزوجة شعبية عبر تجربة غنية وثرة، واتسمت هذه التجربة بالعفوية، حيث نظم شعراؤها وألفوا بقصائدهم بشكل فطري، فهو نوع من الأدب الشعبي، أو الزجل الحديث، إن صحت التسمية، إذا قسناه إلى الشعر الحديث، وهو حالة وسط ما بين الشعر العربي الحديث والزجل، لأنه يشبه الشعر الحديث من حيث كونه يشبه شعر التفعيلة، ولا يلتزم بنظام الأشطر والأبيات المعروفة بأنواع الزجل الأخرى، ويشبه الزجل من حيث كونه يُكتب باللهجة العامية المحكيّة غير الفصيحة، ولكنها تقترب أحياناً من الفُصحى، هي لغة الناس في منطقة من المناطق.