سورية القيم والمبادئ قــويــة دائمـاً
د. عبد اللطيف عمران
من الواضح تماماً أن العدد الأكبر من أبناء سورية، كان ولاتزال لديه الرغبة بأن تتعامل القيادة السياسية بحزم، وحسم أسرع وأقوى وأوسع مع هؤلاء الذين عبثوا بأمن البلاد واستقرارها، وبرغبة الأجيال بترسيخ مناخ الهدوء والطمأنينة والتفاؤل المعروف لدى الشعب السوري في كنف من العيش المشترك الذي قلّ نظيره.
وهذه الرغبة الاجتماعية والجمعية الغالبة متصلة بالمطالبة بمشروع الإصلاح الشامل، وبالانتصار لهذا المشروع وإنجازه في أقرب وقت بقيادة الرئيس الأسد، وها هو المشروع موضع التنفيذ، يمضي قدماً وفق جدول زمني معلن ومعروف.
لكن القيادة السياسية، وعلى مايبدو كان لها رأي آخر، يختلف عن هذه الرغبة، وينطلق من استراتيجية الثقة العامة بكافة أبناء الشعب، فتعاملت ببعد نظر، وبهدوء وروية وتراخ في الزمن، انطلاقاً من ألاّ يواجه الشعب بعضه بعضاً، فسورية شعب واعٍ وملتزم، وأغلبه منظّم في أحزاب وطنية ونقابات ومنظمات ومؤسسات مستقرة للمجتمع المدني والأهلي، وهذه الأغلبية الساحقة تدين بقوة، وجاهزة لكافة أشكال التصدي للعابثين والمخربين والمجرمين.
ومن الواضح أيضاً أن العابثين والمخربين والمهربين والمجرمين هم أعداء الإصلاح والحوار والوفاق الوطني، وهم تنظيم مشبوه، وحركة مضادة لمنطق الإصلاح والتطوير والتحديث، فسورية شعباًَ وقيادة تحارب الإرهاب، وهي لم تواجه عزّلاً، بل أصحاب المناجل والسواطير والسيارات المفخخة الذين حرقوا ودمروا الممتلكات العامة والخاصة وقطعوا الطرق وأجساد الأحياء والأموات، إنها تحارب أعداء الحضارة، والأحاسيس الإنسانية والوطنية والاجتماعية، وقيم الأديان ومبادئها، وهؤلاء حقيقة غريبون عن قيمنا ومبادئنا وأعرافنا، فهل ممنوع محاربة الإرهاب؟!
لذلك عملت سورية بدقة وهدوء على عزل الجماعات الإرهابية المسلحة، وعلى درء خطرها -ما أمكن- على الشعب والمجتمع والدولة، انطلاقاً من واجب الدولة في حماية أمن المواطنين والوطن هذا من جهة، ومن جهة ثانية تم ذلك بعد الاعتراف بالرغبات والمطالب المشروعة، وبعد إطلاق مشروع الإصلاح الشامل والواضح الذي لا شك سينجح، وسيؤدي إلى تجاوز الأزمة الراهنة، وإلى تلبية مطالب الشعب، وتحقيق الأمن والاستقرار، وتعزيز وتطوير بنية المجتمع والدولة.
إلّا أن أعداء الوطن والعروبة في الداخل والخارج – وكالعادة- يزعجهم أن تبقى سورية قلب العروبة النابض، وحصن الأمة المنيع، تنتصر دائماً على كافة أشكال الضغوط والتهديد بالحصار والعزل، والخروج من كل أزمة محلية وإقليمية مفروضة بالتدخل الخارجي أقوى دوراً، وأكثر حضوراً. فكلما تكشّفت الحقائق، وفشلت خطوات التآمر والافتراء واحدة تلو الأخرى، ازدادوا غيّاً وغيظاً وتآمراً وارتباطاً بالأجنبي.
فمتى كان المجتمع الدولي نصير قضايانا المشروعة، ومتى كان الغرب نصيراً لحقوق شعبنا وأمتنا، ومتى كان تجار الحروب، والرأسمالية المتوحشة والبترودولار… في حرص على أوطاننا؟!، وهم مستمرون في استهداف الشعب والدولة، وأفعالهم وأهدافهم واضحة في زرع الفوضى وتدمير الدولة والمجتمع.
وفي هذا السياق يأتي تجاهل الوثائق والوقائع التي قدمتها سورية وتثبت فيها بدقة ووضوح وحشية الذبح والحرق، والإساءة عرفانياً وتاريخياً إلى: الله أكبر، تجاهلاً مقترناً بالتغافل عن حزمة الإصلاحات الوطنية الشاملة والهامة.
وهؤلاء… يعرفون أن تفاقم الضغوط على الدولة يسهم في تصعيد الأزمة، ويعيق الإصلاح، والحوار، فينحازون قصداً الى مشروع أمريكي إسرائيلي غير خافٍ في المنطقة، وبوادره قائمة على التنسيق العلني مع الأوساط الأمريكية والأوروبية الرسمية… بما في هذا من تحدٍ واستهانة بمشاعر الشعب السوري وتقاليده الأصيلة.
وسورية العروبة والمبادىء والثوابت هي الأحرص تاريخياً على مصالح شعبها وقضايا أمتها، وعلى التكامل الإقليمي، وتعزيز الحوار والوفاق الوطني والعربي والإقليمي، وهي التي ردت دائماً أيضاً محاولات الحصار والعزل، بالانتصار، وبالتوجه نحو دور أكثر فاعلية وطنياً وعربياً وإقليمياً، وإن غداً لناظره قريب. «فسورية وبقيادة الرئيس الأسد ستصبح نموذجاً في العالم العربي».