أمام الأشقاء.. والمراقبين العرب
د. عبد اللطيف عمران
يتطلع الجميع اليوم بأمل نحو بعثة مراقبي الجامعة العربية، فهم في بلدهم الثاني سورية التي تمرّ بظروف مؤلمة ومؤسفة، تداخلت في أسبابها عوامل عديدة اختلطت فيها المطالب المحقة بالأهداف غير المشروعة، وغير الوطنية والعروبية، وصارت مع توالي الأشهر «نظرية المؤامرة» فرضية لايمكن إقصاؤها وتسفيهها، ولاسيما بعد أن ظهرت بجلاء التدخلات الأجنبية والأجندات الخارجية المرهونة مسبقاً لمن يقبعون في الخارج وفي دول الجوار.
والمراقبون هم عرب أشقاء، أصحاب خبرات وكفاءات يؤمل منهم العمل الجاد والموقف الموضوعي الذي يحرص على قوة الدولة الوطنية بمؤسساتها التشريعية والدستورية التي طالما عملت وتعمل على ترسيخ الوحدة الوطنية والسلم الأهلي والوفاق الداخلي، ليس في سورية فحسب بل في كافة البلدان العربية التي تعرضت لأزمات داخلية وتدخل أجنبي، لذلك يجب أن يكون المنطلق من إعلاء مصالح الشعب والوطن والأمة في مرحلة دقيقة وخطيرة من تاريخ العرب الحديث.
فالجميع يحتاج اليوم الى عودة للوعي والانتماء، والى الانتقال من الأدلة النقلية الى الأدلة العقلية، لأن الأولى تئّن تحت وطأة وسائل التحريض والفبركة والافتراء، وخاصة الإعلامية منها التي عملت بشكل تخريبي مأجور وبهدف مغرض عمداً ومسبقاًًً، على تشكيل رأي عام عربي ودولي مضاد من خلال إمكاناتها الواسعة والمشبوهة، بهدف تقويض الاستقرار الداخلي، ومؤسسات الدولة، والعيش المشترك في أكثر من بلد عربي، ولهذا تكون دماء الأبرياء في تفجيري دمشق وجامعتها.. وثيقة عار دائم – وحساب عسير – على صدور الإدارات والعاملين في وسائل الإعلام التحريضية تلك، ومن يرتّب معها ولاسيما مجلس اسطنبول وحلفاؤه.
إن قلم الطالب الذي انغمس بدمائه الزكية على الأرض والمقعد بالأمس في مدرج الجامعة سيكتب سِفراً للمستقبل لن يُرحم فيه المجرمون وأعوانهم.
وسورية تجابه اليوم انقضاضاً على دورها ونهجها الوطني والقومي، ونجاحها في مقاومة المشروع الصهيوأمريكي في المنطقة، وتألقها في توسيع دائرة التعاون والتكامل الإقليمي ولاسيما في السنتين الماضيتين، حيث برز نشاطها الملحوظ، وغدت دمشق مركز استقطاب إقليمي ودولي بعد تغلبّها على سياسة الحصار والعزل والتهديد، وبرز الرئيس بشار الأسد شامخاً شخصية دولية مرموقة باعتراف عدد من مراكز استطلاع الرأي. إنه انقضاض مغرض ومفاجئ يذكّر بما عانته البلاد في أواخر السبعينيات بعد انتصارات حرب تشرين التحريرية والعمل على تعميم استسلام كامب ديفيد، واستخدام الإسلام السياسي في المنطقة ذراعاً وظيفية خطيرة.