نقطة ساخنة انتبهوا من القادم..!
تجارب عديدة ماثلة أمامنا، سواء منها الإقليمية أم الدولية، تُحرّض كل متربّص قبل الطامح والمتحمّس الحقيقي لملف الإعمار، شاغل العالم والمشتغل عليه خطوة بخطوة..
الرجوع إليها ودراستها بشكل مستفيض قبل الخوض في هذا الغمار الاقتصادي، أمر في غاية الأهمية تفادياً للوقوع بأخطاء من سبق، أو بمصائد من يتأبّط بنا شراً.
على المستوى الإقليمي لدينا تجربتان حديثتا العهد نسبياً بإعادة الإعمار، لم تكونا ناجحتين كما يجب، نتيجة افتقادهما التخطيط الاقتصادي وما يتطلبه من آليات وبرامج مدروسة حيناً، ولدخول المتربّصين المستغلين لمثل هذه الفرص حيناً آخر، لدقّ أسافين التبعية بغية امتصاص الثروات حتى آخر رمق.
تتمثل التجربة الأولى بإعادة إعمار لبنان، بعد أن أنهكته الحرب الأهلية، اقتصادياً واجتماعياً، ووقوعه لاحقاً في مستنقع مديونية امتدت لعقود، وقد تمتد لأخرى لا تعرف لها نهاية حتى الآن على الأقل، نتيجة تراكم الفوائد المترتبة على ذلك، ما انعكس بالتالي على سيادة هذا البلد ووضعه في خانة التبعية للدول الدائنة والهيئات الدولية الطامحة لتغيير مكونات المنطقة سياسياً واقتصادياً.
أما في العراق وهي التجربة الثانية، فقد غَرِق هذا البلد المجاور والمتخم بثرواته النفطية والزراعية، في بحر الفساد الذي لا يرحم، إثر الاحتلال الأمريكي له، وتدخله في مفاصله التنفيذية كافة، في محاولة لخلط الأوراق وقلب الطاولة رأساً على عقب، ليبقى هذا البلد تابعاً لهيمنة من يدّعي أنه المُخَلّص.
ولعلّنا نجد في تجربة إعمار اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، أسوة لنا، ولاسيما من جهة اعتمادها على الذات واستغلالها طاقاتها ومواردها البشرية كافة، في عملية النهوض والتنمية، بعيداً عن أية تبعية، علماً أنها قُيّدت بمعاهدات ومواثيق دولية من ناحية التصنيع العسكري لمدة 99 عاماً..
وما يشهده هذا البلد من قوة اقتصادية وتكنولوجية وحتى إدارية، يستوجب التمحيص والتدقيق في تجربتها النهضوية، بعد أن سحقتها الحرب وأودت بها إلى الدرك الأسفل بنيوياً وبشرياً.
وبالعودة إلى ملف إعمارنا نأمل من أصحاب الشأن لدينا، الاستفادة من دروس غيرنا، والتركيز على الحيثيات الكفيلة بحمايتنا من الوقوع في براثن من يسيل لعابهم لتطويقنا بمديونيات وبرامج يُراد بها إذلالنا قبل امتصاص مقدّراتنا الوطنية، وإلا فسيكون القادم أعظم..!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com