إصلاح المنظمات.. مدخل أساسي لتحقيق الإصلاح بكافة أنواعه وأشكاله
لسنوات خلت، والإصلاح هدف منشود لدى جميع الجهات الرسمية والشعبية في سورية، قناعة من الجميع، أن خلل ما بنسبة ما، قد استفحل في هذا القطاع أو ذاك أو في هذه المنشأة أو تلك.
ولكن ما تمّ من عمل في هذا الاتجاه، رغم أهميته، لم يحقِّق ما كان مرجوّاً من أمل في حجم حاجته، إذ تبيَّن أن العديد من الإدارات –على مختلف سوياتها ومهامها- لا تملك المهارة الإدارية والفنِّية لتحقيق الإصلاح في ميدان ما، أو عاجزة عن تحقيق ذلك، أو غير راغبة بتحقيقه أو لا تعمل لذلك في ميادين أخرى، وما جرى من تغيير وتبديل لكثير منها، لم تثمر محصلته عن وصول الجديد الأفضل، فالمتمعِّن في واقع الحال وسابقه، يتبيَّن له بشكل جليّ، أن كثيراً من الخلل المعهود مازال قائماً ومؤلماً، وكثير من الإصلاح المنشود المؤمَّل مازال حلُماً، ما يجعل كلاًّ من المسؤول الرسمي الذي ينشد الإصلاح ويعمل له فعلاً، والمراقب الشعبي الوطني الذي ينبذ الخلل القائم في حاضره، ويطالب بالإصلاح الذي يسعى لتحقيقه في المستقبل القريب، ويشارك ويعمل لذلك من موقعه، يتساءلان: ما العمل؟ ما المخرج؟
بعد كل ذلك بدا أن الإجابة عن السؤال ليست في غاية الصعوبة، وقد جاءت في محلِّها تماماً، على لسانِ وبيدِ من أحسنوا تشخيص الدَّاء ووصف الدَّواء..
ملخص الإجابة، أن إصلاح المنظمات الحزبية والشعبية والنقابية –التي هي الأكثر وجوداً على الساحة الوطنية- يشكِّل المدخل الأساسي لتحقيق الإصلاح بكافة أنواعه وأشكاله.
إصلاح ينطلق من واقع يُظهِر أن معظم المتبوئين مواقع قيادية في الصف الأول والثاني، والكثير من المفاصل الهامة في جميع الإدارات والمؤسسات الخدمية والإنتاجية، التي تشكو من خلل، هم من المنتسبين إلى هذه المنظمة الحزبية أو تلك المنظمة الشعبية أو النقابية، من المنظمات الموجودة على الساحة السورية، وفي طليعة ذلك منظمة حزب البعث والمنظمات الشعبية والنقابية، التي لها اليد الطولى في الكثير من قيادات ومهام الإدارات، ما يتطلب إعادة النظر في تنظيم وأداء هذه المنظمات.
وكان القرار الهام، أن تكون البداية في إصدار قرار التشكيلة الجديدة لقيادة حزب البعث المركزية، وقياداته الفرعية المتسلسلة، وصولاً إلى كل حزبي، عبر مطالبته –خياراً منه- بتثبيت عضويته، التي تعني استعداده التام لأداء متطلبات هذا التثبيت، وتهافت البعثيون لتلبية هذا التثبيت، وما يرافق ذلك من مساعٍ لتشكيل قيادات جديدة تباعاً في المنظمات الشعبية والنقابية، وبكل روية مدروسة.
هذا الأمر أسَّس لارتياح وتفاؤل المتابعين المهتمين بالشأن العام، لأن الهدف من وراء ذلك هو إصلاح الخلل الموجود في هذه المنظمات، التي كانت السباقة في طرح الإصلاح المنشود، إذ طالما أن الحكمة تقول: “إن خير المصلحين من بدا بإصلاح نفسه”، فالمصلحة الوطنية اقتضت أن يبدأ الإصلاح من خلال هذه المنظمات، التي هي المصدر والمولِّد الأساسي لقيادات ومهام جميع الإدارات.
إن المزيد من إصلاح هذه المنظمات سيؤدِّي إلى إعداد كوادر قيادية نظيفة كفوءة وقادرة على تبوَّء مواقع ومهام قيادية، وسيكتمل ويتدَّعم ذلك من خلال سعي بقية المنظمات الحزبية الوطنية الأخرى، وبقية منظمات المجتمع الأهلي، التي عليها سلوك الطريق نفسه، عبر تجديد قياداتها وتنقية صفوفها، لأن تحقُّق الإصلاح على كامل الساحة الوطنية، لم ولن يتمّ إلا من خلال شراكة وطنية عامة، ويتجلى ذلك، من خلال قوات الدفاع الوطني والعاملين في المصالحة الوطنية، الذين هم من جميع الطَّيف الوطني السوري، وما من وطنيٍّ مخلص يرضى بإلغاء أحد من الوطنيين المخلصين الجادِّين لهذه المشاركة، التي ستتم في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وعلى جميع قيادات التنظيمات الوطنية –قديمها وحديثها- أن تعي، أن صدقية الأداء المطلوب تفرض قوة الحضور المرغوب، ومنظمة حزب البعث والمنظمات الشعبية، الأكثر وجوداً على الساحة، تعمل لأن تكون القدوة في ذلك، وبكل قناعة.
عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية