الاعلان عن المسوّدة النهائية لـ”حماية المستهلك” الجديد خلال ايام
بعد صراع استمر نحو عام كامل لإخراج قانون حماية المستهلك الجديد إلى النور، يتوقع الإعلان عن المسوّدة النهائية للقانون نهاية الأسبوع الجاري بعد أن تكون وزارة التجارة الداخلية قد صاغت ملاحظات الجهات المعنية بالرقابة (وزارتي السياحة، والصناعة، ومراكز المحافظات، وجمعية حماية المستهلك، وغرف التجارة والصناعة والسياحة)، إضافة إلى تعليقات وآراء مئات الآلاف من المواطنين التي نشرت على موقع التشاركية التابع لرئاسة الحكومة.
شدّ و”رخي”
عقوبة الحبس والمصادرة -حسب التعبير الدارج (استيلاء الحكومة على المنشأة المخالفة أو البضائع المحتكرة)- كانت من البنود الأكثر جدلاً بين وزارة التجارة الداخلية المصرّة على تشريع تلك العقوبات، والتجار والصناعيين الرافضين لها الذين طالبوا برفع الغرامات المالية واستبعاد الحبس، ويكشف المهندس جمال الدين شعيب معاون وزير “التجارة الداخلية” لـ”البعث” عن رفض بعض التجار مقترحاً ورد في القانون يوصي بمصادرة البضائع التي يثبت بالدليل القاطع احتكارها عن الأسواق بهدف تحقيق مكاسب غير مشروعة، ومعارضة شديدة من أصحاب محطات الوقود لفكرة استيلاء الحكومة على الـ”الكازية” التي تضبط بغش كميات كبيرة من الوقود بمواد أخرى أو مخالفات مستمرة بالتسعير وبالأوزان، متوقعاً أن تبدّل الحكومة عقوبة الحبس بالغرامات الكبيرة، بناءً على رغبة المنتجين والتجار، مستندة في ذلك إلى أنها تناسب المرحلة الراهنة والمستقبل القريب، وبما يضمن بقاء عدد جيد من التجار يلبون احتياجات الأسواق، إلا أن شعيب يعتقد أن وزارة العدل -المقررة الأخيرة للقانون– ستشرّع عقوبة الحبس في حال تم ضبط مواد تضرّ بصحة الإنسان أو البيئة المحيطة به، بناءً على طلب أغلبية ممثلي الحكومة في اللجنة التي شكلت لهذا الخصوص، وكذلك بإجماع المواطنين كافة المشاركين في الرأي على موقع التشاركية.
استثمار الظروف
الاستيلاء على المنشآت المرتكبة لمخالفات كبيرة أو التي ترى الحكومة ضرورة في وضع يدها عليها في الحالات الاستثنائية جداً (الكوارث الطبيعية، الحرب)، يرى معاون الوزير أن تنفيذ الاستيلاء في هذه الحالات موجب لا بل من الأهمية العمل به، وبالتالي لا يتوقع أن يطرأ أي تعديل يذكر عليه، بما فيه مصادرة البضائع المحتكرة عن أعين المستهلك، أو المغشوشة والمنتهية الصلاحية وتغريم صاحبها بمبالغ تتراوح بين 50 ألف و300 ألف ليرة سورية.
محاولات ومناورات عديدة أجراها تجار ومنتجون للتخفيف من العقوبات قبل إقرار الحكومة للتشريع وخروجه إلى النور، حتى إن بعضهم حاول الاستفادة من الظروف الراهنة للضغط على الجهات التنفيذية وعرقلة مساعيها في عقد الاجتماعات المتتالية، حسب تصريحات معاون مدير مديرية حماية المستهلك في الوزارة، الذي ذكر لـ “البعث” بعض الحجج التي كانوا يسوّقون لها في كل اجتماع بهذا الخصوص، مثل الظروف الأمنية وصعوبة نقل البضائع، وأعذاراً أخرى لم تقنع ممثلي الحكومة بالمطلق، وفي اللقاءات الخاصة بالوزارة كان يناقش ما هو ضروري وواجب التطبيق، وكذلك مصالح المنتجين والتجار المقنعة السالفة الذكر، كما يقول، وهنا يؤكد معاون الوزير أن الحكومة ستقف إلى جانب التجار والمنتجين المخلصين الذين وقفوا إلى جانب الدولة في الأزمة وستساعدهم، وبالمقابل ستلاحق وتعاقب كل من يتجاوز القانون من التجار والمنتجين الآخرين.
جلسة حاسمة
وحسب معلومات حصلنا عليها، قامت “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” خلال اجتماع عقدته أمس بصياغة ملاحظاتها على القانون بعد اطلاعها على ملاحظات الجهات المعنية كافة، ويتوقع أن ترفع المسودة النهائية إلى وزارة العدل خلال يومين على أن يقرّ المشروع في مدة لا تتجاوز شهراً من الآن.
وكانت اللجنة المكلفة إعداد قانون حماية المستهلك الجديد عقدت عدة اجتماعات لإنهاء التعديلات الأخيرة عليه من أجل رفعه إلى مجلس الشعب وإقراره كقانون ينظم أحوال السوق، حيث نصّت المسوّدة الأولية للقانون على الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة مالية لا تقل عن 500 ألف ليرة مع إغلاق المحل أو المنشأة، لكل من يخدع أو يشرع في خداع المتعاقد في حقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة والعناصر الداخلة في تركيبتها وتاريخ إنتاجها وعلامتها التجارية أو البضاعة ذاتها إذا سلم منها غير ما جرى التعاقد عليه وفي عدد البضاعة أو مقدارها أو مقاييسها أو كيلها أو وزنها أو طاقتها أو عيارها ونوعها أو أصلها أو مصدرها، وفي المنتجات التي يعلم حائزها أنها مغشوشة أو سامة أو غير مطابقة لمتطلبات الصحة والسلامة.
بدايات مشجّعة
ونص القانون -وهو ما يعتبر بحدّ ذاته بداية مشجّعة- على “عدم الجواز للمحكمة تطبيق الأسباب المخففة عند فرض العقوبة، أو أن تأمر بتطبيق عقوبة تنفيذ العقوبة المقرة حسب القانون، على أن تفصل المحاكم التموينية على وجه الاستعجال في الدعاوى”.
وللتذكير كان قد صدر المرسوم التشريعي رقم 27 لعام 2013، القاضي بتعديل مواد من قانون حماية المستهلك رقم 2 لعام 2008، ونصت مواد المرسوم على تعديل العديد من مواد القانون المذكور منها ما يتعلق بأن يكون المنتج مطابقاً للمواصفات القياسية والمتطلبات الصحية والبيئية والسلامة والأمان الخاصة به، وأن يلتزم المنتج أو البائع بالإعلان عن مواصفات المنتج ونوعه وطريقة تخزينه ومدة صلاحيته إذا كانت طبيعة المنتج تتطلب ذلك، إضافة إلى الإعلان عن السعر والسجل التجاري أو الصناعي أو الحرفي أو السياحي أو الترخيص الصحي واسم المنتج وعنوانه.
دمشق – سامر حلاس