شهداء الكلمة.. رايات سامقة وشعلة لا تنطفئ
أحمد علي هلال
في لحظة فارقة ينضم شهداء الإعلام الوطني، إعلام المقاومة المستمرة الزملاء في تلفزيون المنار حمزة الحاج حسن، محمد منتش، حليم علوه إلى قافلة شهداء الإعلام في سورية، مضوا على ذات الدرب التي اختاروها ليظل الوطن بالصورة والكلمة حاضراً، وضميراً في ذاكرة البشرية والعالم، ولعلهم وهم ينقلون –ربما المشهد الأخير- لتحرير معلولا كانوا يرسمون النصر الذي يكتبه بواسل الجيش العربي السوري، والمقاومين العرب، نصر ليس بوسع أحد أن يصادره أو أن يطلق عليه الرصاص، لأنه اتصل بمهج العيون ونداء الأرض العطشى لنصر يذهب في أزمنته وأمكنته إلى الذاكرة المشتهاة، هم أقمار معلولا التي اخترقت عتمة الظلاميين وبددتها، هم سطر الملحمة المستمرة وأبجدية المقاومة بوسائلها المتاحة، فالكلمة كتاب والصورة وطن مرفوع على أصابعهم، وأمام متسع عيونهم كنشيد لا نهائي يغري من يكتبه الآن هناك بأن يذهب في ترانيمه ولهبه المصفى لنصبح على وطن مبرئ من الظلاميين والغزاة سدنة شرور هذا العالم، الذي يدعي الحضارة، لكنه يتوسل ثقافة الموت وهي الآن تحتضر بإرادات حرة لرجال إعلام المقاومة في ميادينهم الواسعة على متسع تراب هذا الوطن، إنهم نجمات الصباح في عتم ليلنا من يوقظون أحلام الصغار، وأحلام العصافير التي احترفت عشق الوطن ومارسته في نهارات نيسان أي قدر ذلك الذي يجمع وقائعهم الكبرى حينما تتصل بذكرى استشهاد المصور الفلسطيني هاني جوهرية، شهيد الكاميرا، لعل نيسان هو الحكاية الجديدة في سفر آخر لا زال يستنهض العقول والأفئدة والأقلام لتنتبه، فعلى امتداد آلامنا الراعفة وأحلامنا المبصرة تتصل الجغرافيا بالتاريخ، ويتصل الحاضر بالمستقبل ليتما دورة الحكاية، حكاية من كانوا في الخنادق المتقدمة يرسمون بدمائهم لوحة عشق فريدة، إذ تتناثر الألوان فيصعد قوس قزح في سماء دمشق وبيروت، في نهار لن يتأخر برايته وكثافة لحظاته عن صحونا، وعن يقظة روحنا، لتقرأ أفعال مقاومتهم في نهارات تالية عالية.
هم الآتون من المستقبل وحسبنا أن المداد دم توضأ برعشة النهار القادمة، لتصعد صلوات خالصة لأرض لن تغير شكلها، ولتاريخ لا يركن للمصادفة، حسب دمهم أن يكون شاهد الخارطة الجديد، هم شهداء الإعلام الوطني في سيرورة وقائعهم الدالة على حضورهم الأقوى من تغييبهم، الأبقى لأفعالهم الواضحة ولن نذهب للنسيان.
تلك هي صورهم، وذلك هو انتحار الغزاة، وفي المتسّع من الحكاية المفتوحة: ثقافة الحياة تحفر جداولها، وفي ذاكرة الأحياء الذين ظلّ مساؤهم سوري بامتياز بإبداع رجال الله في الميدان على صفحات الانتصار والشمس التي لا تغيب، من تماهوا بالوطن ليصبح على هيئتهم مجداً دائماً أبداً.