جناية سرقة موصوفة وليست جنحة.. والقوانين لم تردع مخالفي الضمير “الكهرباء” تتهم جهات عامة بالتقاعس في ضبط الاستجرار غير المشروع والأحكام القضائية محدودة جداً
استفحلت ظاهرة الاستجرار غير المشروع للكهرباء، لتصبح حالة مرضية خطيرة لم يعد يكفي معها الردع والزجر والعقوبات، في الوقت الذي يصرّ الكل على تضافر وتحالف الجهود من جميع الجهات المعنية من الإعلام- السلطات المحلية- المؤسسات الاجتماعية والدينية- مجالس المدن والبلدات- القضاء- وزارة الداخلية- المنظمات الشعبية النقابات المهنية، إضافة إلى العاملين في قطاع الكهرباء، تزامناً مع الحاجة لبرامج وإجراءات مركزة ولفترة طويلة لمعالجة تتناسب مع ظروف وإمكانيات القطر.
تفاقم المشكلة
يدرك الجميع أن من مخاطر الاستجرار غير المشروع إضعاف الشبكة فنياً، وبالتالي ضعف الجودة الكهربائية المغذية للمشتركين النظاميين وعدم التوازن في الأطوار، ما يزيد من الفاقد الفني على الشبكة ويؤدي إلى هبوط التوتر نتيجة زيادة الأحمال عن الحدّ المدروس والمصمّم للتغذية الكهربائية لمنطقة ما.
والمعروف أن عدم وثوقية التغذية الكهربائية نتيجة زيادة الأحمال على الشبكة تسبّب الانقطاعات العشوائية، كما ترتفع نسب التحميل فوق تلك التي صمّمت الشبكة عليها، وكل ذلك يتحول إلى الأثر المادي المتمثل بزيادة فاتورة الكهرباء على الاقتصاد الوطني، وخصوصاً أن المستجر للطاقة بشكل غير شرعي هو مستهلك غير مرشد للكهرباء.
حلول وإجراءات
قامت وزارة الكهرباء –حسب التقارير التي أصدرتها مؤخراً- بتسخير كل الإمكانات المادية والبشرية لدى الشركات العامة للكهرباء في كافة المحافظات للإسراع في إصلاح الأعطال الكهربائية، وتأمين الكهرباء لكافة المشتركين بأسرع وقت ممكن رغم الظروف الأمنية السائدة في معظم المناطق، وإحجام الكثير من المواطنين عن دفع قيمة فواتير الكهرباء، ناهيك عن زيادة عدد المخالفين والمعتمدين على الشبكة والذين يستجرون الكهرباء بشكل غير مشروع.
ولهذا الغرض تمّ إصدار عدة تشريعات بهدف مكافحة سرقة الطاقة الكهربائية وردع مرتكبيها ومن يساهم أو يساعد في ذلك، منها القانون رقم 26 لعام 2001 والمرسوم التشريعي رقم 60 لعام 2005 وأخيراً القانون رقم 23 لعام 2012 والذي ينصّ على المعاقبة بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة مقدارها 15% من قيمة الطاقة الكهربائية المستجرة بشكل غير مشروع، وبما لا يقلّ عن 5000ليرة، وتضاعف العقوبة في حال التكرار على كل من أقدم على استجرار الطاقة الكهربائية بصورة غير مشروعة أو ساهم في ذلك.
ضابطة عدلية
هنا تتهم وزارة الكهرباء الجهات كافة ولاسيما التي يمكن أن تساهم بشكل كبير في تخفيض فاقد الاستجرار غير المشروع بمستوى غير مقبول من التعاون والتنسيق، فعلى الرغم من تنظيم آلاف ضبوط الاستجرار غير المشروع فإن الأحكام التي صدرت بحق من أقدم على سرقة الكهرباء محدودة جداً.
وتحرص وزارة الكهرباء من خلال المؤسسة العامة لتوزيع الكهرباء والشركات التابعة لها على مكافحة الاستجرار غير المشروع وبشكل دائم، وتقوم مع الجهات التابعة لها في كافة المحافظات بتكثيف حملاتها لمكافحة ومعالجة حالات الاستجرار غير المشروع للطاقة الكهربائية.
ومؤخراً تم توجيه كافة المدراء العامين لشركات الكهرباء في المحافظات لرفد عناصر الضابطة العدلية بعناصر جديدة ومضاعفة أعدادهم، وتزويدهم بالآليات المناسبة والتنسيق مع المعنيين في وزارة الداخلية لمكافحة هذه الظاهرة التي تعدّ من الأعمال المخالفة للقوانين والأنظمة، وتدخل ضمن نطاق السرقة والتخريب حيث يجب محاسبة المخالفين واتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم.
كما طالب وزير العدل القضاة التشدّد في قضايا سرقة الكهرباء واعتبارها جناية وليس جنحة، مع مساعٍ لنشر الوعي ومكافحة ظاهرة التعدي على الشبكات والتلاعب بالعدادات ومخالفات الاستجرار غير المشروع.
دمشق– ميادة حسن