نقطة ساخنة دخان الزيادة ونارها..؟!
من أمثلتنا الشعبية التي لها من الإسقاطات المختلفة وفي كل الاتجاهات بشقيها الإيجابي والسلبي على حدّ سواء، المثل القائل: “ما في دخان من غير نار”.
مثلٌ، بقدر ما نحبس الأنفاس حينما يُردّد عند سماعنا لنبأ لا يتسنى لنا الـتأكد من صحته ومدى مصداقيته، بقدر ما يصيبنا من توتر وترقب، وخاصة عندما يختلط علينا الفرح بالتخوف منه.
ولعل شائعات الزيادة على رواتب الموظفين بنسبة 50% وهناك من يقول 30% وآخر 25%، التي سرت كالنار في الهشيم، لا يخرج عمّا تقدمنا به.
خبر هو الآن في طور الإشاعة، وعلى الرغم من توفر المعطيات المنطقية الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن أن تؤكد حدوثه فعلاً، هناك معطيات مقابلة مناقضة تستبعد ترجمته فعلاً.
مع ذلك فكلتا الحالتان رغم أهميتهما القصوى حين اتخاذ القرار بالزيادة لم يكونا يوماً وبحكم التجربة والخبرة، عملاً فصلاً في البت بمثل هكذا أمر.
في هذه الحالة فإن ما يهمنا -إذا ما كان الخبر أصلاً صادقاً– ليس الزيادة بحدّ ذاتها، بل المنعكسات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية لها، وكم تلوعنا عند كل زيادة نتيجة كل ما يعقبها من أمور وأولها الارتفاع السريع والمباشر الذي تشهده الأسعار وبشكل جنوني، لدرجة أصبحت حالة من “فوبيا الجفلة” لمجرد سماعنا بكلمة زيادة، حتى ولو كانت بشرى فعلاً.
لا شك أن أية زيادة سيكون لها مفاعيل إيجابية كتحريك الأسواق ودوران النقد وغيرها، كما لها من السلبيات التي لا بد وأن تكون محسوبة وبحذر شديد قبل اتخاذ القرار بالزيادة، لا بل يجب أن تكون ضمن متطلبات ما يسمّى بـ”دعم القرار” التي توضع بين يدي صنّاعه، ولعل أهمها التضخم وقيمة الليرة وقوتها الشرائية.
وبرأينا فإن زيادة الرواتب لا تكون زيادة حقيقية وعادلة إن كانت لناحية رفع الحدّ الأدنى للأجور، كما كانت الزيادات السابقة، وكيف ذهبت النسبة الكبرى منها على التوالي للعشرة آلاف الأولى لتتناقص في العشرة الثانية فالثالثة، رغم تفهمنا للضرورات المتناقضة مع القانونيات وغير ذلك.
وهنا يستوقفنا -وعلى سبيل الاستشهاد– سؤالان يوجهان للحكومة، هما: هل يعقل أنّ الراتب التقاعدي لموظف من الفئة الأولى أفنى عمره في الوظيفة هو 22500 ليرة، في حين يقبضها موظف لديه بضع سنوات فقط من الخدمة؟!، وهل يعقل أن يكون الفرق في سقف الراتب بين الفئتين الأولى والثانية نحو 10 آلاف ليرة، مع العلم أنَّ بعض معاهد الفئة الثانية تتطلب علامات أكثر من علامات الفئة الأولى؟!.
قسيم دحدل
Qassim1965@ gmail.com