إن كان “الصعب” غاية؟!
إذاً وافقت الحكومة أخيراً وبعد توصية من لجنتها الاقتصادية، معتمدة في قرارها على ما انتهت إليه لجنة تصدير الأغنام، على تصدير 120 ألف رأس من ذكور الأغنام والماعز الجبلي.
وللتذكير فإن ما انتهت إليه اللجنة الأخيرة كانت صدّقت عليه كلّ من وزارتي الاقتصاد والزراعة والاتحاد العام للفلاحين، وتم تكليف وزارة الاقتصاد باستصدار القرار الناظم لذلك بالتنسيق مع المصرف المركزي لجهة إعادة القطع للتصدير.
المعطى الأولي لقرار الموافقة يفهم، بعكس ما كانت الاتهامات توجّه للزراعة لكونها المفوضة الأولى بتزكية قرار كهذا وأنها عملت المستحيل لاستصداره، على أنه بهدف الحصول على القطع الصعب وخاصة بعد تعديل قيمة الرسم أو الضريبة ليصبح 25 يورو بدلاً من 15 عن كل رأس من المواشي.
وفوق ذلك المحصّل سيتم تسديده إلى صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية للتعويض عن الأضرار لمربّي الثروة الحيوانية.
كلام لا غبار عليه ، بل هو مشجّع ومحفّز، وخاصة في ظل ما أخبرنا به من أن التهريب لم يعُد بالسهولة التي كانت سابقاً لأسباب عدة، أهمها نسبة المخاطرة وارتفاع التكلفة.
لكن المصدر الذي طمأننا، لم يستطع إعطاءنا رقماً تقديرياً لحجم التهريب، والمعلومة الأخرى المأخذ على الزراعة، أنها في كل ما تتخذه من قرارات بشأن ثروتنا الحيوانية لا تنطلق من واقعها الحالي بعد ثلاث سنوات من الأزمة، بل تعتمد على آخر إحصائية قامت بها في عام 2010 وتتخذها أساساً لكل ما يصدر عنها.
في تلك السنة كنَّا نملك 17.800 مليون رأس غنم و1.200 مليون رأس ماعز شامي وجبلي ومليون رأس بقر.
أما اليوم فلا شك أن تغيّرات حدثت، وهذه بدورها تحتاج إلى قرارات أخرى في ظل ما يقال عن تهريب نحو 7 ملايين من عواسنا خلال العامين المنصرمين.
كلام إن صح نصفه، فهو دون مبالغة مصيبة، وهذا على المديين القريب والمتوسط وحتى الأبعد من ذلك مشكلة قد تتفاقم وتتعقد لثروة لا نرجو الوقوف على أطلالها.
والمشكلة الأكبر تكمن في ذلك الفكر الذي ينطلق من مقولة “ما دام التهريب حاصلاً لا محالة، فلماذا لا نصدّر؟!”، مثل هذه الثقافة الاقتصادية التصديرية، ندعو إلى عدم وجودها في بعض مفاصل القرار!.
نقول هذا ونحن نبحث عمن يؤكد أو ينفي لنا حقيقة ما يتداول، من أن تهريب 8 آلاف رأس من الأغنام يتم يومياً من مختلف المعابر الحدودية، بالإضافة إلى ما كشفه أحد العاملين في تهريب الأغنام لموقع إخباري أردني من أن هناك أكثر من 200 رأس من الأغنام السورية تدخل بصورة غير شرعية، وبشكل شبه يومي إلى الأردن.
وهذا لن تكون للمربّين الصغار قدرة عليه، وإن كان يحدث فعلاً فنحن مع الرأي الذي يَتّهم بوجود مافيا تهريب مرتبطة بكبار المربّين دعماً لمنفعتهم الخاصة على حساب الاقتصاد الوطني.
ونأمل ألاَّ تكون الإحصاءات الرسمية عام 2013 التي جرت بمساعدة بعثات منظمات الأمم المتحدة والقائلة بتراجع ثروتنا الحيوانية بمقدار 7 ملايين خلال عامين فقط، ما يعني تراجع أعداد قطيع الاغنام بنسبة 40%، تغطية لحقائق غير الحقائق..
أما أملنا الأكبر فهو الانتقال إلى تصنيع لحوم “حلالنا” إذا كان الهدف هو الحصول على القطع الصعب وبأكثر ممّا نتصور، عندها يكون للميزة المطلقة مردودها المطلق.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com