نقطة ساخنة لغز اسمه العقارات..!؟
سوق العقارات في سورية هو اللغز الذي دوّخ كل “جهابذة” الاقتصاد، حيث يصعب على “فطحل زمانو” أن يقول لنا: ما الذي يحكم هذا السوق؟! هل هو قانون العرض والطلب؟ بكل تأكيد لا، لأن أسعار الشقق السكنية بعشرات الملايين ولا طلب عليها، ويفترض أن تنخفض لا العكس، وأقول وعلى مسؤوليتي: منذ ثلاثة عقود ونيف، هذه السوق بعيدة كل البعد عن تحكّم عمليات العرض والطلب فيها.
إذاً وفي نظام المضاربات وفق أساليب “اضرب واهرب”، سواء القصير زمنياً أم المتوسط الأمد، ليربح تاجر “البزنس” يجب عليه أن يقتنع بوجود نسبة معينة يتحرّك ضمنها، وهذه النسبة في عالم البورصة يطلق عليها: حدود التعاطي المالي، ومعدّلات المخاطرة والمكاسب، أي بالمنطق لا ظاهرة لمضاربات تذكر في العقارات، وما يحدث من أرباح ضمن هذا الإطار يبقى حالات استثنائية أو باللغة السوقية “توفيقات”.
إنه سوق يحتاج إلى تنظيم عبر هيئات تعمل على جدولة وفرز سويات المناطق وتقيّم الأراضي وأسعار مواد البناء ومستوى المكان وجهة المنزل أوالمحل التجاري، وبالمحصلة التكاليف النهائية، وبناءً عليها تضع القيمة المكانية للعقار، إضافة إلى قوانين تنظّم أعمال مهنة المقاولين وتجار البناء والوسطاء، عند ذلك وبعد مرور الزمن سنصل دون أدنى شك إلى سوق منظم خاضع لقوانين العرض والطلب.
الغريب في الأمر، وما أدهش كل متابع لسوق العقارات الآن وقبل الأزمة، أن سعر شقة ضمن البناء تعرض للبيع بزيادة كبيرة عن المقابلة لها رغم أن المساحة والتجهيز والإطلالة ذاتها، فقط لأن الأولى بحكم البيع، ومالكها غير مستعد للتنازل ليرة واحدة حتى لو “جمّد” مسكنه سنين طويلة، بانياً معتقداته على أن مؤشر العقارات صاعد باستمرار!.
مفاهيم كرّسها التضخم في أسعار المنتجات العقارية مخالفة بذلك كل المفاهيم التجارية والتسويقية، دون أن تشهد أسواقها حالة تصحيحية واحدة، تعيد حسابات الجشعين من تجار البناء، والحالمين بالثراء من الملاك؟!.
من ينظر إلى الرفاهية والترف أين يتمركزان، وما هي أكثر المصالح المرغوبة اجتماعياً، ولماذا رفعت وزارة التعليم العالي معدلات المفاضلة في أفرع الهندسة المدنية والمعمارية والمعاهد المختصة بالاستشارات الهندسية، يجد أن كل ما ذكرناه يشكل الدافع الأكثر رغبة لدى الطلاب لتعلّمها.
كما نسأل: ما الذي يجعل المجالات المتعلقة بالإنشاء والتعمير وصناعة كل ما يخدم هذه القطاعات في سورية مزدهرة جداً، لا بل متفوّقة على نشاطات تعدّ محرّكة “دينمو” الاقتصاد كالصيرفة والقروض والخدمات التجارية؟
من يجد تفسيراً لجميع تلك المعطيات والتساؤلات يصل إلى الأسباب الجوهرية التي أدّت إلى تجمّع الثروات في أيدي جهات بعينها دون غيرها، إلا أنه لن يعرف ما الذي يحكم مؤشر أسعار قطاع يغرّد خارج سرب كل قوانين الاقتصاد الإقليمية والعالمية.
سامر حلاس
Samer_hl@yahoo.com