بين قوسين أساس الإصلاح والتطوير…
عقد من الزمن أو أكثر مرّ على تبوئه سلم الأولويات في خطط وإجراءات الحكومات المتعاقبة.. لكن شيئاً من التعامل الجدي على أرض الواقع لم يحصل، وبقي الإصلاح الإداري، وهو أساس الخطط الإصلاحية المتعلقة بالجانب الاقتصادي والمؤسساتي، رهين الاجتماعات واللقاءات والرفيق الدائم للشعارات الإصلاحية والقرارات الجوفاء التي هي بالأساس، أس الارتباك في مؤسساتنا العامة…
إذاً مشروع الإصلاح الإداري (المهم بامتياز) بقي يراوح طيلة هذه السنوات في إطاره النظري وسط عدد من المشاكل التي وقفت ولا تزال حجر عثرة أمام مسيرته، بدءاً من الضعف في الكوادر البشرية وتشابك البنى الإدارية وترهلها، وانتهاءً بتخلف أساليب العمل وضعف آليات الرقابة والتقييم… وبقي هذا الإصلاح شعاراً مرفوعاً على لوحة المواجهة النظرية لمجمل المشكلات…
ومن هنا ، فإن الحاجة ماسة حالياً، وفي مرحلة العمل اللاحق لتجاوز ذيول الأزمة والظروف الصعبة التي يمر بها بلدنا الغالي، أن يعمل من جديد وبشكل ميداني على قضية الإصلاح الإداري الذي يعتبر ركيزة أساسية للإصلاح الاقتصادي بشكل عام، ووضع حد للترهل الإداري في المؤسسات والارتقاء بالقطاع الإداري، والعمل على توفير المناخ الملائم لتعزيز مبدأ النزاهة والشفافية، ومكافحة الفساد على مختلف المستويات الإدارية ومواقع اتخاذ القرار… وبالتالي الوصول إلى وضع رؤية شاملة لهذا الإصلاح الذي يجب أن يؤسس له ليكون مساراً دائماً وتصحيحاً شاملاً لكافة المؤسسات العامة وليس مجرد شعار يرفع ويطبق في أوقات زمنية محددة.
ومع كل هذه الأهمية والضرورة، فإن شيئاً من الحذر يخيّم على صورة المشهد، خاصة ونحن نتكلم عن إصلاح يطال إدارات هي بالأساس أول العثرات أمام تطبيق هذا الإصلاح… الأمر الذي يوجب الحيوية والحزم في معالجة البنى الإدارية والعقلية البيروقراطية، ومحاربة الفساد، وتطبيق مبدأ المحاسبة والثواب والعقاب والحس بالمسؤولية الوطنية والإدارية، والابتعاد عن المحسوبيات… ويمكن الإشارة في هذا المجال والمشهد مفتوح على مساحات واسعة من التفاؤل بمستقبل سورية الواعد والغد الأفضل، بأن نتساءل كيف يتم تحقيق الإصلاح، وعمليات تعيين القيادات الإدارية تتم على أسس غير علمية ولا موضوعية؟..
وهل نستطيع الوصول إلى الصورة المنشودة لهذا الإصلاح الإداري في ظل غياب استراتيجية واضحة لتطبيق مبدأ المحاسبة والتقييم…؟!.
وهل نصل مع أي عملية من برامج هذا الإصلاح إلى التأطير الصحيح للمسار الدائم المطلوب وإدارات مؤسساتنا تتخبط في لجة الروتين والتقصير والإهمال الإداري…؟!.
ومع كل هذا، فإن مساحات واسعة من البياض وهمة العمل، تنتظر وتتسع لأي عملية إصلاح إداري تستهدف معالجة وضع المؤسسات وتحديث عملها بالشكل الذي يؤهلها لتجاوز حالات الركود والترهل …
والأهم من هذا وذاك…لابد من العمل على ترسيخ ثقافة الإصلاح والانضباط بالعمل لدى الجميع، ودعمها بالطرق التي تمكنها من احتلال مكان ثقافة الفساد واللامبالاة والإهمال الإداري… والتركيز ما أمكن على تطوير العنصر البشري وتدريبه وتأهيله بالشكل المطلوب …
محمد الآغا