نقطة ساخنة ولِدَ ميتاً..؟!
مضى أكثر من تسعة أشهر ولم تسعّر ولو سلعة واحدة إدارياً.. وكيف تسعّر.. وهمّة الجهات المباشرة المعنية بالدراسة آخذة بالتراجع يوماً بعد يوم، لمرحلة لم نعد نسمع بانعقاد اجتماع اللجنة المكلفة بهذا التسعير.
ما يمكن قوله: إن الأنباء المتعلقة بهذا الشأن بدأت تتلاشى رويداً رويداً، منذ مطلع العام الجاري، وكأن شيئاً لم يكن، وعند سؤال المسؤولين في وزارتي التجارة الداخلية والاقتصاد –الجهات المعنية بذلك – عن مستجدات التسعير الإداري؟ كانوا يحاولون بشيء من الحرج التململ ومن ثم الإسهاب في الحديث عن استقرار الأسعار في الأسواق، وكان يدلي كل مسؤول بدلوه حول أسباب هذا الاستقرار، ومنعكسات التسعير المركزي الإيجابية، -وعن قصد– كنّا نلحظ تهرّب المسؤول من التطرق إلى التسعير الإداري؟.
على أرض الواقع، استقرار الأسعار حاصل ولا يمكن لأحد إنكار ذلك، إلا أنه ضمن مستويات مرتفعة، ومرتفعة جداً، ومن أجل خفضها لا بد من تسعير سلع أساسية للمستهلك لتكون منافسة تسعيرياً للمواد المماثلة لها، ونقصد هنا، منافسة المسعّرة حسب نظام التسعير المركزي أو المواد التي مازالت أسعارها محرّرة وعددها بالمئات؟!.
وعلى اعتبار أن “التسعير الإداري” يؤمّن مواد غذائية أساسية للمواطنين بسعر اجتماعي مخفض تتحمّل نسبة من تكاليفها الدولة، يصبح “التسعير الإداري” الأسلوب الأنجع لكسر المستوى المرتفع الذي تستقر عليه الأسعار منذ عدة أشهر، ويكاد يكون السبيل الوحيد في ظل أزمة يستحيل على خزينة الدولة تحمّل خسائر ضخمة في حال اللجوء إلى الدعم الكامل، كما هي على المقنّن (السكر والأرز)، بحيث يكون الدعم محدوداً (كما هو مخطط له في التسعير الإداري) بالنسبة للمواد الأساسية اليومية والضرورية جداً للمستهلك.
في آخر لقاء مع معاون وزير التجارة الداخلية جمال الدين شعيب، أكد لنا استيراد كميات من مادة السكر من خلال خط تسهيل الائتمان الإيراني وتسعير الكيلو الواحد بفارق يقل عن “السكر” الموجود في الأسواق بما يتراوح بين 5 إلى 10 ليرات سورية، ومضى من الزمن شهر تقريباً ولم يتمّ طرح “السكر” بسعره الإداري، لتعيدنا الذاكرة إلى قصة مماثلة حول بيع “البرغل” بسعر مخفض مدعوم، تمّ تداولها عبر وسائل الإعلام المحلية في نهاية العام الفائت، وأيضاً سمعنا وقتها جعجعة ولم نرَ طحيناً؟!.
ومن حقنا بعد مضي هذا الزمن أن نتساءل: كيف نجحت الجهات المعنية في نظام التسعير المركزي، ولم توفق في تطبيق التسعير الإداري؟!
إن كفة موجبات المضي قدماً لتطبيق “التسعير الإداري” ترجح على كفة الخلاص منه، حيث إن المجال الرقابي في أتعس أيامه، وانتشار ظاهرة الاحتكار في تنامٍ، وتراجع تأثير قوى العرض والطلب واضح لعين كل مراقب، وقد يكون “التسعير الإداري” مع “المركزي” طريقين لكسر الأسعار العالية في الأسواق الحرة.
سامر حلاس
Samer_hl@yahoo.com