طفولة سعيدة.. وطن سعيد
نعم.. أروع ما في الحياة الطفولة، لأنَّها تختصر فرح الدنيا.. يأتي الأب مرهقاً من أعباء العمل، فإذا طالعته ضحكة ابنه نسي متاعب يومه.. والأمُّ تسهر الليل مع طفلها المريض حتَّى إذا ما عاد يناغيها، كسابق عهده، عوَّضها معاناة السهر والإجهاد المضني…
أطفالنا أكبادنا تمشي على الأرض، مستقبلنا الواعد بغد جميل، ما أجدرهم بمحبَّتنا، وأن نبذل كرمى سعادتهم أقصى الجهود، لأنَّهم عمرُنا الآتي، مصيرُنا الموعود، يعقد عليه بلدنا الحبيب سوريَّة آماله العظام.
ولأنَّ أقلام المبدعين تخلّد أحداث التاريخ كتاباتٍ مشرقةً: شعراً، قصة، روايةً، مسرحاً، نستلهم منها الماضي المشرق استشرافاً للمستقبل الأحلى، جاء الكتاب الشهري للناشئة الموزع مجاناً مع مجلة أسامة العدد (62) نقلةً نوعيةً في مسيرة دائرة منشورات الطفل بعنوان” الشعراء يغنون الوطن”، كي نعاود ترديد هذه القصائد –المغناة بأغلبيتها- رجعَ آلام عانيناها في الأيام الخوالي، لكن بإصرار على التحدي والانتصار.
إنَّها مجموعة أناشيد وطنيَّة في البطولة والفخار وحبّ الوطن المفدى، اختيرت في عناية، وقد اعتملت في نفوسنا زمناً ضد المستعمر المغتصب، قديمِه وجديدِه، بأشكاله كلِّها..
عندما شاهدت ابنتي فينوس هذا الكتاب الشهري المرفق أشرق وجهها بالابتسامة، ولمعت عيناها بالضياء، ومباشرةً أخذت تقرأ الأناشيد، لتستظهرها غيباً، ثمَّ راحت تغنيها.. بعد ذلك طالعت مجلة أسامة بشغف -عوّدتها على هذا الأمر لأنَّني أحضرها دائماً- حلّت بعض أسئلة المسابقة الثقافية، ثمَّ أخذنا نعمل شمعتين ملونتين بواسطة بيضتين مفرغتين، وهي صفحة عمليَّة تكسب الأطفال مهارة إنجاز أشياء جميلة.
للحقيقة.. سررت بسرورها، وأخذت أبحث عن الكتب الشهرية المرفقة بمجلة أسامة، ووقعت على أعداد مهمَّة وجديرة بالقراءة:
– العدد (61) أمثال العرب: والمثل قول مأثور موجز في لفظ بليغ وعبارة رشيقة، تتناقلها ألسنة الناس في تعبير عن خلاصة تجارب الشعوب. وقد اشتهر أجدادنا القدماء بأمثالهم الحكيمة، تضيء لأطفالنا طريق الخير والفضائل الإنسانية.
– العدد (60) طروادة من الأسطورة إلى الاكتشاف، الذي يروي حكاية شخص عبقري، وضع حصاناً خشبيَّاً ضخماً، وخبأ فيه جنوداً، إضافة إلى قصَّة ابن ملك، جازف بمقاتلة وحش ضخم قابع في أعماق متاهة فقتله، وفاز بأميرة جميلة.
كما حظيتُ بعددين قديمين نسبياً من سلسلة أعلام الناشئة: الأول عن قائد ثورة الشمال ضد المحتل الفرنسي (1919- 1921) البطل إبراهيم هنانو، والثاني عن الثائر الشاعر الشيخ صالح العلي الملقب بالطائر الساحلي.
وفي هذا الصدد أنوّه بجهود الهيئة العامَّة السوريَّة للكتاب على ما تقدمه من
كتب قيّمة تبرز أبطالنا الوطنيين كمثل عليا مع توثيق نضالهم وتضحياتهم في مقاومة الجيوش المحتلَّة.
وبالعودة إلى كتاب الجيب” الشعراء يغنون الوطن” وددت لو استكمل الجهد المبذول في إعدادها بذكر أسماء ملحني هذه الأناشيد، والمطربين الذين غنوها حتَّى تخلد في أذهان أطفالنا الأعزاء، فمثلاً نشيدنا الوطني “حماة الديار عليكم سلام” لحَّنه الأخوان فليفل، كذلك نشيد “موطني” للشاعر إبراهيم طوقان، أما نشيد القسم فهو ألحان وغناء موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وكانت افتتاحيته الموسيقية شارة نشرة الأخبار السابقة في إذاعة دمشق، التي اختارت أن تكون مواعيدها متميِّزة عن غيرها على ربع الساعة، كذلك نشيد “دعاء الشرق” ويسمَّى دعاء البعث، لأنَّ الشاعر يقول فيه:
نحن شعب عربي واحد
ضمَّه في حومة البعث طريق
وعليه سمَّى والدي أختي دعاء، لأنَّها ولدت بينما كان يصدح محمد عبد الوهاب به من إذاعة دمشق…
وبهذه المناسبة تجدر الإشارة إلى أنَّ كلية البنات في جامعة عين شمس- جمهورية مصر العربيَّة، بدأت تدريس مادَّة أدب الأطفال عام 1962 سبقتها في ذلك الدائرة التربويَّة في الجامعة الأمريكيَّة ببيروت.
أخيراً: الشكر موفور لهذه الجهود الَّتي تبذل بسخاء في سبيل نشر ثقافة ترتقي بذوق أطفالنا، الَّذين نتمنى لهم السعادة والهناء دائماً، لأنَّ طفولة سعيدة تعني وطناً سعيداً.
أيمن الحسن