خــروج الدفعة الأولــى مـــن المسلحين مــن أحياء حمص القديمة.. وروسيا ترى فيه نموذجاً يسهم في التخفيف من معاناة الشعب السوري
بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها في حمص القديمة بعد خروج المسلحين منها كمقدمة لبدء تسوية ومصالحة لجعل المدينة خالية من السلاح والمسلحين.. هذه الخطوة أثلجت صدور السوريين، آملين أن تكون مقدمة لتعميم المصالحات الوطنية على كامل تراب الوطن لإعادة من ضلّ الطريق ليعود إلى حضن الوطن ونبذ كل الإرهابيين الذين وردوا إلى سورية لتدميرها والعبث بأمنها والتنكيل بأهلها..
مدينة ابن الوليد في طريقها لطي صفحة الإرهاب الذي عانت منه على مدى العامين الماضيين لتعود البسمة إلى شفاه أهلها الذين اشتهروا بخفة الظل وروح النكتة ودماثة الأخلاق.. من اليوم وصاعداً لن يقتل أطفال حمص بقذائف الهاون الجبانة والسيارات المفخخة وبات بإمكانهم العودة تدريجياً إلى حياتهم الطبيعية التي يستحقونها على أمل أن تعمم جهود المصالحة على كافة المناطق السورية بجهود الشرفاء من أبناء الوطن والحكومة السورية التي قدمت كل التسهيلات لإعادة كل من غرر به أو أُجبر على حمل السلاح إلى حياته الطبيعية، وهذا ما أكد عليه السيد الرئيس بشار الأسد بالأمس أثناء لقائه عدداًمن وجهاء ريف دمشق بالقول” إن الدولة تدعم مسيرة المصالحات الوطنية في جميع المناطق السورية انطلاقاً من حرصها على وقف نزيف الدم وإيماناً منها بأن حل الأزمة التي نواجهها لا يمكن أن يأتي عبر أطراف خارجية وإنما هو ثمرة لجهود السوريين وحدهم لأنهم الأقدر على إيجاد الحلول لمشكلاتهم”.
وعليه عندما تتكاتف الجهود الوطنية فإن السوريين قادرون على حل أزمتهم وتفويت الفرصة على كل من يضمر الشر لهم، بدءاً بأمريكا وحلفائها في أوروبا وأذنابها في الخليج من تحقيق مآربهم، أما المجموعات الإرهابية من المرتزقة وشذاذ الآفاق، فالجيش السوري عاقد العزم على ملاحقتهم حتى تطهير كامل تراب الوطن من رجسهم، حيث وجّه لهم بالأمس ضربات قاصمة في مختلف المناطق وألحق في صفوفهم خسائر فادحة في العديد والعتاد.
وفي التفاصيل، أكد محافظ حمص طلال البرازي أن الدفعة الأولى من المسلحين في أحياء حمص القديمة بدأت بالخروج بعد أن تم إنهاء الترتيبات اللازمة لذلك.
وأضاف: إنه بالتزامن مع عملية خروج المسلحين من المرجح أن تبدأ عملية التسوية والمصالحة لجعل مدينة حمص خالية من السلاح والمسلحين، وأشار البرازي إلى أنه يتم العمل لكي تشمل العملية جميع أحياء حمص وليس حمص القديمة فقط، لافتاً إلى أن وحدات الجيش والقوات المسلحة ستقوم بعد خروج المسلحين بعملية التفتيش وتفكيك العبوات الناسفة والألغام وإزالة السواتر الترابية.
إلى ذلك قالت وزارة الخارجية الروسية: إن روسيا ترحّب بالمصالحة في مدينة حمص وتعتبر أن مثل هذا النموذج من المصالحة يجب أن يطبق في الأجزاء الأخرى من البلاد، وأضافت الخارجية الروسية في بيان لها أمس: “إن روسيا تقيّم بشكل عال في هذا المجال جهود الوسطاء وإننا نبني آمالاً على أن الأطراف سيبذلون كل ما يلزم لتنفيذ مضامين هذه المصالحة المحلية المهمة على أفضل وجه ما سيسمح لأكبر ثالث مدينة سورية بالعودة للحياة الطبيعية بشكل كامل وبالالتفات إلى إعادة إعمار ما دمرته الحرب فيها، ولفتت إلى أن النموذج المتفق عليه في حمص يمكن أن يصلح للتطبيق في الأجزاء الأخرى من البلاد، مؤكدة أن مثل هذه المساعي العملية وليس الحديث العام عن مآسي السوريين ستسهم في تخفيف حدة العنف وإنقاذ مئات الأرواح والتخفيف من معاناة الشعب السوري”.
ميدانياً، قضت وحدات من الجيش والقوات المسلحة على أعداد كبيرة من الإرهابيين ودمرت عتادهم خلال استهدافها فلول مجموعاتهم في الراموسة والليرمون والمدينة الصناعية بالشيخ نجار في حلب، وأوقعت وحدات أخرى إرهابيين قتلى ومصابين ودمرت أدوات إجرامهم خلال استهدافها تجمعاتهم في كفر حمرة وحريتان وعندان ودارة عزة وخان العسل وحندرات ودوار الجندول.
إلى ذلك تصدت وحدات من الجيش والقوات المسلحة لمحاولة مجموعات إرهابية مسلحة الاعتداء على سجن حلب المركزي وكبّدتها خسائر فادحة في العديد والعتاد، كما تم أمس تحرير 15 مواطناً ممن اختطفتهم العصابات الإرهابية منذ أكثر من عام ونصف العام، وأكد المحررون أنهم اليوم أكثر صلابة من أي وقت مضى ومصرون على العودة لساحات القتال إلى جانب رفاق السلاح لدحر الإرهابيين عن أرض الوطن وإعادة الأمن والأمان إلى ربوعه.
وفي حمص وريفها تصدّت وحدة من الجيش لمجموعة إرهابية حاولت الاعتداء على قرية أبو العلايا في ريف المحافظة وأوقعت بين أفرادها قتلى ومصابين بينما أوقعت وحدات أخرى من الجيش أعداداً من الإرهابيين بين قتيل ومصاب في الدار الكبيرة وحوش حجو وعيدون في تلبيسة.
وفي ريف إدلب قضت وحدات من الجيش والقوات المسلحة على عدد من الإرهابيين خلال استهداف تجمعاتهم في سراقب ومعرة النعمان وأبو الضهور وتل سلمو وفي الجب الأحمر في الجبل الغربي وجدرايا والرامي ومرعيان،
كما أوقعت وحدات من الجيش والقوات المسلحة إرهابيين قتلى ومصابين في محيط المعهد الفني وبالقرب من بناء الكتاكيت ومبنى البريد وشارعي سويدان والأردن وشرق دوار المصري والجمرك القديم وحارة البجابجة في درعا البلد.
إصابة 17 مواطناً جراء اعتداءات إرهابية
من جهة أخرى أصيب 17 مواطناً ولحقت أضرار مادية جراء اعتداءات إرهابية بقذائف هاون أطلقها إرهابيون على أحياء المزة والقصاع والزبلطاني والعباسيين السكنية في دمشق، وذكر مصدر في قيادة شرطة دمشق أن قذيفة هاون سقطت على قبو بناء سكني في المزة القديمة مقابل جامع الزهراء ما أدى إلى إصابة أربعة أشخاص من عائلة واحدة أحدهم طفل 8 سنوات، وأضاف: إن 12 مواطناً أصيبوا أيضاً جراء سقوط قذائف بالقرب من مرآب حافلات صيدنايا وسوق الهال في الزبلطاني ومحيط ساحة جورج خوري بينما أدى سقوط قذيفتين بالقرب من كنيسة الصليب وعلى سطح كنيسة كرلس في القصاع إلى أضرار مادية بمبنى الكنيسة وعدد من السيارات والمباني.
إحباط محاولة تسلل عبر الحدود الأردنية
وفي سياق آخر أحبطت السلطات الأردنية مجدداً أمس محاولة تسلل إلى الأراضي الأردنية عبر الحدود مع سورية وأصابت اثنين من المتسللين بجروح. وقال مصدر مسؤول في القيادة العامة الأردنية للقوات المسلحة: “إن مجموعة من الأشخاص حاولوا التسلل من الأراضي السورية إلى الأراضي الأردنية وتم الاشتباك معهم من قبل قوات حرس الحدود وأدى تبادل إطلاق النار لإصابة اثنين منهم فيما لاذ الباقون بالفرار من حيث أتوا، لافتاً إلى أن المصابين تم إخلاؤهم إلى إحدى المستشفيات الميدانية في المنطقة.
من جهة ثانية حذّر الباحث التشيكي المختص بشؤون الإرهاب الدولي اولدرجيخ بوريش الدول الغربية وخاصة الأوروبية من احتمالات ارتداد الإرهاب عليها في ضوء مشاركة إرهابيين ينتمون لدول بالاتحاد الأوروبي في صفوف المجموعات الإرهابية المسلحة في سورية بعد تدربهم على القتال معها.
وقال بوريش في حديث لإذاعة بلوس التشيكية: إن هذا الوضع يجعل أجهزة الأمن الغربية تشعر بالخوف من إمكانية استفادة مواطني بعض دول الاتحاد الأوروبي من التجارب التي حصلوا عليها في القتال إلى جانب التنظيمات الإرهابية في سورية والقيام بأعمال إرهابية في الدول الأوروبية التي يحملون جنسيتها، مشيراً إلى أن هذه المجموعات الإرهابية والخلايا التي تنشط في سورية والتابعة لتنظيم القاعدة تتقاسم المال المتدفق إليها من الخارج والايديولوجيا الواحدة التي تشكل رابطاً عالمياً بينها.
الشعار: الإرهابيون وراء معاناة الفلسطينيين في المخيمات
وفي سياق آخر بحث اللواء محمد الشعار وزير الداخلية مع وفد اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية برئاسة الدكتور زكريا الآغا أمس الأوضاع العامة للفلسطينيين المقيمين داخل المخيمات ومعاناتهم جراء جرائم المجموعات الإرهابية المسلحة.
وأكد الوزير الشعار أن المجموعات الإرهابية المسلحة وراء معاناة الفلسطينيين في المخيمات وأن الحكومة السورية حريصة على معالجة هذا الموضوع بكل جدية وإنهاء معاناتهم، مبيناً أن الاعتداءات الإرهابية على المخيمات ومحاولة زج الفلسطينيين بالأحداث الجارية في سورية تأتي خدمة لمصالح الكيان الصهيوني ولتحييد سورية عن مواقفها الثابتة والداعمة للقضية الفلسطينية.
وبيّن الشعار أن الحكومة السورية سهّلت عملية دخول المواد الغذائية إلى مخيم اليرموك ومستمرة باتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لتأمين احتياجات ومتطلبات الفلسطينيين المقيمين فيه، مشيراً إلى أن المجموعات الإرهابية المسلحة لا تزال تعرقل محاولات إدخال المعونات الإنسانية إلى المخيم.
بدوره أشار الآغا إلى أن المجموعات الإرهابية المسلحة تزيد من معاناة الفلسطينيين جراء رفضها جميع المبادرات التي تقضي بانسحاب المسلحين من المخيم وعودة أهله بأمن وسلام، مبيناً أن سورية أكدت منذ بداية الأزمة على ضرورة تحييد المخيمات وعدم زج الفلسطينيين بالأحداث الجارية في سورية لكي تبقى بوصلتهم الحقيقية وتوجههم الرئيسي نحو قضيتهم الفلسطينية واستعادة حقوقهم المغتصبة وفي مقدمتها حقهم في العودة إلى ديارهم.