في تظاهرة الفيلم التلفزيوني: ” اتركها لتموت” سجينة أثارت قضية دولية بين الإكوادور وأمريكا
حينما نتابع الفيلم التلفزيوني ندرك الفرق الكبير بينه وبين الفيلم السينمائي الذي يحظى بالخدع البصرية والغرافيك والمؤثرات الفنية التي تأخذ دور البطل في بعض المشاهد ويكون لها دور مساعد في ربط الخطوط وصولاً إلى ذروة الحدث .ورغم أن الفيلم التلفزيوني يصوّر بإمكانات بسيطة وبكلفة إنتاجية قليلة إلا أنه يعبّر عن أحداث واقعية تنم عن مكنونات إنسانية ،هذا ما بدا واضحاً في تظاهرة الفيلم التلفزيوني التي أطلقتها المؤسسة العامة للسينما ضمن خطتها السنوية ،واختارت مجموعة عروض حققت نجاحاً وحضوراً جماهيرياً يثني على دور الفيلم التلفزيوني ،ومنها فيلم “اتركها لتموت” الذي أدرج ضمن العروض وبُني على أحداث واقعية وجاء بإخراج ليون إشاسو وسيناريو سوزيت كوتيوروإيجيتا دومنيك، وأثار قضية دولية بين الإكوادور وأمريكا من خلال حكاية سجينة بريئة ،وأكد على واقع تلك الدول التي تمارس القوانين الجائرة البعيدة عن الإنسانية والتي تطال الأشخاص الأبرياء الذين يُلقون بالسجون وهم أبرياء ويبقون دون محاكمة مدة تمتد من شهور إلى أعوام ،وهذا ماحدث مع بطلة الفيلم ساندرا تشايس التي أدت دورها ببراعة فائقة الممثلة باربرا هيرتشي التي ألقي القبض عليها في مطار كيتو في الإكوادور عام 1995 أثناء عودتها إلى موطنها أمريكا بعد أن عثروا على حزم من الكوكائين وُضعت ضمن محتويات حقيبتها ،وبقيت القضية مبهمة يكتنفها الغموض وتضع المشاهد إزاء احتمالات ،هل صديقها نيك الذي سافر معها كان متورطاً فعلاً رغم إنكاره، أم أساليب المافيا القادرة على فعل كل شيء.
اعتمد المخرج على التصوير الداخلي فكان سجن النساء في كيتو هو المسرح الأساسي للأحداث لتنتقل الكاميرا إلى تفاصيل يوميات السجينات داخل جدرانه وفضائه الخارجي، لتصوّر بلغة واقعية هذا السجن المروّع والأوضاع الحياتية التي تنعدم فيها أقل الشروط الصحية للبيئة ،وفي الوقت ذاته يصوّر سجن الرجال الذي لايقل سوءاً ،وقد مرر المخرج بذكاء عبْر الأحداث مختلف أساليب العنف الجسدي والنفسي الذي تتعرض له السجينات وصولاً إلى التحرش بهن من قبل المشرف ،فأفرد دقائق للمشهد المؤثر الذي يحاول فيه المشرف اغتصاب إحدى السجينات على مرأى من الجميع دون أن يكترث أحد لاستغاثاتها فتتدخل ساندرا لتلقى الضرب المبرح ،ومن ثم يأتي المشهد الأكثر إيلاماً حينما توضع في السجن الانفرادي ويظهر الجرذ من وعاء الطعام الذي يحمله الحارس فيتسلل إلى جسدها المنهك ،وأثار المخرج أيضاً العنف الذي يسود بين السجينات من السرقة إلى الضرب إلى الاستيلاء على الطرود لاسيما الطرد الذي فيه أدوية ساندرا .تتصاعد الأحداث وتفشل محاولات تامي ابنة ساندرا القانونية والإنسانية لإخراجها من السجن خاصة أنها مصابة بالربو الحاد وتحتاج إلى علاج ،فتلجأ إلى إحدى أعضاء الكونغرس في واشنطن التي تساندها وتقترح على أعضاء الكونغرس ضرورة مساعدة مواطنة أمريكية بريئة تعاني من التعذيب في سجن الإكوادور ،النقطة الأساسية التي ركز عليها المخرج أيضاً هي دور الإعلام في حلّ المسألة بين الدولتين من خلال برنامج 60 دقيقة الذي صوّر وسائل التعذيب والقهر الذي عاشته ساندرا وهي مريضة. في المشهد الأخير من الفيلم تنجح تامي بالإفراج عن أمها عام 1997 وتعود بحالة يرثى لها إلى موطنها ويكتب على الشاشة ،قضية ساندرا فتحت ملف أكثر من 800 شخص ألقي القبض عليهم في الإكوادور وهم أبرياء وعادوا إلى موطنهم .وعلى الرغم من أنه فيلم تلفزيوني إلا أن الموسيقا التصويرية كان لها دور واضح في بعض المشاهد إضافة إلى ومضات صُوّرت من الأعلى للمدينة بشكل عام اقتحمت المشاهد ،التقنية الأهم التي اعتمد عليها المخرج هي التأريخ الزمني بين المشاهد.
ملده شويكاني