الصفحة الاولىمن الاولى

المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب يطلق من دمشق أعمال دورته الأولى الـهـلال: سـوريـة سـتظل تنـاضل لتحقيق مشروعها القومي مهما اشتدت المؤامرات

دمشق-بسام عمار:
انطلقت أمس في دمشق، قلب العروبة النابض وجسدها المفعم بالصمود والحرية، أعمال الدورة الأولى للمكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب للعام 2014 تحت عنوان “دور المحامين العرب في مكافحة الإرهاب والتطرف والعنف”، بالتزامن مع ما تعيشه سورية، وهي تخوض معركة الأمة العربية ضد الإرهاب والتكفير، وتقبل على فترة استحقاقات دستورية بثقافة ديمقراطية وسيادية واستقلالية، في دليل جديد على أن سورية ليست وحدها في مواجهة هذه الحرب الهمجية الظالمة.
وأكد الرفيق هلال الهلال الأمين القطري المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي في كلمة خلال الافتتاح أن أبواب دمشق ستظل مفتوحة أمام كل عربي حر وشريف، وستظل تناضل من أجل تحقيق مشروعها القومي مهما اشتدت عليها المؤامرات والمحن والمشاريع الاستعمارية، وقال: إن الشعب السوري كان دائماً يقف مع أشقائه العرب في كل محنهم وأزماتهم ويضحي بالغالي والنفيس من أجل حريتهم وخلاصهم، فمنذ أول أيام الاستقلال شارك الوطنيون السوريون في حرب فلسطين وأصبح اسم الشهيد ابن اللاذقية عز الدين القسّام رمزاً للمقاومة الفلسطينية، وكان دائماً ضد محاولات جر المنطقة إلى الأحلاف، فكان سداً منيعاً أمام محاولات الهيمنة على مصيرها ومستقبلها في الخمسينات، وأثناء العدوان الثلاثي على أرض الكنانة عام 1956 وقف الشعب السوري مع المصري، وضحى الشهيد جول جمال بنفسه من أجل حرية مصر العروبة، إضافة إلى دعم  الشعب الجزائري في ثورته في جميع المجالات الممكنة، واليوم يتابع الرسالة نفسها في مواجهة أعداء العروبة ومشاريعهم، والتي هي امتداد للمشاريع التي سقطت سابقاً بفضل صمود الأمة العربية وأبنائها الشرفاء، كما وقف السوريون إلى جانب أشقائهم اللبنانيين والعراقيين طوال سنوات يفتحون منازلهم لاستقبالهم، لم تُهن سورية كرامتهم، ولم تبنِ لهم مخيمات ومناطق تجمع.
وأضاف الرفيق الهلال: اليوم يواجه جيش العروبة في سورية، باسم العرب وباسم المشروع القومي العربي المستقل، أعتى وأشرس حرب إرهابية عرفها تاريخ العالم المعاصر، حرب تكالب فيها أعداء الحرية وأعداء العرب كلهم، مستخدمين لأول مرة كلّ ما عرفه العصر من آليات العدوان، ومنها: تجنيد مئات الآلاف من المرتزقة الإرهابيين وتزويدهم بالمال والسلاح المتطوّر للقتل والتدمير، ونشر ثقافة التكفير على شعب لم يقبل ولم يعرف هذه الثقافة طوال تاريخه، والحصار الاقتصادي والدبلوماسي، وحرب إعلامية لا سابق لها، وتجنيد كل القوى الظلامية والرجعية في المنطقة، وبكل ما تملك من إمكانات، لمحاربة سورية، والتحالف العلني بين الكيان الصهيوني والإرهابيين، وتقديم العدو الصهيوني لهم دعماً متعدّد الأشكال… وكل هذه الأمور وغيرها جعلت من الحرب على سورية حدثاً نوعياً لا سابق له، ولاشك أن التاريخ سيذكر هذه الحرب لمئات السنين القادمة، كما ذكر حرب طروادة وحروب الفرنجة ضد الشام والحروب العالمية المعروفة.. باعتبارها حروباً شكلت انعطافاً في مسار التاريخ، وبالوقت ذاته التاريخ سيسجل أيضاً أن شعبكم العربي السوري انتصر على أخطر حرب إرهابية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.. وأن انتصاره كان مدهشاً ويعتبر مدرسة للشعوب في الدفاع عن استقلالها، وبين أن سورية صمدت في مواجهة هذه الحرب الهمجية الظالمة التي تشن ضدها بفضل وحدتها الوطنية وتماسك جيشها وعقيدته القتالية وتضحياته الكبيرة وقيادته الحكيمة، فضلاً عن كونها دولة مؤسسات، وتابع: إن الشعب السوري واجه الحرب بتعزيز قيم التسامح والمحبة والمصالحات الوطنية لتشجيع كل من غرر به للعودة إلى أحضان الوطن وشعبه.
وخاطب الأمين القطري المساعد الحضور: إنكم كحقوقيين تعلمون تماماً الانتهاكات القانونية الخطيرة التي تقوم بها قوى العدوان على سورية، فهي انتهاكات خطيرة للقانون الدولي، وللقانون الإنساني، ولمبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، وهي انتهاك لمبدأ المساواة بين الدول، ومبدأ استقلال الدول وحقوقها، وأهمها حق الدفاع عن أوطانها، وهي انتهاك فظٌ لحق الشعب العربي السوري في التنمية، حيث تُدمّر مدنه ومصانعه وتُتلف محاصيله وتُسرق ثرواته برعاية وتوجيه من قوى الهيمنة والاستعمار الحديث في العالم وأتباعهم في المنطقة، واليوم يروّجون لانتهاك جديد ضمن انتهاكاتهم لحقوق الشعب، وهو معارضتهم لحق الشعب العربي السوري في تطبيق متطلبات الديمقراطية، وأنتم تعلمون أن الاقتراع ليس حقاً للدولة، وإنما حق الشعب على الدولة، وإنهم بحملتهم الدعائية ضد الاقتراع الرئاسي ينتهكون حق الشعب وليس حق الدولة.. فهم يريدون دولة منهارة وشعباً ضعيفاً كي يمكّنوا الإرهابيين من تحقيق أهدافهم، وهم بهذا يؤكدون مرة أخرى أنهم أعداء الشعب ويخافون من صناديق الاقتراع، وأن دعايتهم طوال السنين الثلاث الماضية حول حق الشعب في الديمقراطية دعاية كاذبة، أخفوا وراءها أهدافهم الحقيقيّة في ضرب سورية، وبالتالي العروبة، وشدد على أن السوريين ماضون في تلبية الاستحقاقات الدستورية تعزيزاً للديمقراطية والوحدة الوطنية، وهم سيتوجهون بداية الشهر القادم لاختيار رئيس من بين ثلاثة مرشحين، والشعب العربي السوري يعي تماماً التحديات التاريخية التي تواجهه، وسيختار قائداً قادراً على قيادة سورية المقاومة والصمود، سورية القرار المستقل والإرادة المستقلة، والسيد الرئيس بشار الأسد هو من يملك هذه الصفات، حيث إنه قائد الشعب وعنوان عزته وكرامته، بل إنه أضحى رمزاً للإرادة القومية العربية في مواجهة أعدائها، وواحداً من أبرز رموز النضال العالمي من أجل عالم أفضل تُحترم فيه حقوق الشعوب وتطلعاتها المشروعة، مؤكداً أن الشعب السوري سيقول كلمته، ولن يستطيع أحد في العالم فرض إرادته وشروطه عليه. وأشار الرفيق الهلال إلى أن ذنبَ سورية أنها تمسّكت بالمشروع القومي العربي الذي يليق بأمة عرفها التاريخ سيدة معطاءة، وذنبُها أنها تمسّكت بالمقاومة ضد الكيان الصهيوني وبقضية فلسطين ولبنان وقضايا العرب جميعهم، ولو تخلّت عن مواقفها هذه لكانت لديهم أفضل الأنظمة والبلدان، مبيناً أن المشروع القومي العربي، على الرغم من هذه الهجمة الشرسة، هو في نهوض تاريخي، حيث تستولده الأمة العربية من رحم الأزمة، وتعيد بناءه على أسس شعبية وديمقراطية، لافتاً إلى أن الدول العربية الأساسية الثلاث، التي حملت لواء العروبة في الستينات، مصر وسورية والعراق، هي الدول التي تتجه نحو تعزيز الديمقراطية.. بينما الأنظمة العربية الرجعية المعروفة بارتباطاتها وتبعيتها مازالت تطبّق أنظمة سياسية بعيدة كل البعد عن عتبة الديمقراطية، بل بعيدة كل البعد عن روح التطوّر السياسي في هذا العصر، وعن حقوق الإنسان وحقوق الشعوب.
وأوضح الرفيق الهلال أن المعركة هي معركة الأمة العربية ومشروعها القومي النهضوي، وأن الانتصار الحتمي للشعب العربي السوري ولدولته الوطنية هو انتصار للأمة العربية، ومرحلة هامة في إطار التطوّر التاريخي لهذه الأمة، وما بعد الانتصار السوري الحتمي لن يكون كما قبله، حيث سيكون هذا الانتصار فاتحة عهد عربي جديد يأخذ فيه الشعب العربي زمام مصيره بنفسه، منوّهاً إلى أهمية اتخاذ قرارات وتنظيم فعاليات محدّدة وملموسة في دعم معركة العروبة على أرض سورية، ومعركة العروبة على أرض العراق ومصر وفلسطين، وهي معركة شاملة ضد الصهيونية والاستعمار الحديث وأدواتهما من إرهاب وظلامية وفكر متطرف، لذا فهذه المعركة معركة الجماهير الواسعة والنخب المثقفة معاً، وأنتم جزء من هذه النخب وعليكم يقع الجانب القانوني والفكري وتعزيز الوعي في هذه المرحلة التاريخية.
زين: الحوار السبيل لإنجاز المصالحة الوطنية
وحذّر الأمين العام لاتحاد المحامين العرب عمر زين من خطورة الأوضاع التي تمر بها الدول العربية من فتنة مذهبية وسيطرة الإرهاب والعنف التي تصب في صالح الكيان الصهيوني، مبيناً أن الإرهاب الذي يحارب الدولة السورية بعنف غير مسبوق مدعوم بتمويل أمريكي صهيوني بالمال والسلاح، ودعا إلى ضرورة البحث عن أسباب وعوامل الإرهاب وتهيئة المناخ المناسب لقتل جذوره ووضع معالجة فورية لأسباب التطرف الديني أو السياسي أو الاجتماعي بحملة قومية تتعاون فيها جميع الأجهزة العربية على المستوى التعليمي والتربوي والديني، مؤكداً ضرورة مراقبة مصادر التمويل للجماعات الإرهابية وتشديد الرقابة على مصادر السلاح والمتفجرات ومطالبة كل الدول بتسليم الإرهابيين الموجودين فيها وعدم إيوائهم أو تقديم الحماية أو أي عون لهم، وأضاف: إن الحوار في سورية هو السبيل لإنجاز المصالحة الوطنية للوصول إلى نتائج تضع الشعب العربي السوري على طريق الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وتقدمه ونهضته واستعادة دوره الرائد على صعيد الأمة العربية، وأكد أن سورية ستظل وجهة كل عربي شريف وستبقى قلعة الصمود والمقاومة، وهي الإقليم الشمالي لمصر العربية، وأن الاتحاد ضد إضعاف الدولة السورية بأي شكل من الإشكال وضد تحويلها إلى دولة دينية بشعارات كاذبة وضد التدخل الأجنبي الأمريكي الصهيوني التركي، مضيفاً: إن الحرب على سورية ليست بهدف الديمقراطية والحرية بل لضربها وتدميرها وضرب موقعها المقاوم، مشيراً إلى أن ملامح النصر والانتصار على أدوات المؤامرة باتت واضحة.
عاشور: الشعب السوري صاحب الحق في السيادة
من جهته أكد رئيس الاتحاد العام للمحامين العرب سامح عاشور أن الشعب السوري دفع ثمناً باهظاً في مواجهة الإرهاب والتطرف الذي دمّر ممتلكاته ومقدراته وهجّر أسره، مشيراً إلى أن زيارته إلى سورية هدفها التضامن معها في وجه المؤامرة التي تتعرض لها من قبل أعداء الأمة العربية بسبب مواقفها القومية ووقوفها مع المقاومة، وقال: إن هدف الحرب التي تشن على سورية ليس نشر الديمقراطية فيها إنما ضرب مكوّنات الدولة السورية وتفتيتها وتحويلها الى دولة دينية بشعارات الكذب والتضليل والخداع، مؤكداً الوقوف إلى جانب الشعب السوري في حقه بالديمقراطية وحقه في التقدم واستعادة أرضه في الجولان السوري المحتل، فالشعب الذي صمد ضد كل الجرائم التي ارتكبت بحقه وحق بلده وحافظ على أرضه سينتصر لأنه صاحب الحق في السيادة.
اسكيف: الاتحاد حاضنة قومية
وأشار نقيب محامي سورية نزار اسكيف إلى أن انعقاد اجتماعات المكتب بدمشق هو تعبير حقيقي لثقافة الاتحاد القومية، لأنه يكاد يكون الحاضنة المؤسساتية القومية العربية الوحيدة التي لا تزال تنبض حياة بفكرها وحراكها الذي نحن اليوم بأمس الحاجة لإعادة هيكلته وتنظيمه وتعميقه وتجذيره التصاقاً بالعروبة كحاضنة بكل مكوّناتها أياً كان وضعها وتصنيفها وتنقيتها من شوائبها التي تستوجب منا العمل الكثير وتعميق الثقافة التي أسس لأجلها هذا الاتحاد، ودعا إلى التعاون وبذل جهود مشتركة لتبقى قضية فلسطين البوصلة والقضية المركزية، ولإدانة العبث بديمغرافية المخيمات الفلسطينية التي باتت هدفاً استراتيجياً للأعداء لإلغاء حق العودة وإسقاطه بدءاً من مخيم اليرموك إلى آخر مخيم من مخيمات اللجوء لأبناء الشعب الفلسطيني.
وأكد اسكيف أن سورية اليوم أكثر إصراراً على الحياة رغم كل ما فعلوه ويفعلوه بالشعب العربي السوري لأنها لم تذق يوماً إلا طعم الانتصارات، داعياً ليكون الاجتماع ورشة عمل حقيقية لمناقشة مصطلح الإرهاب ودعم مقاومة سورية له.
حضر الافتتاح عدد من أعضاء القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي ومن أعضاء الجبهة الوطنية التقدمية ومن رؤساء المنظمات الشعبية والنقابات المهنية.