“اسفنجة سياحية”
ترحل العيون باتجاه المنطقة الساحلية التي تشهد هذه الأيام استعداداً لاستقبال النشاط السياحي الصيفي، الذي تُستقطبُ بموجبه أفواج وأمواج من التدفق الداخلي والخارجي، لواجهة استطاعت أن ترسم حلّتها من توفر عوامل ومسبّبات تخلق منها وجهة لا تعوّض، حتى ولو كان الأمر مرتبطاً بأحداث وأزمات، فالشاطئ السوري بقي في صدارة الجذب ليس للاصطياف فقط بل بعدما سجلت محافظتاه أعلى نسبة قدوم لعائلات وأسر مهجّرة من باقي المحافظات في إثبات قاطع على عمق الأمن والأمان، والأهم الحاضنة الشعبية التي فتحت الأبواب مشرعة لأبناء المناطق الساخنة الذين وجدوا في اللاذقية وطرطوس ملجأ آمناً، بدليل عدم تسجيل أية حوادث مجتمعية تخالف ما تطرقنا إليه خلال سنوات الحرب!.
يعرف الجميع أن الشريط الساحلي يشكل أرضاً بكراً وخامة متعطشة للاستثمار السياحي، فالمساحات المفتوحة والتنوّع الطبيعي والجغرافي الساحر يجعل منها “اسفنجة تشغيل وتشميل” لا تشبع امتصاص المشاريع بشتى أشكالها وقطاعاتها، ولاسيما أن الدولة حرصت على أن تبقي الساحل خالياً نوعاً ما من لعنة الصناعة ومخلفات المعامل الملوثة في توجه ممنوع القفز عنه إلا في حالات مدروسة واستثنائية يكون البعد التنموي حاضراً فيها بقوة.
اليوم ثمّة وجع تعاني منه السياحة، فالمعركة الدائرة على الإرهاب أرخت بظلالها على قطاع يعدّ أول الخاسرين وآخر المتعافين، لدرجة بات الحديث عن نشاط سياحي”أشبه بنكتة” باهتة، والكلام عن إنجازات ميمونة لا يعدو عن كونه “حدوته غير مهضومة” لتفاجئك وزارة السياحة بأخبار متتابعة عن تشميل مشاريع ومنح تراخيص وإقلاع بالتنفيذ لمنشآت ليست بالهينة، قياساً إلى كارثية الحرب وتداعياتها النفسية قبل المادية على رأس المال الذي لا يمكن تناسي جبنه ولاسيما في السياحة التي ما إن تعطس الأحوال حتى تصاب بالزكام من فرط الحساسية وقلّة المناعة عند المشغلين والزبون والمنتج السياحي المقدم؟!.
في سياق التعاطي مع خصوصية الساحل وميزاته المتعاظمة ديموغرافياً وجغرافياً ومناخياً، يبرز التوجه الرسمي والقطاعي لجعل المنطقة معزولة عن لعنة الأحداث وتقديمها بلبوس غني بتنوعاته وتفاصيله، لتبدأ رحلة إطلاق المشروعات والعقود السياحية التي طالت هذه المرة عمق البحر في جزيرة أرواد التي شهدت قبل يومين تتويجاً لخطة تطوير وتنظيم الجزيرة التي يجري تنفيذها وفق مراحل.
الجزيرة التي تضج بالحياة اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً شهدت لأول مرة وضع حجر الأساس لمشروع فندق سياحي ينتمي لسوية /4 نجوم/ بتكلفة استثمارية 830ر715 مليون ليرة بالتوازي مع مشاريع واستثمارات أخرى، ما يعطي قيماً مضافة للجزيرة سياحياً وتشغيلياً في بادرة اهتمام خاص للسيد الرئيس بشار الأسد شخصياً بتطوير الجزيرة وتوجيهه لوضعها في المكانة التي تستحقها على جميع المستويات .
علي بلال قاسم