استعداداً للاستحقاق الرئاسي .. مثقفونا السوريون: سورية بعد الانتخابات ليست كما قبلها..
لأن قدَرَ سورية كان ومازال أن تكون محط أنظار الطامعين عانت الكثير وتحملت الكثير، وكانت في كل مرة تنهض كطائر الفينيق، متعالية على جراحها وآلامها لتثبت أنها البلد الذي لا يُقهَر والتاريخ الذي لا يمكن محوه وإلغاؤه بحضارته التي تمتد لآلاف السنين. من هنا اجتازت كل المخاطر ومحاولات الانقضاض عليها بفضل إنسانها السوري عريق الهوية والانتماء، والضاربة جذوره في عمق التاريخ، وهو الذي كان مع كل انعطافة تاريخية ومع كل اختبار جديد لأصالته يزداد صلابة وتمسكاً بأرضه ووطنه.. واليوم وقد عانى ما عانى، وبعد أن انكوى بنيران التآمر لن يكون إلا ذاك الإنسان السوري بامتياز الذي يبدع في توجيه بوصلته إلى الجهة الصحيحة في الوقت المناسب، وهو يعلم خبايا الأمور ومدرك أكثر من أي وقت مضى أن سورية قبل الأزمة ليست كما بعدها، وهي بعد الانتخابات لن تكون كما قبلها، وأنه اليوم شريك حقيقي في إعادة بناء الوطن عبر صوته وممارسته لحقه في الانتخابات واختيار القائد الذي سيقود مسيرة النهوض بسورية نحو مستقبل أفضل عبر عملية ديمقراطية أدرك المواطن عامة والمثقف بشكل خاص أهميتها وضرورتها في وقتنا الحالي.. من هنا يبين الناقد المسرحي عبد الناصر حسو أن الانتخاب حق شرعي وقانوني وأخلاقي لكل مواطن بلغ مرحلة الرشد من حيث المبدأ، والعملية في حد ذاتها ستؤدي إلى تكريس مبادئ الديمقراطية وحرية التعبير والمساواة بين المواطنين لاختيار مايرونه مناسباً، والمناسب برأيه يحدده وعي المواطن وثقافته وانتماؤه وإحساسه العالي بالتوجه إلى مرشحه المفضل الذي بدوره يتحمل مسؤولية من انتخبه.
المواطن لن يفقد بوصلته
وإذا كان أحد أهداف الديمقراطية وضع خطط وبرامج تنموية بشرية شاملة لبناء مؤسسات الدولة النموذجية والارتقاء بها فمن الضروري كما يشير الناقد عبد الناصر حسو تحويل الدولة إلى دولة تنموية للنهوض بمستوى حياة المواطن الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مبيناً أن الانتخاب يعني أن تضع ثقتك في من تنتخبه لأي منصب كان كانتخاب الرئاسة أو أعضاء مجلس الشعب أو الإدارة المحلية، مشيراً إلى وجود انتخابات دائمة في المنظمات الشعبية مثل لجان اتحاد الكتاب العرب وانتخاب أعضاء نقابة الفنانين، وبالتالي فالعملية برأيه واحدة في جميع الأشكال وإن تفاوتت المناصب لأن الصوت واحد هو صوت الإنسان الذي لا يعلو صوت فوق صوته، ومن المفترض أن تكون لهذا الصوت قيمة مادية ومعنوية وتاريخية وحضارية .
ويختم حسو كلامه وهو مؤمن بوعي المواطن السوري الذي تمتد جذوره الحضارية إلى آلاف السنين، فلا يعقل أن أحداً يستطيع أن يحرمه من صوته، وقد ازداد وعياً وإدراكاً من قبل، خلال السنوات الثلاث الماضية، وبالتالي لن يفقد بوصلته في الأزمات التي تتطلب منه حضوراً لافتاً ونشاطاً غير مسبوق.
التأسيس لمفهوم ديمقراطي جديد
أما الكاتب مالك صقور فيبدأ كلامه عن الانتخابات وهو يتمنى لسورية الخير، مؤكداً أن سورية منتصرة بشعبها وجيشها وقائدها، وأن هذه الحرب الشرسة العدوانية التي تُشنّ عليها هي محكّ ومحنة على البلد يجب أن تنتهي لما فيه خير سورية التاريخ والحضارة، مشيراً إلى أن سورية من أوائل البلدان العربية التي كان لديها دستور صحيح وديمقراطية صحيحة.. واليوم وبعد هذه الحرب التي أفرزت أشياء كثيرة لا بدّ من القول إن التجربة الانتخابية تجربة رائدة وإن هذه المرحلة فيها عودة إلى مرحلة الخمسينيات والتأسيس لمفهوم ديمقراطية جديدة.
ويبيّن صقور أن هذه التجربة التي تفرزها المحنة تريد قائداً رئيساً فهم شعبه، وشعبه فهمه، ودافع في هذه المحنة الشديدة عن وحدة تراب سورية بعدم تمزيقها من خلال الوقوف في وجه المخططات.. إن سورية تريد رئيساً محبوباً شعبياً جماهيرياً وقد فهم حالات الشعب كلها، منوهاً إلى أن مرشحه هو الدكتور بشار الأسد، داعياً الجميع لممارسة حقّ الانتخاب وهو على يقين من أن الجميع سيفعل ذلك لأن المواطن السوريّ أصبح يعي ما يجري والسبيل للخروج من هذه المحنة.
ترسيخ قيم التعبير عن الرأي
ويشير الكاتب د.راتب سكر إلى أن الانتخاب هو ترسيخ لقيم التعبير عن الرأي في المجتمع، وأن الإيمان بحقّ المواطن في الانتخاب والتعبير الحر عن رأيه مكوّن من مكوّنات النهضة الوطنية القادمة إلى مستقبل منشود متشبث بهويته العربية بغضّ النظر عن تفصيلات خطوط مكوّنات المجتمعات المحلية، وأن الخطوة التي يخطوها المجتمع في مضمار الانتخابات تفتح نوافذ على ذلك الطوق الاجتماعيّ الوطنيّ والقوميّ على دروب أحلامه المشروعة، مؤكداً أن الدكتور بشار الأسد يحمل في وعيه وقلبه نبض تلك الأحلام للنهوض من أحزان الواقع.
الانتخابات تحدّ كبير لسورية
ويبيّن الموسيقيّ أندريه معلولي أن الانتخابات تتيح لكل إنسان الفرصة لأن يعبّر عن رأيه من خلال انتخاب الشخص الذي يرى أنه يمثله، وهي عملية تشعر المواطن بوجوده وأهمية رأيه وأنه مسؤول عن خياره في بناء الوطن، مؤكداً أن المواطن مسؤول مسؤولية كبيرة في ذلك، وهذا يتجلى في انتخابه للرئيس (الذي يمثّل عادةً كل المواطنين) القادر على الارتقاء بالوطن ثقافياً وفكرياً واجتماعياً وسياسياً.. ومن هنا تُعتَبَر عملية الانتخاب عملية غاية في الأهمية في سورية، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها، دون أن ينكر معلولي أن العملية الانتخابية تمثل تحدياً كبيراً لسورية لتعيد بناء نفسها دون أيّ تدخّل خارجيّ بجهود أبنائها الذين بقوا فيها وأحبوها، لذلك يؤكد معلولي على أن دور المواطن كبير في إنجاح تجربة الانتخابات في سورية، ويتبلور ذلك بإصراره على ممارسة حقه في الانتخاب، وهو حقّ يجب أن يدافع عنه لإيصال صوته، مشيراً كذلك إلى أن توجه المواطن إلى الانتخابات يعني أن الحياة في سورية مستمرة رغم محاولات قتلها، وأن الشعب السوري لن يستسلم وسيتابع مسيرته نحو حياة أفضل، ليؤكد معلولي أن القرار في النهاية هو للشعب السوريّ خلافاً للسيناريوهات التي يقوم البعض بتعويمها، مبيناً أن المواطن السوريّ هو المعنيّ والقادر على إفشال هذه السيناريوهات من خلال ممارسته لشؤون حياته بشكل طبيعيّ وديمقراطيّ.
ويختم معلولي مؤكداً أن سورية اليوم بحاجة إلى المحبة التي يجب أن تكون في داخل وقلب رئيسها الذي يجب أن يمتلك قلباً واسعاً قادراً على استيعاب كل أطياف المجتمع لإيصال البلد إلى شطّ الأمان، وهي بحاجة كذلك إلى من يمتلك فكراً استراتيجياً قادراً من خلاله على الارتقاء بسورية ثقافياً واقتصادياً وسياسياً، وسورية اليوم بحاجة بلغة الموسيقا إلى قائد أوركسترا قادر على قيادة المجتمع بكل أطيافه وخليطه ليُنتِج في النهاية منتَجاً وطنياً بامتياز.
أمينة عباس