نقطة ساخنة رسالة إلى “الخاص”
نجزم بأنه لا يمكن لأي اقتصاد وطني أن يمتّن أواصره ويحقق أعلى معدلات نموه دون أن يتضافر جهد كلّ من قطاعيه العام والخاص في وحدة متكاملة لا يطغى فيها أو يتعدّى أحدهما على الآخر.
بذلك يستطيعا السير بتناغم وانسجام بما يحقق المصلحة العامة، عبر قيام الأول بالتخطيط الاستراتيجي ضمن رؤية واضحة تحدّد مسار الثاني، ويشرف عليه ويضبط حركته ونشاطه الاستثماري والتجاري، ولاسيما في حال حصوله (أي الخاص) على الكثير من المزايا التشجيعية، حتى لا يخرج عن القوانين والأنظمة النافذة، ولا يقع -في الوقت ذاته- في مطبّ الطفل المدلّل ليتحوّل تدريجياً إلى طفيلي جبان، وبهذا يكون عمل كلا القطاعين متوازناً بموجب معادلة تخوّل كل قطاع القيام بدوره المنوط به.
هذه المعادلة كانت تفتقد في كثير من الأحيان توازنها واستقرار كفتي ميزانها المتأرجحتين يميناً ويساراً، دون الأخذ بالاعتبار ما سيحققه كل طرف، وهذا أدّى إلى تجاوزات من العيار الثقيل، ليس أولها فتح أبواب الرشاوى والدفع من تحت الطاولة وفوقها، وليس آخرها حالات الاحتكار الكبرى وما جلبته من أرباح تقدّر بالمليارات وليس بمئات الملايين حسبما أكده بعض العارفين بخفايا الصفقات المشبوهة.
فالخاص مدعوّ إلى المساهمة مع نظيره العام لتحقيق التوازن في هذه المعادلة، وانتزاع نفسه صفة (الجُبن) منه، ومطالب بألاَّ يتموضع في خانة (المتطفّل)، وإنما في موقع المسؤولية والتشاركية، حتى تكون له بصمة في عملية رفع مستوى اقتصادنا الوطني، وخاصة إذا ما اتجه نحو الاقتصاد الفعلي المنتج وعلى رأسه الصناعة، والفرصة الآن مواتية أمامه لإنشاء مثل هذه المشاريع الإنتاجية، لا أن يقتصر نشاطه على التجارة والخدمات، فالبلد أحوج ما يكون إلى رجال أعمال همّهم الأول النهوض بواقع قطاعنا الصناعي.
وهنا نوجّه رسالة إلى قطاعنا الخاص، ونحن على أبواب مرحلة عنوانها الرئيس (الإعمار والبناء)، أن يعيد النظر بحساباته وخاصة من جهة ضرورة اضطلاعه بمسؤولياته التنموية الاقتصادية والاجتماعية، آخذاً بعين الاعتبار أن الحكومة منحته الكثير من الامتيازات والإعفاءات أوقات الاستقرار والرخاء، وكذلك في الأزمة..، وبالتالي من حق اقتصاده الوطني عليه أن يكون أكثر فعالية ونشاطاً في المرحلة المقبلة.
ح. النابلسي
hasanla@yahoo.com