نقطة ساخنة بين السياحة والسياسة..
مؤشرات سياحية متفائلة لها الكثير من الدلائل والرسائل الاقتصادية والاستثمارية، عكست وعلى خلاف ما كان بعضهم يتوقع نتائج سريعة لملتقى سوق الاستثمار السياحي، والبداية ما أعلنته وزارة السياحة أمس.
أول غيث الملتقى، بشائر لتسعة مواقع سياحية من أصل 24 موقعاً جاهزاً للاستثمار السياحي طرحت فيه، تم شراء دفاتر شروطها من المستثمرين، وتكلفتها 600 مليون ليرة، ومن المتوقع زيادة الإقبال على المشاريع المتبقية.
لم تفاجئنا البداية كما لن تفاجئنا النهاية، وخاصة أن هناك العديد من المستثمرين الجدد الذين حصلوا على رخص تشييد سياحية، منهم من قطع شوطاً في التنفيذ ومنهم من وقّع تمهيداً لإطلاقها، وهم ينتظرون اللحظة المناسبة لحجز موقع لهم على الخريطة السياحية السورية.
قد يتهكّم مَن تموضع في قنّ التآمر على اقتصادنا الوطني عامة والسياحي خاصة، فما يثبته المشهد الوطني يومياً في كل الساحات، يكاد يُفقد أصحاب الفيل عقولهم وفيلهم..
لنترك أولئك ونَسِر مع قافلة تعافي اقتصادنا الوطني، حيث أكد تجار دمشق أمس في رسالة لصفحتنا هذه أنهم على النهج سائرون، ولنقُل ما نودّ لفت الانتباه إليه في موضوع الاستثمار السياحي..
للصناعة السياحية عامة ولشقّها الاستثماري خاصة، خصوصية تميّزها عن باقي القطاعات الاقتصادية الأخرى، ومنها ليس فقط أن السياحة أول المتأثرين بأي حدث وآخر المتعافين من تداعياته، سواء كان سلبياً أم إيجابياً، لكن هناك تفاصيل تؤكّد ضرورة التعاطي المختلف لناحية التسهيلات والمحفزات التي تحتاج إليها السياحة دون غيرها.
على سبيل المثال لا الحصر، المنتج السياحي يتطلب استقدام الزبون إليه أين وجد، بعكس المنتج الصناعي الذي يمكن تصنيعه في أي بقعة من العالم ومن ثم بيعه في أي سوق، وهذه فرادة في القطاع السياحي ليس من السهل تحقيقها، وخاصة في وطن يتعرّض لما تتعرض له سورية من تدمير وتشويه وتضليل إعلامي مستمر، فنحن نصدّر الحمضيات إلى روسيا وغيرها ولا نستطيع جذب سيّاحها مثلاً.
خمسة وسبعون بالمئة من عملية تصنيع المنتج السياحي تتم أمام الزبون، والمنشأة السياحية لا يمكنها إطفاء التكييف صيفاً وشتاء أو إطفاء الإنارة والتسخين، بعكس المنتج في المصنع وغيره..
والغرفة الفندقية أو طاولة الطعام التي تشغّل اليوم، لا يمكن تشغيلها أو تأجيرها غداً، بينما المنتج الصناعي إن لم تبِعه اليوم تبعْه غداً، وهكذا دواليك..
أما التسويق والترويج لسياحة البلد فمختلف كلياً ومحكوم بأمور عديدة، وتكلفته عالية ويحتاج إلى كفاءات خبيرة، تمتلك القدرة على الإقناع ومخاطبة مختلف العقول والعواطف والثقافات المتنوعة وغير ذلك من القضايا، وهذا أصعب أنواع الترويج والتسويق.
خلاصة الفكرة أن وزارة السياحة كما تعلن، تعمل على مفهوم وأفكار وآليات سياحية مختلفة، ونحن نشدّ على أياديها ونثني، وسؤالنا هنا: إلى أي مدى ستستطيع الجمع بين المختلفات، ضمن قطاعها ومع غيرها من القطاعات التي تقترب وتتشابك معها؟.
سؤال إذا ما نجحنا في الإجابة عليه، فستكون القادمات من الأيام حبلى بالبشائر التي بدأت طلائعها.
قسيم دحدل
Qassim1965@ gmail.com