بعثة برلمانية روسية لمواكبة الانتخابات الرئاسية المغتربون: لا نقبل التبعية .. وسنمارس حقنا رغم التحديات
رغم إدراكهم بأن المحاولات الخارجية للتدخل بشأن استحقاقاتهم الداخلية ستتصاعد مع اقتراب موعد الانتخابات للتشويش والتشكيك فيها إلا أن السوريين يتابعون استعداداتهم للمشاركة فيها إيماناً منهم بأن الانتخابات شأن داخلي، وأن الشعب من يمنحها الشرعية، ويجمعون على أن إنجاز الاستحقاق الدستوري في موعده في هذه الظروف بمثابة بداية للنصر على الإرهاب، الذي تتعرض له سورية.
يحمل الثالث من حزيران موعد الاستحقاق الدستوري لانتخابات رئاسة الجمهورية أملاً لكل سوري يترقب رؤية بلده وقد لفظ وجعاً أثلم به الإرهاب الحاقد كل فرد وكل عائلة، ولاسيما أولئك الذين وجدوا أنفسهم فجأة مسلوبين من بيوتهم وأعمالهم وقراهم وبلداتهم وذكرياتهم ليخرجوا باحثين عن الأمان في أي مكان لا يلوح فيه شبح الإرهاب، المتدفق إلى وطنهم بدعم من حكومات أردوغان والغرب وإسرائيل والرجعية العربية..
بالأمس، أنهت السفارة السورية في العاصمة التشيكية براغ استعداداتها لتمكين المواطنين السوريين المقيمين في تشيكيا من ممارسة حقهم الدستوري بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية في سورية، المقرر أن تجري في الخارج في 28 من الشهر الجاري، وأكد القائم بالأعمال ابراهيم ابراهيم أن إقبال المواطنين السوريين على التسجيل فيها كان متميزاً، ولفت إلى أن بعض المواطنين السوريين وبعد فترة تردد بسبب ظروف الأزمة في سورية وجدوا أن إجراء الانتخابات الرئاسية في سورية فرصة للتعبير عن انتمائهم الصادق ولمراجعة الذات والانحياز للوطن.
من جانبهم عبر العديد من أبناء الجالية السورية في تشيكيا عن الاستياء الشديد من قراري فرنسا وألمانيا منع المواطنين السوريين فيهما من ممارسة حقهم الانتخابي، مؤكدين أن هذا السلوك يتناقض والأسس الديمقراطية التي أقيمت عليها أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، وأشاروا إلى أن هذه الخطوة تكشف نفاق قيادات البلدين، التي تتحدّث عن الديمقراطية والانتخابات والحاجة إلى الحل السياسي في سورية، وفي نفس الوقت تدعم المجموعات الإرهابية وتمنع المواطنين السوريين في هذين البلدين من ممارسة حقهم في اختيار رئيسهم القادم.
وفي باريس أكد عدد من أبناء الجالية السورية في فرنسا ومواطنون فرنسيون تأييدهم للاستحقاق الدستوري، مجددين إدانتهم لقرار الحكومتين الفرنسية والألمانية، وشددوا على أن قرار السلطات الفرنسية يشكل خرقاً فاضحاً لمبادئ الدستور الفرنسي والجمهورية الخامسة، التي أرسى قيمها الرئيس الراحل شارل ديغول، مضيفين: من خلال هذا القرار نرى أن فرنسا بشعاراتها البراقة عن الحرية والمساواة والإخوة والتي كنا نقرأ عنها ونحسدها عليها تتلاشى شيئاً فشيئاً لتحل محلها قرارات متخذة مسبقاً من قبل السيد الأمريكي وما على الحكومة الفرنسية إلا التطبيق، وتابعوا: إن هذا الأمر ظهر جلياً منذ اتخاذ قرار بالتدخل العسكري ضد سورية ومن ثم فضيحة انتظار تصويت الكونغرس الأمريكي قبل التصويت الفرنسي في ترجمة واضحة لسياسة التبعية الفرنسية لأمريكا، وشددوا على أن سورية التي علمت العالم الأبجدية وأنشأت أقدم الحضارات ستعلمه من جديد كيف يتم تطبيق الديمقراطية، ولكن ليس بطريقتهم بل بطريقة الشعوب الحرة التي لا تقبل الهوان ولا التبعية.
وقال الدكتور عروة عمران، وهو دكتور في هندسة الميكانيك مقيم في فرنسا، إن هدف القرار هو التشكيك بشرعية الانتخابات والاستمرار في دعم حالة عدم الاستقرار في سورية، أو غير ذلك من الأهداف والأسباب، ولكن مهما كانت الأسباب فقد أصبح لدى الجميع يقين بازدواج معايير الحكومات الأجنبية وتذبذبها في ادعاء الديمقراطية والحرية، فيما اعتبرت نورا عبيد ساندير أن فرنسا تتخبط لعدم نجاحها في الحرب على سورية وتتخبط حكومتها لفشل سياساتها الداخلية وكذلك يتخبط رئيسها فرانسوا هولاند لتدهور شعبيته، ولذلك كله لم تجد الحكومة الفرنسية طريقة أخرى لإثبات وجودها إلا اختلاق عقبة كهذه، لاعتقادها بأنها ستكون وسيلة لبقائها على المسرح الدولي، ولكن لن تستطيع هذه الحكومة تحقيق هدفها لأن السوريين المقيمين في فرنسا سيمارسون حقهم في الانتخابات الرئاسية رغم كل التحديات.
وقالت المواطنة السورية صباح محمد علي: إن وزير الخارجية الفرنسي الحالي لوران فابيوس والسابق آلان جوبيه وكل الوجوه السياسية الحاكمة في فرنسا لا يفهمون إلا “لغة البترودولار” ولا تهمهم جراح وآلام الشعب السوري ولا تطلعاته نحو قيام انتخابات ديمقراطية، ولذلك كان بديهياً أن تمنع الحكومة الفرنسية السوريين المقيمين على أراضيها من مشاركة إخوانهم في سورية الانتخابات الرئاسية والإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع على الأراضي الفرنسية، وشددت على أن السوريين يؤمنون بحقهم في ممارسة دورهم في انتخاب رئيس الجمهورية، ومهما فعل أعداء سورية فلن ينجحوا في منع السوريين من ممارسة حقهم.
وشجب الناشط السياسي الفرنسي سيدريك بيتريه قرار الحكومة الفرنسية، معتبراً أن هذا القرار يعد تصرفاً غير مسؤول منها يظهر بكل وضوح إنكارها للديمقراطية التي تدعي أنها حاميتها، وأضاف: إن النخبة السياسية الفرنسية فقدت مصداقيتها بسبب تشوشها، وتابع: الحكومة الفرنسية تشارك بشكل نشط في صب الزيت على النار لتأجيج الأزمة في سورية، وبالتالي فإن الأمر مضحك ومؤسف معاً أن نرى أعضاء الحكومة الفرنسية أولئك، الذين يشكلون عاراً على فرنسا ويدمرونها، يصفون غيرهم بالديكتاتورية بينما هم يستخدمون أساليب ديكتاتورية حقيقية ويسمحون لأنفسهم أن يقرروا بدلاً عن المواطنين السوريين حول مستقبل وطنهم ورئيسهم.
وفي موسكو، أعلن رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما الروسي أليكسي بوشكوف أن المجلس قرر إرسال بعثة لمواكبة الانتخابات الرئاسية، فيما أكد نائب رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الاتحاد الروسي إيغور ماروزوف أن روسيا تنتظر انتخابات الرئاسة السورية وترصد باهتمام سير الحملة الانتخابية والأعمال التحضيرية لإجراء الانتخابات، التي ينبغي أن تتمخض عن اختيار رئيس شرعي منتخب من قبل الشعب، وقال: الانتخابات الرئاسية تجري في ظل البرلمان المنتخب شرعياً، وتعتبر انتخابات دورية تأتي في موعدها المحدد، وليست انتخابات ارتجالية منافية للدستور، وأضاف: إننا نعتبر اليوم أنه بمجرد أن تنتهي الانتخابات سوف يعرف المجتمع الدولي فوراً من هو رئيس سورية المنتخب شرعياً، وهذا ما ننتظره نحن هنا في روسيا أيضاً، لافتاً إلى أن مجلس الاتحاد الروسي سيرسل ممثليه لمواكبة الانتخابات في سورية، وسيصل برلمانيون آخرون من بلدان كثيرة لمواكبة تنظيم وسير الانتخابات وشرعيتها وشفافيتها.
واعتبر سيرغي ماركوف العضو السابق في مجلس الدوما الروسي ورئيس اللجنة الدولية في المجلس الاجتماعي في روسيا الاتحادية حالياً أن “الانتخابات الرئاسية القادمة ستكون الأكثر ديمقراطية في تاريخ سورية”، ورأى أن الاحتمال الأكبر للفوز في هذه الانتخابات سيكون لصالح المرشح الدكتور بشار الأسد نظراً لأن شرائح واسعة جداً في المجتمع السوري ترى أنه يجسد الأمل لإنقاذ البلاد، فهي لا تقتصر على دعم ترشيحه فحسب بل وتصلي من أجله أيضاً لأنها تعتبره الوحيد القادر على حماية مصالحها بفضل إرادته وشجاعته، لكن الغرب لا يرغب بالاعتراف بذلك لأنه يتبع النهج المعادي للدولة السورية وحكومتها ويعمل باستمرار على إسقاطها والإطاحة بها، مشدداً على أن هذه سياسة متهورة مجنونة وأن من اعتبرهم الغرب ممثلي الديمقراطية انكشفت حقيقتهم بسرعة كبيرة وتبين أنهم يدعمون الإرهابيين والمتطرفين الساعين لإقامة نظام شمولي متطرف في سورية.