أدب النصيحة الغناء.. ونقل الأدب الرفيع!.

أكرم شريم

أمس. وأنا أستمع إلى فيروز في إشراقة صباحية لها، لفت نظري هذا الشعر الرائع الساحر في معناه وتداعيات معناه، ثم أشرقت أكثر وغنت عن القدس.. “الآن الآن وليس غداً.. أجراس العودة فلتقرع”!. فهي لم تترك موضوعاً جمالياً ولا وجدانياً ولا إنسانياً ولا عاطفياً ولا وطنياً إلا وقرعت الأجراس له!.. هذه البعلبكية حين تغني في بعلبك وهذه اللبنانية القلب والمشاعر حين تغني للبنان، وهذه الأيقونة الشادية حين تغني للجميع !.
وعلى الفور، وأنا أتجول في واحة بل واحات فيروز اللبنانية العربية العالمية، خطر في بالي خاطر والتمع الكلام الجميل.. هذه المشاعر والشاعرية والشعرية والزجلية هنا أيضاً أليست من الأدب الرفيع؟!. من المؤكد أنها كذلك وهذا يعني وبكل بساطة وبشكل مباشر وسريع أن الأدب الرفيع يصل إلى الجميع!.. أدب المكتبات الراقية.. المحلي والإقليمي والعالمي… نعم! إن هذا الأدب الرفيع الراقي يصل إلى الجميع. والأدب ليس شرطاً أن يكون واحداً من الأجناس الأدبية بعينه ودون غيره ليعبر عن كونه أدباً ولا غير،  فالشعر واحد من الأجناس الأدبية المعروفة أيضاً هذا إذا لم يكن من أجملها!. بل إذا لم يكن الأسرع إلى شغاف القلوب ويبحث بعد ذلك ومباشرة عن مقره في اللاواعي عند الإنسان ثم عن مستقر له فيه دائم، ويصير يفعل فعله، ومن خلال اللاوعي نفسه، وفي كل شؤون هذا الإنسان ومجالات حياة هذا الإنسان!.
إذن.. وهذه حقيقة، فإن الأدب الرفيع يصل إلى الجميع لمن يقرأ ولمن لا يقرأ، لمن يشتري الكتب الأدبية من الأسواق ولمن لا يشتري هذه الكتب، وما هو مترجم منها وما هو غير مترجم؛ نعم.. إن الأدب الرفيع وبواسطة الغناء الرفيع المستوى والراقي المستوى، تحديداً، يصل إلى الجميع ويتمتع به الجميع ويثري المشاعر عندهم، ويسحب كل شوائب الحياة والتربيات السريعة أو السلبية من مختلف مراحل حياتهم، وذلك عن طريق السماع والمشاهدة/ سماع كل هذه الأشعار والأزجال المغناة ، من فيروز ، ومن كبار المطربين الأوائل الذين نعرف، والذين كتبوا لهم الأكثر إبداعاً من شعراء الأغنية، من أمثال محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ، ومن لبنان إضافة إلى الأيقونة فيروز، وديع الصافي وصباح، ومن عندنا صباح فخري وكذلك كل مطربينا الآخرين، والحاليين منهم ومطربي الوطن العربي الذين يطمحون إلى الغناء الرفع المستوى وبما يقدم من الأدب الراقي والرفيع أيضاً في كلماته وأجوائه التي يحيطنا بها!.
ولا شك نضيف ولا ننسى أبداً أن نضيف هنا أن الأدب الرفيع يصل إلى الجميع، بواسطة الغناء، والمشاهدة أيضاً، إذا قدّرت الظروف، ونجح المعنيون بتجاوز العوامل السلبية بإنتاج الدراما ومنها: الروح التجارية – السرعة في الاختيار – الهروب من الأعمال التي تقدم القيم العليا – والواسطة (الفكرية) إذا جاز لنا، وهكذا تكون النصيحة اليوم أننا كلما رفعنا وارتفعنا بمستوى الأشعار الغنائية والكتابة الدرامية، كلما أوصلنا الجميع منهم المتعلم وغير المتعلم إلى الأدب الرفيع وأوصلنا الأدب الرفيع إلى الجميع، هذا الذي صارت تضن به المكتبات العربية بواسطة التدخلات الدائمة من أعدائنا وأعداء الشعوب!.