الردّ الوطني والاستحقاق التاريخي
أقلّ مايمكن أن يُوصف به الإنجاز الانتخابي التاريخي الذي حقّقه الشعب العربي السوري أمس هو أنه نجاح عظيم فاق التوقّعات، فالسوريون الذين أدهشوا العالم بإقبالهم الكثيف على صناديق الاقتراع في الخارج، عادوا أمس ليدهشوه مجدداً بشكل أكبر وليكتبوا تاريخاً ناصعاً جديداً للدولة الوطنية السورية.
وبقدر ما كانت انتخابات الثالث من حزيران 2014 واجباً وطنياً وقومياً وإنسانياً أقبل عليه السوريون بوعي وانتماء وطواعية، بالقدر نفسه كان نداء الواجب هذا ردّاً مدوّياً صاعقاً ألحق العار والخزي بأعداء الشعب ودولته الوطنية بثوابتها ومبادئها الراسخة.
فقد كان حصاد الأعداء من الناتو والتكفيريين والإرهابيين مريراً حين حقق الزحف الجماهيري الكبير للمشاركة في الانتخابات ما كان مفاجأة للأعداء، ومتوقّعاً ومترقّباً للشرفاء، زحفٌ بالملايين من أبناء جميع المحافظات، ومن الذين توافدوا من البلدان العربية والأجنبية التي سلبهم حكامُها حقّهم وحريّتهم وخيارهم.
يدرك خصوم سورية أنّ الانتخابات مصدر الشرعية، فلم يعد بإمكانهم القفز فوق هذه الحقيقة الناجزة، وأمس صدرت تصريحات عديدة من فعاليات أوروبية وأمريكية تؤكد هذه الحقيقة، منها ماصرّح به من بيروت فرانك كريلمن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان البلجيكي الذي حرمت بلادُه الجالية السورية حقّ الانتخاب على أرضها، فعبّر باحترام عن شرعية الانتخابات ومصداقيتها جرّاء ما شاهده من إقبال صادق وطوعي من ملايين السوريين على صناديق الاقتراع، مؤكداً خطأ مصادرة هذا الحق وهذا الوعي وهذا الانتماء بقراءة خاطئة تؤكد تبعية حكومات أوروبا للإدارة الأمريكية، ما سيدفع بعدد من البرلمانيين الأوروبيين وغيرهم لزيارة سورية ومعاينة حقيقة الواقع بمنظور جديد، كما قال. ولعل ذلك التصريح مؤشر على بداية تصدّع حقيقي في الموقف الغربي الذي يستمر أصحابه ولاسيّما من الأمريكيين في التعنت والمكابرة رغم وضوح الواقع وسطوع الحقيقة.
إنه لمن العار بل من الجهل والحماقة أن ترى الإدارة الأمريكية وحلف الناتو في مشاعر السوريين الصادقة والمتطلعة الى الوئام والسلام والمحبة والخلاص من القتل والتكفير والتدمير لاشرعية وعاراً.
ألم تؤكد مراكز الأبحاث والاستطلاع في الغرب وخاصة الولايات المتحدة ومنذ أكثر من عام، وفي تلك الظروف الصعبة التي تجاوزناها، أنّ الانتخابات الرئاسية لو أجريت يومها حتى في المناطق التي يعيث فيها المسلّحون ستكون نسبة تأييد سيادة الرئيس بشار الأسد فوق 60٪ ؟ ألا يعرف هؤلاء أن هكذا نسبة ستزداد بعدما حققه صمود الشعب والجيش ومؤسسات الدولة الوطنية، وبعدما اتسعت دائرة المصالحات، والوعي بحقيقة المؤامرة.
إن من يرى ذلك الرأي ينتصر للإرهاب الجوّال ويدعمه حقيقة ويمارس لعبة مزدوجة قذرة يدرك بحماقته ضررها عاجلاً أم آجلاً عليه وعلى سواه من شعوب الأرض، وهو بحماقته يتعامى عن أن ما أنجزه الشعب السوري بالأمس، وما سينجزه بالغد القريب سيعزل المشروع الإرهابي التكفيري بأذرعه العديدة المعروفة، وسيؤدي الى ترسيخ أسس وبنيان الدولة الوطنية العروبية الصامدة المقاومة، وإن غداً لناظره قريب بالأمل والتفاؤل.
د. عبداللطيف عمران