ثقافة

بحثاً عن الخلود..

الوطن ينبض نصراً وفرحاً وبهجة، والسماء تضيء بألف قمر، تتماوج بكل ألوان قوس قزح، وتتعالى الأصوات والزغاريد والضحكات في كل مكان. والأرض تفوح برائحة طهرها، والملحمة في نهايتها، والمشهد قبل أن يسدل الستار ينطق أبجديته، والسيمفونية تعزف آخر ألحانها.. تتعالى رؤى نوارات بلون شقائق النعمان على مسرح الوطن، حملت قلمي لأكتب عن هذه الملحمة، تلعثم القلم وخانتني كل العبارات وتناثرت الكلمات تأبى أن تستقر فهي تريد الرقص على حدود الغيم.
كل ما أريد أن أقوله قيل، وكل ما أريد أن أكتبه كُتب، كل شيء فرد بوحه على مساحة الوطن، الأرض والهواء والشجر والحجر والطفل والصغير والكبير.
ملحمتنا سطرها دم الشهداء فبدت بلون الشمس من نور ونار.. لاحت في خاطري فكرة بدأت تنهش مخيلتي تريد أن تستوطن على صفحتي، وبدأ التاريخ يتماوج في مخيلتي، أول ملحمة في التاريخ من هذه الأرض هي ملحمة جلجامش، وروح الملحمة أن البطل جلجامش يذهب للبحث عن الخلود عندما فقد صديقه أنكيدو، لم يترك وسيلة إلا استخدمها ليجسد الخلود، ويستنتج أخيراً أن الخلود فقط لله.. أما البشر فيخَلَدون بأعمالهم، فيذهب إلى مدينته أوروك ويقف أمام السور الذي بناه فهو الشاهد على عظمته. وعلى ما أعتقد آخر ملحمة ستكون على هذه الأرض التي سطرت أقوى ملاحم العالم هي ملحمة شعب وجيش وقائد.. ملحمة أرض غزاها أشرار العالم وانتهت هذه الملحمة التي خاضها هذا البلد العظيم لتقول بأن الخلود لله، ولكن هذا الشعب الجبار خلّد بتلاحمه الذي لم تستطع قوة في العالم أن تفكك نسيجه، فكان خالد بقوته التي يستمدها من هذه الأرض التي تغزل قصة حضارة، وهذا الجيش الصامد.. الجيش الأسطورة التي حكى قصة سور أوروك كشاهد على عظمة هذه المدينة، خُلِّد بتضحيته وعطائه وفكره وعقيدته، وقائدنا الرمز خالد بحكمته وصبره وصموده وقوته وإيمانه بوطنه وشعبه وجيشه.. فأصبحوا جميعاً أسطورة.. كانوا طائر النار بروموثيوس، وجسدوا ملحمة خلود.
هنيئاً يا قائدنا البشار بجيشك وشعبك.. وهنيئاً لجيشك وشعبك بك الذي توجك إكليل غار على جبين الشمس.. وتوجك نسراً تظلل سماءه لتحميه من الغربان السوداء.. هنيئاً لنا بك قائداً لم يتنازل ولم يساوم ولم يتخاذل.. هنيئاً لنا بك وقد سطرت ملحمة الخلود مع الأرض والجيش والشعب، وبوركت هذه الأرض التي تسطر حكايات الإنسانية والتاريخ والحضارة.. والتي مازالت حتى اليوم تسطر ملاحم الخلود.
الهام سلطان