لماذا ما بعد 3 حزيران ليس كقبله ؟
“بكل تأكيد نحن ضد الإرهاب أينما وقع وهذه مسألة مسلّم بها بالنسبة لنا ، نحن أكثر من غيرنا تعرّضنا لأعمال الإرهاب وعانينا منها … فالإرهاب مُدان ونحن نقف ضده أينما كان .. ومن الضروري أن أنبّه الى محاولات الخلط بين الإرهاب والمقاومة الوطنية” هذا ما قاله القائد التاريخي حافظ الأسد منذ ثلاثين سنة، وللتلفزيون الفرنسي، بينما ينحاز اليوم الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته للإرهاب ويصعقهما أن يهزم تلاحم الشعب والجيش والقيادة في سورية المشروع الإرهابي وداعميه في 3 حزيران .
لم يستطع في هذا اليوم أقطاب المشروع الإرهابي الصهيوني الوهابي الأطلسي ابتلاع الصدمة التي سببتها الانتخابات الرئاسية في سورية، لأنهم باتوا معها على يقين أن خيوط المؤامرة والعدوان على الشعب وعلى الدولة الوطنية وعلى القيادة السياسية في سورية تكشّفت وتعرّت وأصابها الوهن والتفكك والتلاشي وهم يرون ويسمعون شعوب العالم وقادته وأصحاب الرأي الحر والموقف الشجاع كيف يعيدون قراءة الواقع في سورية وحولها من جديد، ويباركون بازدياد وعلى التوالي لها وللسيد الرئيس هذا اليوم الأغر.
لا أحد في العالم اليوم يستطيع نكران أن هذا التلاحم صان دستور سورية وعزز سيادتها وقرارها المستقل ، فقد تم الاستحقاق الدستوري في موعده وبمشاركة كثيفة ومدهشة تجمع بين المفاجأة وعدم التوقع، ما كرّس حقيقة وطنية مستقرة، مفادها أن الشعب هو المرجعية وصاحب القرار، وأن الرهان على المأجورين والمرتزقة وحملات التضليل الإعلامي خاسر ومفضوح، وكذلك كان مصير حملة الرياء والنفاق التي قادتها دول وشخصيات كانت تظن أنها كبرى، فإذا بها تخرّ مهزومة على مسرح الحقيقة والواقع.
وفي الحقيقة كان الكثيرون قبل 3 حزيران يساورهم بعض القلق في تحقيق النجاح المنشود وهم يتابعون الحملة المسعورة ضد مكونات الدولة الوطنية العربية السورية وثوابتها الراسخة، لكن الوطنيين والعروبيين والتقدميين ورجال الدين المستنيرين كانوا على ثقة بأن هذا الصمود التاريخي غير المعهود ولا سيما في عالم اليوم الذي يقف فيه الرئيس الأسد شامخاً سيغيّر المعادلة، وسيدخِل في أطرافها مكونات جديدة فاعلة تدفع الجميع الى حسابات مبنيّة على هذا الصمود التاريخي في وجة الإرهاب والظلام والنفاق وازدواجية المعايير المفضوحة.
إنها معادلة السياسات الدولية الجديدة التي ستنهض فيها سورية بدور مهم، وهذا ما يتطلب من بعض المقيمين في الدائرة الرمادية من القوى الوطنية والقومية والتقدمية الاتجاه الى دائرة الشجاعة واستقلال الرأي والنطق بالحقيقة التي لم تعد خافية.
اليوم ترتعد فرائص الأطلسي أمام إنجازات مرحلية للإرهابيين في العراق، فتراوغ واشنطن لدعم مقاتلتهم في العراق ، ولدعمهم في سورية، ويعرب بان كي مون البائس عن قلقه البالغ ” المستمر ” ، وتقف عواصم الرجعية العربية ومعها جامعتهم ” العربية” حيرى تتريث لغد أو بعده بكثير حتى يُملى عليها، وهم جميعاً في الوقت نفسه يتخبطون جراء تورّط مسبق أمام الدعم الفتاك أو غير الفتاك لأركان المشروع الإرهابي في سورية بعد أن تمت زعزعة هذه الأركان وتقويض أسسه، وبعثرة أشلائه، وتحطيمه عدة وعتاداً في أغلب المناطق على امتداد ساحات الوطن.
واليوم أيضاً أصبحت العصابات الإرهابية لا نوعية، عصيّة على التصنيف، تتشظى وتتوالد والأمر نفسه مع المعارضة الخارجية المرتزقة، مادفع بالداعمين الى مزيد من الضياع والبحث عن سراب خادع لن يصح الرهان عليه أمام صمود الجيش العربي السوري بعقائديته المعهودة التي يبقى فيها مفهوم العدو مستقراً وهو ” إسرائيل ” وهذا ما سيرسّخ هذا المفهوم عند الجيوش العربية في لبنان ومصر والأردن واليمن والعراق وبلدان المغرب العربي، ما سيجعل هزيمة المشروع الإرهابي الأطلسي الرجعي العربي هدفاً قريباً، هذا المشروع الذي أسس لـ” الربيع” الصهيوني تأسيساً تاريخياً غير معهود طيلة قرن وربع من عمره، وهذا ما تدركه السعودية وقطر وتتسابقان في مضماره.
3 حزيران ليس بالتأكيد كقبله، فالقول إن الإرهاب قد هُزم استراتيجياً في سورية يقترن بأن خطره الإقليمي والدولي قد تزايد بشكل دراماتيكي ملحوظ، فأصبحت محاربته مطلباً حيوياً يهمّ العالم كله .. ولعل الغرب قد أدرك ولو متأخراً فداحة الخطأ الذي ارتكبه في سورية، وحاجته الماسّة إليها اليوم للقضاء نهائياً على ذلك الغول، وللتخلص من الشرور التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم
د. عبد اللطيف عمران