بقرارات وبمزاجية إدارية تفرّغ جدواها التشغيلية الموارد البشرية تنأى عن القيمة الإنتاجية المضافة
لا تأخذ فرص العمل التي تحصل عليها مجالس الإدارة المحلية مسارها التشغيلي المحدد، ولاسيما الطاقات البشرية الفنية التي غالباً ما تجنح عن العمل الخدمي الإنتاجي الميداني إلى العمل الإداري بقرارات تلتف على الجدوى الأساسية التي جاءت هذه الفرص لأجلها.
هذا ما كشف عنه صراحة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الإدارة المحلية المهندس عمر غلاونجي لدى إجابته على سؤال خلال الزيارة الحكومية مؤخراً إلى محافظة اللاذقية حول إمكانية تشغيل المزيد من الأيدي العاملة لصالح دعم خدمات مجالس المدن، فأوضح أن المشكلة تكمن في عدم وضع الأيدي العاملة في الموقع الخدمي الذي تطلب لأجله.
وأضاف: عندما نوافق على اعتمادات لتعيين عمال خدمات نفاجأ بأن الجزء الأكبر منهم يزاول عملاً إدارياً على حساب القيمة الإنتاجية والخدمية التي جاء تشغيل الأيدي العاملة لأجلها، وهذا ينعكس على عدم تحسن الواقع وحصول فائض في الكادر الإداري، وهذه مسؤولية مجالس المدن.
هذه القضية الإدارية المطروحة تستوقفنا وبكثير من الاهتمام والأهمية، لأنها لا تخص قطاعاً معيناً بحدّ ذاته، ولاسيما أن التعاطي مع استثمار وتنمية الموارد البشرية لا يزال مزاجياً وروتينياً وقاصراً في الخطط والبرامج المؤسساتية، رغم أهمية تكاملها مع الموارد الطبيعية والبنى التحتية، لتصويب أداء مختلف القطاعات الإنتاجية والاقتصادية، وهي أساس الإصلاح الإداري للمؤسسات، وينبغي أن تكون حاضرة في سلّم أولويات الخطط السنوية على نحو واسع تنفيذياً وتدريبياً.
وعلى الرغم من ضرورتها إلا أن الانصراف نحو تأمين الاحتياجات الأكثر أهمية جعلها تتراجع إلى الأنساق المتوسطة، وتكاد تقتصر على دورات التأهيل والتدريب المضغوطة، وكما يقال: “تحصيل حاصل ورفع عتب”، وهذا من شأنه أن يلقي بظلاله على الكفاءة الإدارية والإنتاجية وحتى الخدمية، لأنه لا يمكن على سبيل المثال فصل كفاءة تشغيل المؤسسات عن متلازمة الكوادر والتجهيزات، ولا يمكن تسريع وتبسيط الإجراءات إلا من خلال كوادر بشرية تتقن عملها المحدد لها، ما يعني رفد هذه القطاعات باختصاصات وكفاءات تكفل تحقيق الجدوى من أي تطوير إداري ومؤسساتي.
وهنا يمكن التركيز في وضع برامج عمل واسعة تنطلق من أولويات ومرتكزات التنمية البشرية مع تكريس مرحلة جديدة من العمل والمتابعة والتخطيط والانتقال الفعلي نحو اللامركزية في العمل والقيام بكل المهام والصلاحيات والواجبات بما يصبّ في خدمة المواطن وتأمين الاحتياجات حسب الإمكانات المتاحة، والتركيز على التخلص من الروتين ومكافحة الفساد وتفعيل العمل المؤسساتي، وإعادة تأهيل الأطر والكوادر البشرية وتنميتها وتدريبها وصقل الخبرات والمهارات.
اللاذقية – مروان حويجة