اقتصاد

في جمعية العلوم الاقتصادية.. التنظيم حاضر ولا ردود على المحاورين الجزائري: أسئلة تحتاج إلى إجاباته.. وغياب للأرقام والاستراتيجيات في توصيف إعادة الإعمار!!

يرى رئيس هيئة تخطيط الدولة الدكتور همام الجزائري، أن هناك ضياعاً وخللاً كبيراً في التعاطي مع المفهوم والعنوان العريض المتعلق بإعادة الإعمار، فرغم أنه يرى أن المسؤولية في ذلك تقع في جزء منها على من يتحمل جزءاً من مسـؤولية ذلك، لكن في سياق طرحه للعديد من تساؤلاته حول قضية إعادة الإعمار يتضح للمستمع لها أن لا مسؤولية للهيئة، ولا أدل على هذا اكتفاء رأس هرمها بطرح الأسئلة، وليضع نفسه في مكان ليس المحاضر، المُنتظر منه الإجابة على تساؤلات المشاركين في الحلقة النقاشية التي أقامتها جمعية العلوم الاقتصادية حول إعادة الإعمار، بل في موقع الباحث عن أجوبة هو وهيئته المعني بها وأكثر من أي جهة أخرى؟!.

أين الأجوبة
من أين نبدأ وما هي الأدوات التي سيتم الاعتماد عليها في الإعمار وما هي مصادر التمويل والآلية لإعادة الإعمار، وهل نريد إعمار القديم وما تم تهديمه، وكيف ستتعامل مع الريف ديمغرافياً أم تنموياً، وما هي السياسة السكانية التي سيتم اعتمادها بالتعامل مع السكان، وهل سيتم نقل العشوائيات إلى داخل المدن وكيف سيتم التعامل مع تراجع القطاع الزراعي والقطاع العام الصناعي والأفكار الجديدة المتعلقة بالتنمية، وهل هناك وضوح في الآلية المطلوبة لإعادة الإعمار؟.. وخاصة في سياق التمويل.

وما هو الحامل الاقتصادي في هذه المرحلة…؟!
كل ما تقدم و أكثر كانت هي تساؤلات لرئيس الهيئة -خلال محاضرته – لكنه فاجأ الحاضرين بما لم يكن ينتظرونه، إذ اكتفى برمي الأسئلة دون أن يجيب بأي تفصيل أو معلومة رقمية يستوجبها أداء إدارته.

تشابك نقوم به؟؟
والأقسى كان في رده على التساؤلات التي تمّ طرحها، الأقسى هو وحسب ما قال: “يجب أن يتم تشابك الهيئة مع مراكز البحث وتشكيل فريق ليقوم بهذا العمل ويكون العقل الفني للمجتمع”، وهنا نسأل: لماذا لم تقدم الهيئة رؤية في هذا الاتجاه ومن يمنعها من ذلك؟.
وفي سياق ختام حديثه لم ينسَ مشكوراً تكرار ما لا يزال غيره يردده، إذ أكد على أهمية التركيز على الإنسان وتأهيله وإعادة النظر بالمناهج وأداء المؤسسات التي تساهم بالارتقاء الثقافي.
كلام مدير عام الهيئة كان بمثابة جزء من حوار ناقص لعدم اكتمال النقاش ولعدم الإجابة عن الأسئلة بمعطيات وأرقام، الأمر الذي أظهر الهيئة كالمكتفي بالحضور فقط دون الاضطلاع بمهام عملها الأساسية في وضع الخطط والتوصيف.

جدية في الحوار.. ولكن
فريق المحاورين من الجمعية ساهم بطرح تفاصيل للنقاش، فالسيد فؤاد اللحام أشار إلى وجود تشوهات في الاقتصاد السوري تحتاج إلى معالجة وتحتاج إلى الابتعاد عن الوصفات الجاهزة، فمثلاً هناك شركات تنتج خارج إطار اختصاصها ولذلك أثر بيئي يجب أن يدرس تأثيره على الأراضي الزراعية وعلى النفط، وعلى الحكومة المساهمة في تسهيل الأمور الروتينية والإدارية ومناقشتها للأسباب التي أدت إلى الأزمة، ليتوصل بعد مداخلته إلى تأكيد دور الجانب الاقتصادي في الأزمة، فالفقر والعشوائيات والامتيازات المعطاة لجانب في القطاع الخاص لها دور حسب ما يراه.
أما الدكتور علي خضر فأشار إلى أهمية دور العامل السياسي في إعادة الإعمار متسائلاً عن البنى الاقتصادية التي سيكون لها تأثير في ذلك وأهمية دخول الحكومة معترك البحث والدراسات وإعادة التفكير في فلسفة الأداء الحكومي وأهمية دخولها في تشخيص المشكلات.

تحديد الأولويات
الدكتور موسى الغرير رئيس قسم الاقتصاد في جامعة دمشق لفت إلى أن الأسئلة المطروحة على غاية في الأهمية، و قال: المطلوب أن نعرف من أين نبدأ ولابد من دراسة الواقع تفصيلياً، لمعرفة القطاعات الأكثر إلحاحاً في الاهتمام لأنها تساهم في التقليل من العنف وهي التي ستحرك النمو الاقتصادي نحو مصادر تمويلية جديدة، ولا يمكن البدء في كل شيء، ويجب أن نقسم إعادة الإعمار إلى مراحل،  فالخراب الكبير في القطاع السكني يحتل المرتبة الأولى في الاهتمام لأن هذا يعني إعادة الناس وساكني الشوارع إلى دورهم، وهذا ما يتطلب تمويلاً رغم توفر مؤسسات اقتصادية ولكنها لا تعمل بكامل طاقتها، مبيناً أننا نحتاج استثمارات بقدر الحاجة إلى مصادر تمويلية، موضحاً أن هذه المشكلة مركبة اجتماعياً وثقافياً وأمنياً واقتصادياً، ولابد من التفكير بالتمويل من مصادر محلية حتى تستقر الدوافع ويأتي تمويل خارجي.
مطلب اختلاف أداء الحكومة
وأكد الدكتور أكرم حوراني أن مفرزات الأزمة من حراك اجتماعي وديموغرافي يستدعي إجراءات ومعالجة من الحكومة بطريقة مختلفة، ولابد من اختلاف التوصيف بطرق المعالجة، إلا أن الإدارة النظرية طاغية في هيمنتها، عوضاً عن إعطاء الإدارات دورها المطلوب في العمل وتحديد المسؤوليات؟؟..
بشار المنير اقتصادي ومدير تحرير صحيفة النور أشار إلى أن ما تم طرحه هو بعض الاقتراحات لقضية كبيرة وهي ليست منتهية، وهذه الأسئلة بحاجة إلى تحديد الأولويات التي بدورها تحتاج إلى إجابات، مشدداً على أن الهيئة هي إحدى الجهات المعينة بالإجابة، أملاً بالحصول على أرقام ومعلومات، ولكون خطة إعادة الإعمار لم توضع، فهي تحتاج إلى إجابات ومؤشرات من الحكومة حول ما يتمّ طرحه أحياناً حول التمويل ووجود مؤسسات مالية عالمية لتأخذ دورها في هذا المجال.

الصدمة والمخرج
رغم صدمة ما قدمه رئيس هيئة تخطيط الدولة من إعلان الفراغ في أهم مؤسسة تخطيطية من المفروض الاتكاء على عملها للخروج من تداعيات الأزمة ووضع استراتيجيات وأسس لتكون نقاط ارتكاز أساسية في أداء المؤسسات ولنراجع عمل الهيئة، فلا خطط تستند إلى معطيات وأرقام ولا تدخل في البعد التخطيطي سواء أكان عمرانياً أم صناعياً أم زراعياً أم تعليمياً ورغم الكادر الكبير المتوفر في العدد.
مللنا وملّ الجميع معنا من الطرح التنظيري القائم وما يحتاجه من تفعيل الطاقات الإنتاجية وتحليل مضمون المعلومات والأرقام الواردة للهيئة ووضع أسس واستراتيجيات وفق ذلك، ولدينا من الأسماء الخبيرة وذات البصمة الكثير، ولا يجوز أبداً أن تبقى هيئة تخطيط الدولة بعيدة عن الدور المناط بها مثلما هو حاصل منذ سنوات، ولو تمّ توظيف إيفاداتها ورواتبها ومصاريفها في جانب تنموي لكانت المحصلة حتماً أفضل وأكثر فائدة اجتماعياً، ولا يجوز أبداً أن تبقى الحكومة في أدائها بعيدة عن تحليل مضامين المعلومات والخطط الواردة، فالمفروض أن ما تعرضنا له في ثلاث سنوات كفيل بأن نبحث في عمق الأسباب لنستطيع الخروج من سياق التوصيف والتنظير في معترك العملي والعلمي والمطلوب.

ابتسام المغربي