نقطة ساخنة من “تورنتو” هنا دمشق..
لعلّها المرة الأولى، أن يقوم مسؤول حكومي بافتتاح فعالية ترويجية لمنتجات يعدّ التسويق والترويج لها حالياً في غاية الصعوبة نظراً لطبيعة وخصوصية تلك المنتجات واختلاف الآليات والأساليب وطرق الدعاية والإعلان عنها..
وزير سياحتنا وعبر “الاسكايب” مباشرة افتتح -ومن دمشق أقدم مدينة وعاصمة مأهولة في التاريخ- اليوم السياحي الأول لسياحتنا حول العالم في مدينة تورنتو الكندية، محادثاً المشاركين والحضور حديث الوطن والمغترب وما بينهما من ألم تمظهر في أعظم تحمّل للبلوى والانتصار على الجراح والمؤامرة الكونية، فكان الحديث رسالة للعالم أجمع بأن سورية بعظمتها ها هنا.
قد يعتقد بعض الناس أن الموضوع يقتصر على الشكل الجديد لإطلاق مثل تلك الفعالية، مع أنه غير مسبوق وجزء من العملية وليس كلها، إلا أن الأمر مختلف فرضه اختلاف الظروف التي طالما تذرع بعضهم بها لتغطية عدم قدرته على تلقف الفرص التي تولّدها الأزمات، وبالتالي عدم قدرته على مواكبة التطوّر وتسخير ثورة الاتصالات التي فتحت للعقل وللفكر مجالات رحبة للتواصل وإيصال ما نريده وبفعالية كبيرة، وفوق هذا بتكلفة زهيدة..
أما الأهم فهو كيفية توظيف المغتربين السوريين المنتشرين في جهات الدنيا الأربع، ليكون كل واحد منهم منبراً حياً لسوريتنا، حضارة وتاريخاً واقتصاداً وثقافة وإنساناً أولاً للأبجدية، وخاصة أن هناك الكثير مما يمكننا البناء عليه اعتماداً على الرصيد المشرّف والمحترم اجتماعياً وعلمياً وسياسياً للمغترب السوري في بلاد الاغتراب..
رصيد لم تستطع كل العقوبات الظالمة وحملات الميديا تشويهه وتشويه جذوره وصورة وطنه الأم، ولعل آخرها التجلي الأنصع للاستحقاق الرئاسي، والصورة المشرّفة التي قدّمت إنساننا السوري للعالم أجمع في أرقى وأنبل صوره، وهي صورة سيكون لها من الصدى والتأثير ما لا تقدر على تشويهه قنوات المسخ والحقد..
قبل أمس كان المثل والدليل أن “الإنسان السوري هو المعلم السياحي الأول” الذي لن يتخلى عن حضارته سواء أكان في الداخل أم في الخارج ولن يتوقف عن العطاء، ليثبت لمجتمعه الاغترابي رسالته الإنسانية الداعية إلى الخير والحوار والسلام والمحبة، ردّاً على رسائل الإرهاب المدمّر لكل أوجه الحضارة والجمال والعلم.
نحو 25 مليون سوري مغترب، في إحصائية غير رسمية نشرت مؤخراً، تضمّنت تفاصيل مهمة يمكن أن تبنى عليها خطط واستراتيجيات واعدة إذا ما تم استثمارها بالشكل والمضمون الأمثلين، حيث أوضحت عدد السوريين الذين لا يزالون يحملون الجنسية السورية والسوريين المولودين من أبوين سوريين وعدد الأجيال السورية، والأجيال الجديدة التي يطلق عليها “من أصل سوري”.
دراسة نأمل من الجهات المعنية أخذها بكثير من الاعتبار والعبرة، والعمل على التواصل الفاعل مع معطياتها، وهنا نذكّر بأهمية عودة وزارة خاصة بالمغتربين، فثروة اغترابنا طاقات هائلة يجب أن نعرف كيف نفجّرها.
ثروة اغترابية هائلة الإمكانات، والدول التي تقطن فيها تشهد بذلك وتتفاخر، وأما الثروة الأكثر هولاً التي لا تقدّر بثمن ولا تقاس، فهي ليس عشق السوري للموطن الأول لكل إنسان، بل هيامه بوطنه وعظيم انتمائه وتضحيته، ومثلما قالها في تورنتو الكندية بالتعاون مع النادي السوري الكندي الاجتماعي، سيقولها -كما هو مخطط- في أكثر من عاصمة غربية وفي قلب بلاد “العم سام”: هنا دمشق.. قوة الحضارة.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com