نقطة ساخنة غير قابل للتأويل
مهما كثرت المبادرات الخلاقة والخطوات المتتالية في أي قطاع اقتصادي، فلن تتحقق تلك القفزة النوعية المنشودة إذا لم يكن هناك إطار تشريعي واضح ومحكم، فيه من الدقة والوضوح أكثر مما يحتمل من تأويلات، وما يكتنفه من ثغرات يفقده فحوى وجوده الأساسي.
وما دام التشريع الواضح والحوافز الاستثمارية واستقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية قوائم أساسية لاستقطاب الاستثمارات وجذب رؤوس الأموال وتوظيفها في تنمية حقيقية، فإن معظم التشريعات التي تحكم هذا الجانب عبارة عن غربال ينفذ منه (المستقصدون)، ويلتفون حول بنوده لتحقيق منافع شخصية على حساب خزينة الدولة، وخاصة أن بعض التشريعات الناظمة لمجال محدّد غابت واكتفت بالعمل على سنّ تشريعات ذات علاقة، كما حصل في “التشاركية” التي طرحت وكانت عبارة عن نسخة مشوّهة لفساد مقونن لم يلقَ المحاسبة.
وبما أننا على أبواب مرحلة جديدة اليوم تستدعي الإسراع في إعادة الإعمار، وتستلزم إحداث تغيير جذري وإعادة نظر بجميع أسس وآليات وسياسات العمل المتّبع في القطاعات الاقتصادية، ولاسيما آليات الجذب الاستثماري، فمن الضرورة بمكان إعادة صياغة التشريعات الناظمة لهذه القطاعات، وتوخّيها الدقة والوضوح وتقليل الثغرات ما أمكن، علماً أن قصور الآليات الجاذبة والموطّنة للاستثمارات، يحتل المرتبة الأولى في قائمة “المفردات الطاردة” للمستثمرين، فضلاً عن الروتين الإداري والتعقيدات، وانعدام التنسيق بين الجهات المعنية بالاستثمار، التي لم تفلح حتى الآن “وبنيّة سابقة لدى بعضها” في إيجاد قانون موحّد للاستثمار في قطاعاتها تدفع العجلة المتعثرة.
ومع حضور الرغبة القوية لدى حجم لا يمكن الاستهانة به من رؤوس الأموال في العودة إلى وطنها، ووعود الحكومة بتقديم التسهيلات لها، وفي ضوء المصلحة العليا وحاجات النهوض بالقطاعات التنموية، لابد من التمحيص في التجارب القديمة وإسقاط ما أوقعنا في (حفر) استسهال الفرص وتوجيهها إلى قطاعات خدمية بعيداً عن القطاعات المنتجة التي تم تحييدها بناء على سياسات قاصرة قطفنا ثمارها (السامة) ولا نزال، والتأني في منح العطايا والترضيات تحت شعار “جذب الاستثمار”.
لكن الأهم أن يتم استبعاد كل مَن حوله”شبهة” في وضع أو تطبيق هذه التشريعات وفق أهوائه، وثبت التفافه حولها، لأن من لم يؤتمن وقت الرخاء لن يؤتمن في الشدائد.
سامية يوسف
samiay@gmail.com