ماأحوج الأمة الى ثورة فلسطين
يتعرّض شعبنا العربي الفلسطيني الى حملة انتقامية من القمع والتنكيل الوحشيين، بتهمة اختطاف المستوطنين الصهاينة الثلاثة، الذين اختفوا مؤخراً في ظروف غامضة، مع أن هذه التهمة لا تستند الى أي دليل قاطع حتى الآن.
هذا التصعيد الصهيوني العدواني الجديد مرفوض ومدان بكل المقاييس، حتى لو صحّ أن المستوطنين اختُطفوا فعلاً، وأن خاطفيهم من الفلسطينيين. فالاختطاف، إذا ثبت، ليس كما يوصّفُه كيان العدو، جريمة إرهابية يستحق عليها الفلسطينيون ويلات العقاب الجماعي الذي أنزله بهم، بل هو عمل من أعمال المقاومة الوطنية الفلسطينية المشروعة، التي هي حق لاجدال فيه لشعب فلسطين.
ولو كان في العالم ذرة من العدالة الدولية، ولن نتحدث عن مقتضيات الأخلاق والإنسانية، لما أمكن للمحتل الصهيوني، أن يصبّ جام غضبه الوحشي، على شعب يمارس حقه المشروع في مقاومة الاحتلال، بينما هو يعتقل آلاف الفلسطينيين في سجونه سيئة الذكر التي بلغت فيها معاملة السجناء اللاإنسانية حد إطعام المضربين منهم عن الطعام بالقوة، ومنعهم من مشاهدة مباريات مونديال البرازيل!، بل، بينما هو، وهذا مايجب ألّا ننساه لحظة واحدة، يعتقل شعباً بأكمله، منذ أكثر من ستة عقود، ويحتل أرضه، ويُخضعه لأبشع ماتفتقت عنه الغريزة العدوانية الصهيونية من ضروب القمع والتعذيب.
جنّ جنون «إسرائيل»، لاختفاء ثلاثة من مستوطنيها، وكأن الأمر يتعلق بمواطنيين مدنيين عاديين يعيشون على أرضهم، وليسوا مستوطنين مجرمين، وفقاً للقانون الدولي الذي يُجرّم الاستيطان، وسارع الغرب المتصهين بقيادة الولايات المتحدة الى التضامن مع جنونها، مؤكداً مرة أخرى عنصريته البغيضة، من خلال وقوفه الأعمى في صف المستوطنين المجرمين. وأي عنصرية أبغض من أن يرى الغرب في سرقة أرض الفلسطينيين والاعتداء عليهم حقاً إنسانياً للصهاينة، بينما ينكر على أصحاب الأرض الحقيقيين حقهم في المقاومة، بل ويطالبهم بحماية أمن من يسرق أرضهم، ويسلبهم حريتهم، ويعتدي عليهم.
على أن شعب فلسطين أثبت على الدوام أنه عصيّ على التدجين والإخضاع، وأنه قادر على الاستمرار في المقاومة ما اضطر إليها، ومستعد دائماً لدفع ثمنها الباهظ من دماء أبنائه وعذاباتهم. ولعل التصعيد الصهيوني الانتقامي في الضفة والقطاع، سيكون الشرارة التي تُذكي نار انتفاضة جديدة يحملها شباب فلسطين المسكون بالغضب والقهر حتى النخاع.
وما أحوج الأمة العربية في هذه المرحلة المفصلية من تاريخها، الى إحياء ثورة فلسطين التي تعيد البوصلة العربية الى وجهتها الحقيقية، وتعيد الاعتبار للثورة العربية، التي نجح عرب أمريكا و«إسرائيل» في تشويهها، وإفراغها من كل معنى وطني وقومي وتقدمي، وأوجدوا لها حاملاً إرهابياً قبيحاً اسمه: داعش.
محمد كنايسي