المرأة.. وأعمال الشهر المبارك!.
أكرم شريم
لا أبالغ إذا قلت أن من أهم ذكريات شهر رمضان المبارك أيام زمان إنما هي: المرأة وعمل المرأة في شهر رمضان وقبل شهر رمضان؛ وربما بأكثر من شهر تحضيراً لهذا الشهر (الفضيل) كما يسمونه في الدارجة، وللعيد السعيد الكبير الذي يتبعه ويحتاج الجميع فيه إلى ملابس العيد الجديدة خاصة وأنه لم تكن في تلك الأيام ملابس للأطفال في الأسواق مما كان يجعل على المرأة الأم واجب خياطة ملابس أبنائها أو الاستعانة بالخيّاطة في الحي وقد تكون أكثر من خياطة في الحارة الواحدة، لتكفي لخياطة ملابس جديدة تسعد كل الأطفال في عيدهم!.
وإذا قلتَ لي ماذا تقصد بالتحضير لشهر رمضان أقول لك: كان يوجد في كل بيت ولم يكن اسمه منزلاً لأن البيت كبير ويتسع لعدد كثير من الأسر، وكل أسرة في غرفة، والأولاد حين يكبرون ينامون في غرفة الأولاد والبنات حين يكبرن ينمن في غرفة البنات، ذلك أن البيت الواحد كان يشمل العمات والخالات والجدات و(الحموات والقبوات) كما كانوا يمزحون!. ولك أن تتصور بعد ذلك كم وكيف كان عمل المرأة من المراقبة والمتابعة والترتيب إلى الشطف والجلي إلى الغسيل والطبخ وكان كل الغسيل والطبخ على نار الحطب، ولهذا كانوا يسمونه (طبخ ونفخ) فهي طوال مدة الطبخ كانت تنفخ!.
ولا تسألني هنا عن بيت المؤونة!. نعم فقد كان اسمه (بيت المونة) وهو صدّق أولا تصدق كان عبارة عن غرفة وسيعة وعميقة ولكن تحت الأرض!. لماذا؟!.. لأن البيت العربي بالكاد يتسع إلى الغرف التي تكفي للساكنين فيه والذين يكبرون ويتزوجون فيه أيضاً، فكيف يخسرون غرفة للمؤونة؟!. لهذا كانوا يحفرون وسط باحة الدار، ويبنون غرفة تحت الأرض ويضعون لها باباً صغيراً ينزل إليها بدرج صغير وفي الجهة المناسبة!. و(بيت المونة) هذا كان يحتوي على كل ما لذ وطاب من المربيات والمربى لم يكن مجرد مشمش أو تفاح أو كرز، فحتى الباذنجان كان يصبح من المربيات وماكان ألذه!. وكم كانت تفخر النساء بهذا العمل، وخاصة (الختيورات) صاحبات الخبرة في كل شيء واللواتي كن يسألهن النساء الكبيرات والصغيرات عن كل شيء وحتى عن خصوصيات الزواج فيأخذن منهن ما يجب فعله، أو عمله أو الصبر عليه أو له! ولم تكن (الختيورة) تدير وتوجه شؤون الأسر والأفراد، إلا لسبب واحد وهدف واحد وهو حل المشكلات بل وضع الحلول لكل هذه المشكلات!. وتحديداً التوفيق!.
فما أحرى أن تكون هذه المسلسلات الرمضانية حول الواقع كما هو، فنرى أنفسنا فيها ونرى المرأة كما هي وكما نعرفها. فلا نستطيع في المسلسلات الرمضانية أن نجنح إلى الجريمة (قتلوا الزغرتي في الحارة ذات مرة) أو إلى السرقة والبشاعة والحقارة والنذالة تقليداً لما اعتادت أن تقدمه لنا (سينما هول يود)، فهذا شهر رمضان الكريم والمبارك والجميل، وإن النسبة العظمى من علاقاتنا الاجتماعية في حياتنا كلها إيجابية، وهكذا تكون النصيحة اليوم أن نحمي أنفسنا وعائلاتنا وأطفالنا من هذه المسلسلات غير المسؤولة والاتجارية الرمضانية، لأننا نحترم التجارة ونقدرها ولكن ليس الاتجار بما لا يُتاجر به، وبكل إصرار وثقة، حتى لا يضيع منا أكثر مما يضيع، ويريد له أن يضيع أعداؤنا وأعداء الشعوب!.