محليات

” مواساة… ومجتهد”

لم تكن ظرفية الأزمة ذلك الدافع والمحرّض للقناعة بأن ثمّة مؤسسات وجهات صحية وطبية لها سجل خارق في تحقيق إنجازات وبطولات مشهودة في تحمّل المسؤوليات واستقطاب الباحثين عن العافية والشفاء، ولاسيما لشريحة واسعة جداً من المواطنين ممن تنطبق عليهم صفة “مستحقي الدعم الصحي” وهم الأكثرية في المجتمع؟!.
تعدّدت المستشفيات وانتشر الاستثمار فيها من قبل رجال المال لتأتي الأحداث وتضع العديد منها خارج الخدمة لاعتبارات أمنية وأخرى تمويلية وفنية عديدة، ومع ذلك بقيت مستشفيات حكومية بعينها “المحجة” الأولى للمرضى قبل ثلاث سنوات من الآن وحتى بعدها، ولا نحتاج هنا إلى الكثير من المبررات والموجبات، فبمجرد أن تذكر” المواساة، المجتهد، الأسد الجامعي” على مستوى دمشق تحديداً، تتشكّل صورة عزّزتها عقود من الخبرة والوفرة في الخدمات ونوعية الكوادر الطبية والتمريضية التي يسجل لها قدرتها على استيعاب مئات المراجعين في أقسام الإسعاف والعيادات الخارجية، عدا عن أعداد غفيرة ممن هم قيد المعالجة في الأقسام الداخلية رغم تذبذب الظروف وقلّة الإمكانيات المتاحة في فترات ما في وقت تكال فيه لهذه المستشفيات التهم الجاهزة التي تسيء لرصيد من الخدمات الطبية والأهم الإسعافية التي ينأى عنها أفخم وأكثر المشافي الخاصة تحت ذرائع وحجج واهية لا تقل عن كونها تنصلاً من المسؤوليات الأخلاقية والإنسانية قبل القانونية؟.
يعرف الجميع أن المستشفيات التي تحمل العبء الأكبر في تأمين الرعاية والخدمات الإسعافية تتجلّى بنماذج ذكرناها بالاسم وليست تلك التي تدّعي العناية والرقي في سوية المعالجة وحداثة المعدات والأجهزة، وكذلك نوعية الكفاءات والكوادر التي لا ترحم في فواتير وأسعار كاوية ومن فئة خمس نجوم وما فوق، ليخرج المريض مهما كان مكتنزاً معافى من مرضه ليصاب فوراً بجلطة الرقم الباهظ جراء التعرفة والفاتورة المرتفعة جداً، مقابل مشافي حكومية تمنح معظم خدماتها مهما كلفت مجاناً وبمجهود لا ضير فيه حتى لو كانت الصفة الغالبة أننا أمام مستشفيات شعبية، فعلى الأقل هذه التي لا تعجب البعض ويتكبّر عليها البعض الآخر تفتح أبوابها ليلاً نهاراً لاستقبال الحالات الإسعافية دون تردد، في حين يغلق الآخرون ممن يدّعون العمل الإنساني أبوابهم بوجه أناس على مشارف الموت..؟!.
القصص والروايات كثيرة جداً عن ممارسات المشافي الخاصة التي لا تتوانى عن التأفف بحق العامة والحكومية في وقت لا تجد ولو طبيب تخدير واحداً ليلاً ولا طبيباً مناوباً إلا بموجب طلب مدفوع الثمن مسبقاً، وحتى الأدوية والأجهزة والمعدات الحساسة لا تجدها إلا في المشافي العامة، ومع ذلك لا ينفك المواطن عن التعليق والإساءة، علماً أنه وعند أي خطب تراه متجهاً للمواساة والمجتهد والأسد الجامعي ومشافي عدة على ساحة المحافظات ليخرج مردداً بلا حياء عبارات لا تليق بحرمة المكان الذي خرج منه بالشفاء صحياً وجيبياً؟!!.
علي بلال قاسم