الإجماع على الأداء السياسي يتطلب الإجماع على الأداء الاقتصادي
تبيّن لكل ذي بصيرة أن ناخبي السيد الرئيس بشار الأسد كانوا من كافة شرائح المجتمع السوري، من العاملين على تنوع أعمالهم، ومن الفقراء على اختلاف درجات الفقر، ومن الأغنياء على تنوع درجات الغنى، ومن الراغبين في التطوير والتحديث والعاملين لذلك، ومن المظلومين ومن المهجرين بعيداً عن مساكنهم المعتادة، ومن ذوي العسكريين والقوات المسلحة الذين يواجهون الإرهاب بعيداً عن أسرهم وأهليهم، ومن ذوي الشهداء والجرحى والمخطوفين، وأيضاً كان معهم وإلى جانبهم – يشاركهم كلمة النعم وبنفس الحماس أعداداً كبيرة من أولئك العاطلين عن العمل.
كل هؤلاء قالوا نعم للسيد الرئيس، رغم تباين سلوكهم ومصالحهم، نتيجة ثقتهم العالية بوطنيتهم، وقناعة منهم أن همّ الوطن يجمع أبناءه، وأنهم سيكونون بخير مادام الوطن بخير، كل ذلك يجعل من حق كل مواطن شريف أن يقول: إن التشاركية الوطنية التي أثمرت في تحقيق انتصار الشعب السوري على أعدائه، واجتماعه على انتخاب رئيساً مقدراً، تجعل من المتوجب أن تشهد السنوات المقبلة التي تعقب هذا الاستحقاق، تحقق تشاركية وطنية مماثلة في ميادين العمل، تؤسس وتعمل لتخفيف درجة الفقر وتخفيف نسبة البطالة، ورفع الغبن عن المظلومين، وتحريك عجلة الإصلاح والتطوير والتحديث، وكبح جماح الفساد، وتحجيم دور مرتكبيه.
وطالما من الصحيح أن نقول: الوطن لنا كلنا، فالأصح أن نقول كلنا للوطن، وأن يعمل كل منا لتحقيق ذلك أياً كان موقعه، أكان داخل جهاز العاملين في الدولة – على اختلاف مهامهم – أو من غير العاملين في الدولة – على اختلاف ثقلهم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
هذا يستدعي أن نكون جميعاً على بيّنة، إن المصلحة الوطنية تقتضي عدم السكوت عن الخطأ وعدم التستر على العيوب والنواقص، وأن يعمل الوطنيون من ذوي المواقف الإيجابية لتذكير ذوي المواقف السلبية بضرورة تقويم سلوكهم وأدائهم وتصويب نهجهم، مبيّنين وموضحين، أن تطابق الرأي في ورقة الاقتراع، يستدعي تطابق الأداء في ميدان العمل، ومذكرين أن مصلحة الوطن تتجلى في توافق الخيارين معاً، خيار المواطن في صندوق الاقتراع، وخياره في ميدان العمل، وليس من الجائز القبول باستمرار وجود ما يناقض ذلك، وعلى كل مواطن صالح أن يكون القدوة في الأداء، ويمتلك الجرأة ليقول للفاسد والمخرب والمتواني عن أداء عمله: اخجل من نفسك، طالما أنك قلت نعم للسيد الرئيس، عليك أن تكون متوازناً ومتفقاً مع نهجه وسلوكه، ولا أحقية لك في ممارسة ما يخالف ذلك، وعليه فالجرأة واجبة من المواطن الحريص على المخل بمصلحة الوطن، ومن المستهلك على التاجر المستغل، ومن الصالح على الفاسد، ومن المتضرر على المخرب.
الجرأة واجبة، ولكن بمزيد من التروي والإنصاف، عند الإشارة إلى الخلل ومواطن الفساد ومرتكبيه، فالحذر كل الحذر من التضخيم، إذ ليس من الصحيح أن نظهر الخدوش، وكأنها جروح، أو نظهر الجروح، وكأنها قروح، فلنعمل منفردين ومجتمعين لآن ننظف الخدوش، بلا دموع، ونطهِّر الجروح، بلا بكاء، ونداوي القروح، بلا صراخ، وعلى أصحاب المواقف السلبية، أن يخجلوا من أنفسهم ويحنوا رؤوسهم خجلاً، عندما يواجهون من يذكِّرهم بذلك، ويقول كل منهم لنفسه: كنت يوم أمس متفقاً مع مصلحة الوطن أمام صندوق الاقتراع، فلماذا لا أكون كذلك في ميدان العمل؟.
وعلى مرتكبي الفساد الإحجام والامتناع عن ممارسة فسادهم، وعلى المقصرين في الإنتاج – أياً كان مكان ونوع عملهم – استنهاض همتهم، وعلى الداعين إلى الإصلاح والتطوير والتحديث ومكافحة الفساد الشروع بكل ما من شأنه تحقيق ذلك فعلاً، فالإجماع على الأداء السياسي يتطلب الإجماع على الأداء الاقتصادي، كي نتمكن من إعادة البناء المنشود.
عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية