استقرار سعر صرف الليرة والثقة بها عاملان مطمئنان الورقة النقدية الجديدة خدمة لاحتياجات التداول ومزاعم التضخم كلام غير مسؤول..
في قراءة سريعة لخبر طرح المصرف المركزي ورقة نقدية جديدة من فئة الـ500 ليرة سورية في التداول خلال الأيام القليلة القادمة، تطفو على السطح جملةٌ من التساؤلات، حول سبب عدم إمكانية استخدام هذه الفئات النقدية خارج سورية، إلى جانب التساؤلات المتعلقة بحجم الكتلة النقدية المطروحة للتداول، واحتمالات رفع نسب التضخم عند زيادتها؟
في البداية، وما نحن على دراية به، أن سبب طرح الكتلة النقدية الجديدة كان نتيجة اهتراء أو تلف نسبة كبيرة من الأوراق النقدية من فئة 500 ليرة الموجودة في التداول، وأصبح لا بدَّ من استبدالها، كما أن آلية استبدال الأوراق التالفة بأوراق جديدة معمول بها لدى المصرف المركزي منذ تأسيسه.
إيضاحات
وحول الشكوك المتعلقة بإمكانية استخدام هذه العملة خارج الأراضي السورية، أياً يكن مصدر طباعة العملة، فإنَّ المبدأ العام الذي يمكن التركيز عليه هو أنَّ الليرة تعبّر عن قبول عام من الأفراد؛ أي إنها تعبير عن ثقة المواطنين بالليرة السورية، مع الإشارة إلى أنَّ الفئات الجديدة يجب أن يتمّ تداولها ضمن الأراضي السورية، حيث تمَّت طباعتها بهدف تسهيل أمور المواطنين، أما لناحية قبولها من عدمه خارج سورية، فهذا الأمر يبقى نسبياً بين الدول؛ فما يحكم هذه المسألة هو علاقة سورية مع هذه الدول.
وهناك تساؤل آخر يتعلّق بتأثير العملة الجديدة في قوة الليرة السورية؟ ما يمكن توضيحه أن سعر صرف الليرة تجاه العملات الرئيسية مستقر نوعاً ما، وهذا جانب مهم جداً لاستبعاد تراجع قوّتها، كما أن “المركزي” قام سابقاً بطرح أوراق نقدية من عدة فئات ولم نلحظ تراجعاً في قيمة الليرة، وحتى لو لم تتمّ طباعة العملة في الخارج، فالانخفاض الذي واجهته الليرة السورية لا يتناسب مع حجم الأزمة التي تمرّ بها البلاد، فهذا يدفعنا إلى استبعاد حصول أي تراجع في سعر صرف الليرة؛ ما يعني أنَّ العملة المحلية ستحافظ على استقرارها.
مؤقت
وقد يرى بعض الاقتصاديين أن طرح العملة النقدية ومن فئة 500 ليرة تحديداً أو من فئة 1000 ليرة (الفئات المرتفعة القيمة) سيؤدي فوراً إلى زيادة معدّل التضخم، إن ذلك صحيح ويمكن أن يخلق تضخّماً لكنه تضخم مؤقت، ويعتمد على حجم الكتلة المطروحة هذا من جانب، ومن جانب آخر مدى موازاة هذه الكتلة الجديدة المطروحة للكتلة المقابلة المسحوبة المهترئة من التداول، ومن ثم إتلافها، وللكتلة النقدية المطلوبة، إضافة إلى متغيّر في غاية الأهمية لا بدّ من أخذه بعين الاعتبار وهو تحقيق نموّ في الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي طرح نقد يوازي الإمكانات الحقيقية للاقتصاد لا يؤدّي إلى تضخم، بينما إصدار نقد جديد دون وجود ما يغطيه من الناتج المحلي (أي بمعنى آخر الاتجاه نحو التمويل بالعجز) -وهو أمر طبيعي في ظروف الأزمة- يمكن أن يخلق تضخّماً لكنه تضخّم مؤقت، بعد الخروج من الأزمة يعود إلى وضعه الطبيعي.
استبدال
كل ما يمكن تأكيده من جديد، أنه لا آثار تذكر من طرح العملة الجديدة على التضخم، وأن طباعتها، بهدف استبدال الأوراق النقدية التالفة والمهترئة، ليس لها أي أثر في التضخم أو في غلاء المعيشة؛ حيث إنها تهدف فقط إلى استبدال الأوراق التالفة بأوراق جديدة، أو نتيجة ارتفاع الطلب على فئة 500 ليرة ارتأى “المركزي” طرحها لتلبية احتياجات المواطنين، ولا ينضوي على آثار سلبية، حيث إنه سيتم تداول الأوراق النقدية الجديدة بالتوازي مع الأوراق النقدية المتداولة حالياً لفترة زمنية يحدّدها المصرف، ومن ثم يتم سحبها من التداول تدريجياً.
دمشق – سامر حلاس