أغنيتنا الوطنية
أمينة عباس
تشغل الأغنية الوطنية حيزاً مهماً من ذاكرة الأجيال، إذ ارتبطت عبر تاريخها بالعديد من المحطات الهامة في تاريخ أمتنا ووطننا، حتى أضحت سجلاً توثيقياً يرصد الوقائع بعناوينها العريضة، ويرتبط بالعديد من المنعطفات التاريخية الوطنية، والقومية، وكلنا يذكر مجموعة الأغاني التي صدحت بها حناجر مطربينا السوريين، والعرب غداة حرب تشرين التحريرية عام 1973، فمن منا لا يترنم اليوم بأغنية “سورية يا حبيبتي” التي أبدعها الفنان اللبناني الراحل محمد سلمان، بمشاركة الفنانين نجاح سلام، ومحمد جمال؟ ولسنوات خلت كانت هذه الأغنية تُعرض حتى في دور السينما، وقبل عرض الفيلم السينمائي، وهناك العديد من الأمثلة الأخرى لأغان أبدعها مطربون سوريون، وعرب أمثال سمير يزبك، وسمير حلمي، وفؤاد غازي، وعصام رجي، ووديع الصافي، ومروان حسام الدين، وموفق بهجت، وفهد بلان، وغيرهم الكثير ممن أثروا ذاكرة الأغنية الوطنية بمختلف أنماطها.
واليوم، ووطننا يمر بمحنة لا ريب زائلة، ازدهرت الأغنية الوطنية من جديد من خلال العديد من الأغنيات التي أبدعها كتّابنا وملحنونا ومغنونا، ومنها ما أخذ شكل الغناء الجماعي، حيث تداعت مجموعات من مغنينا لتقديم أجمل ما لديهم للوطن، وهو يواجه أعتى عدوان شهده حتى الآن.
ولا شك أن مجرد التفكير بإقامة مهرجان فني للأغنية الوطنية يشارك فيه كل من يستحق من فنانينا الموجودين على الساحة، والمستعدين لتقديم إبداعاتهم في هذا الإطار، أمر يستحق التحية والتقدير، فالمهرجان سيساهم بالتأكيد في رفد أرشيف الأغنية الوطنية بالعديد من الإبداعات، وسيعرّف الناس على المزيد من الأغاني الحديثة التي لم يكن لها نصيب واف من البث الإذاعي والتلفزيوني، خاصة وأننا نفاجأ أحياناً بأغان وطنية على جانب كبير من الجمال والأهمية تم تنفيذها منذ فترات ليست بالقليلة ولم تأخذ حقها من البث لحساب أغان قد تكون أقل مستوى أضحت على كل شفة ولسان، كما أن مثل هكذا مهرجان سيشجع العديد من فنانينا الذين كانت لهم صولة وجولة في هذا المجال، وانكفؤوا على أنفسهم لسبب أو لآخر، كي يعودوا مرة أخرى إلى ساحهم الذي أبدعوا فيه.