مقتنصو الفرص يحاولون حجز مقاعد لهم في “نادي البزنس”…!
ثمة أمر مريب يكتنف سوقنا العقارية، وستتضح ماهيته خلال قادمات الأيام، يملي على جهاتنا الحكومية وخاصة المعنية منها بالقطاع العقاري التنبّه إليه ومعالجته قبل أن تقع الفأس بالرأس، ويتمثل هذا الأمر بتحليق أراضينا المنظمة منها وغير المنظمة، خارج سرب السوق العقاري من جهة ارتفاع أسعارها، إذ تشهد إقبالاً على الشراء من منتهزي الفرص، الذين يعرفون (من أين تؤكل الكتف) ويدركون حقيقة استثمار الأراضي بالمضاربة بعد انجلاء الأحداث الدامية التي نمر بها، بعيداً عن الاستثمار الحقيقي لها سواء أكان زراعياً أم صناعياً.
فعلى ما يبدو أن الأرض هي السلعة التي تفتح شهية بعض تجار العقارات هذه الأيام، نتيجة حالة الركود المسيطرة على السوق نظراً لشبه توقف البناء في الضواحي ومراكز المدن من جهة، وتراجع حركة البيع والشراء للوحدات السكنية والتجارية إلى مستويات غير مسبوقة خلال السنوات العشر الأخيرة من جهة ثانية، إذ يرى دهاة التجار أن الأرض أصبحت الملاذ الأكثر أماناً حتى من الذهب والدولار المصابين بحالة من عدم الاستقرار، معتبرين أنها بعيدة كل البعد عن الخسارة، حيث لم تسجّل على الأقل طوال العقد الأخير أية حالة بيع لأرض خسر بها صاحبها.
ويعوّل التجار على مرحلة الإعمار بأنها ستكون الأكثر ازدهاراً بالنسبة لسوق العقار، ومن يشترِ أراضي الآن وإن بأسعار خيالية كما يحلو لبعضهم تسميتها، سيحصد ثروات هائلة تقفز به إلى مصافّ رجال “البزنس”.
آفاق
وأكد أحد التجار لـ”البعث” أن الانتعاش العقاري خلال المرحلة القادمة سيكون غير عادي حسب وصفه، وسيفتح آفاقاً كبيرة أمام التنمية العقارية التي ستكون متعطشة لانطلاقة غير مسبوقة، وأن الأرض ستكون محوراً رئيساً لها، ولاسيما غير الزراعية منها المنسية والمترامية على أطراف المدن والمناطق، وأنه في حال تم تنظيمها ستصبح صعبة المنال وربما يرقى تملكها إلى مستوى الحلم.
فرصة ثمينة
تاجر آخر أوضح أنه يحاول انتهاز فرصة الركود الحالية وشراء ما أمكن من الأراضي في مناطق عدة من ريف دمشق، مبيّناً أنه تخلى حالياً عن البناء وتجارة الشقق والمحلات التجارية، نظراً لكساد سوقها في هذه المرحلة، معتبراً أن ما يستحوذه حالياً من أراض وبأي ثمن سيكون ثروة المستقبل.
خوف من المجهول
في المقابل يخشى كثير من التجار الخوض كثيراً في غمار تجارة العقارات، لأن وجهة السوق لا تزال مجهولة وغير واضحة المعالم، إذ أوضح أحدهم أنه في الوقت الذي يأمل فيه بعضهم تحقيق أرباحاً هائلة مستفيدين من حالات البيع الاضطراري، فإن المؤشرات تدل على احتمال الوقوع في خسارات هائلة وخاصة بعد توقف كثير من المشاريع الاستثمارية العربية والمحلية، ما ينذر بإطالة أمد الأزمة وبالتالي توقف عجلة النمو الاقتصادي بشكل عام والعقاري بشكل خاص، مضيفاً: ومع تدني السيولة المالية وارتفاع حدة أسعار السلع والمواد وحتى الخدمات، يشهد العقار أزمة خانقة في ظل التفاوت بين العرض والطلب، في معظم المحافظات، فالضغوط تتزايد على هذا القطاع ما أدّى إلى تجميد كثير من التجار أعمالهم وخاصة تلك المتعلقة بالبناء ريثما تتضح الصورة، متوقعاً أن يستمر الركود العقاري خلال الأشهر المقبلة على الأقل، ومستبعداً حدوث أي انتعاش –ولو نسبي- مع دخول فصل الصيف الذي يشهد عادة نشاطاً لحركتي البيع والشراء.
منعاً للدغ ثانيةً..!
ولمن يعتبر وينفع معه التذكير، نذكّر بأنه سبق للأراضي أن شهدت مثل هذا الإقبال قبل سنوات الانفتاح الاقتصادي الأخير، وخاصة الواقعة منها في أطراف الريف الدمشقي، وتلك المحاذية لأتوستراد دمشق – درعا، عندما قام عدد من (المليئين مالياً) باكتنازها بغية استثمارها كهدف معلن، يتستّر في الحقيقة على آخر مخفيّ هو المضاربة، وكانت النتيجة تأجيج أسعار السوق العقارية بالمجمل، نتيجة احتكارها من عدد محدود من رجال الأعمال الذين دخلوا هذا المضمار بقصد المضاربة وليس الاستثمار، والحقائق تؤكد امتلاك أحد رجال الأعمال نحو 2000 دونم دون أي استثمار لها!.
دمشق – حسن النابلسي