العدو يُسابق "الهدنة الإنسانية" ويُوغل في إجرامه.. و"الجامعة" تواصل "صمتها المتواطئ" أكثر من ألف شهيد.. و"الغزيون" متمسّكون بالمقاومة: لا تنازل
لم تكد مهلة “التهدئة” أو ما روّج على تسميته بـ”الهدنة الإنسانية”، التي استمرت اثنتي عشرة ساعة تنتهي، حتى عاودت قوات الاحتلال قصفها واعتداءاتها على الفلسطينيين في قطاع غزة موقعة المزيد من الشهداء والجرحى.
ساعات “الهدنة” التي سرت كشفت هول جريمة الاحتلال الإسرائيلي، وحجم الدمار الذي خلّفه في القطاع، فقد انتشلت الطواقم الطبية جثامين مئة وسبعة وأربعين شهيداً، لترتفع حصيلة الشهداء إلى 1095 والجرحى إلى أكثر من 6000.
وأشارت التقارير إلى أن سيارات الإسعاف والطواقم الطبية والدفاع المدني أمضت مدة التهدئة في البحث عن جثث الشهداء المتحللة، والتي منعتهم قوات الاحتلال من انتشالها من تحت الركام في حي الشجاعية المنكوب طيلة الأيام الماضية ليجدوا أجساداً ممزقة وأشلاء متناثرة وجثثاً متفحمة.
ولفتت إلى أن الكثيرين ممن دخلوا إلى الحي اضطروا لوضع الكمامات على أنوفهم نظراً لرائحة الدماء والموت التي تنتشر بين الأزقة والشوارع، فيما حجم الدمار الذي حل بالمنطقة يوحي بأن زلزالاً ضربها.
صورة الوحشية الإسرائيلية يتجلى النذر اليسير من مشهدها الآن، والتي لم تبق لا بشراً ولا حجراً في مناطق مختلفة من القطاع، ففي الشجاعية سويت منازل المواطنين بالأرض وسط حال من الصدمة والذهول بين الأهالي.
فيما كانت الطواقم الطبية تنتشل من بين أنقاض المنازل المدمرة في القطاع عشرات من جثامين الشهداء، ولا سيما في خان يونس، حيث استشهد فجراً 20 مواطناً من عائلة واحدة، وفي وقت كان الاحتلال يمنع الطواقم الطبية من دخول خزاعة ويطلق النار على المسعفين.
وبرغم كل ذلك لم تضعف عزيمة الغزيين، الذين بدوا وبرغم كل الجراح والآلام أكثر تمسكاً بالمقاومة، والتي واصلت عملياتها رداً على العدوان الإسرائيلي الهمجي، وأعلنت أنها قصفت صباح أمس مستوطنة تل أبيب وسط فلسطين المحتلة بصاروخين من طراز أم 75، ومستوطنة أسدود جنوباً بـ 5 صواريخ غراد، مشيرة إلى أن صافرات الإنذار دوت في مناطق واسعة في جنوب ووسط فلسطين المحتلة، كما أعلنت أنها قصفت موقع كيسوفيم العسكري الإسرائيلي بصاروخين 107.
وفي مؤشر على حالة الذعر السائدة لدى المستوطنين الإسرائيليين جراء عمليات المقاومة النوعية مع استمرار العدوان، خرج أكثر من خمسة آلاف مستوطن إسرائيلي بتظاهرة لمطالبة حكومة كيانهم بوقف إطلاق النار والعمليات العسكرية ضد غزة، الأمر الذي دفع بعض المستوطنين المتطرفين إلى محاولة الاعتداء عليهم، وعبّر المتظاهرون عن سخريتهم وتشكيكهم بدعايات كيانهم غير الشرعي، معتبرين أنه يأكل ساكنيه ويقتل جيرانه.
وفي الوقت الذي تُدافع فيه القوى الامبريالية، وعلى رأسها الولايات المتحدة والدول الأوروبية، عن الصهيونية، مكررة التبريرات ذاتها لجرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، يتفجر الغضب الشعبي في كل العواصم العربية والعالمية.
ففي دمشق، نظم الحزب السوري القومي الاجتماعي في سورية وقفات تضامنية مع غزة أمام مقرات ومكاتب الحزب في العاصمة والمحافظات، وحمّل الحزب في بيان ألقي أمام المشاركين المجتمع الدولي وما يُسمى “جامعة الدول العربية” والأنظمة الرجعية العربية مسؤولية ما يجري في غزة في محاولة لإبادة شعبنا واستهداف محور المقاومة، مؤكداً أن هذه الأنظمة هي عينها التي تدعم الفوضى والإرهاب والقتل في سورية والعراق، لضرب العمق الاستراتيجي للمقاومة في محاولة بائسة ويائسة تحطمت على صخرة صمود شعبنا وجيشنا في الشام.
واعتبر البيان أن محور المقاومة بقيادة سورية أثبت للمراهنين ودعاة الاستسلام أن تحرير الأرض لا يتم من خلال مؤتمرات دولية، أو بالاعتماد على ما يُسمى المجتمع الدولي المرتهن لمصالحه أو بالاتكال على المبادرات الجبانة لما يُسمى الجامعة العربية التي تشكّل الوجه الآخر للعدوان بصمتها وتواطئها بل ودعمها السافر للعدوان، وأضاف: إننا نشهد ولادة الربيع العربي الحقيقي الذي يحفظ مناعة هذه الأمة وفاعلية مكوناتها، ودفناً للربيع الزائف الذي لم يأتنا إلّا بالويلات والإرهاب والتطرف، وبات خطراً داهماً يتهدد قيمنا، التي هي قيم الحق والخير والجمال، وجدد اعتزازه بصمود شعبنا الفلسطيني وتضحيات أبنائه وبالحراك الشعبي العربي والعالمي في رفض هذه الحرب الجائرة، ودعم المقاومة التي تثبت يوماً بعد يوم أنها اللغة الوحيدة الصالحة لمخاطبة هذا العدو الإرهابي العنصري، معرباً عن يقينه التام بأن حقيقة قضية فلسطين هي في عقيدة أمة حية وإرادة قومية فاعلة تريد الانتصار.
وأدانت المنظمات الطلابية العربية في جامعة حلب وبشدة الهجمة العدوانية الشرسة التي يشنها الكيان الصهيوني على أهلنا في قطاع غزة بكل آلات القتل والتدمير، وعبّرت في الوقت ذاته عن استنكارها للصمت المخزي عربياً ودولياً، مؤكدةً أن هذا العدوان يُعد استكمالاً لموجة الإرهاب الظلامي التي تضرب في وطننا العربي خدمةً للمشروع الصهيوني الذي يستهدف كل مقدرات الأمة في محاولةٍ لإعادة دمج هذا الكيان الغاصب في المنطقة وفق مخططاتهم التي تتم صياغتها في غرفهم السوداء.
إلى ذلك، بحث وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال اتصال هاتفي أجراه أمس مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله آخر مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وأوجه العمل وأشكال الدعم المطلوب لوقف هذا العدوان ورفع الحصار الجائر عن القطاع، كما بحث نصر الله خلال لقائه مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق له الأوضاع في لبنان والمنطقة عموماً وغزة خصوصاً وما تتعرض له من عدوان صهيوني إرهابي وسبل مساندة غزة شعباً ومقاومة لوقف العدوان ورفع الحصار الظالم عنها.
وفي اتصال هاتفي آخر أجراه ظريف مع نظيره العماني يوسف بن علوي طالب الأخذ بعين الاعتبار المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني في أي وقف لإطلاق النار بما فيها رفع الحصار عن القطاع وضمان عدم تكرار الاعتداءات الصهيونية.
إلى ذلك، أدان المشرف على ممثلية إيران في منظمة الأمم المتحدة غلام حسين دهقاني باسم حركة عدم الانحياز بشدة استمرار العدوان الوحشي والجرائم البشعة التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد المدنيين الفلسطينيين، وقال: إن حركة عدم الانحياز تدعو إلى قيام مجلس الأمن باتخاذ إجراء فوري للحد من هذه الجرائم الوحشية.