"سيناريو الرعب" يضرب "إسرائيل".. وحرب الاتهامات المتبادلة تتصاعد المقاومة تعلن تمسّكها بمواقفها وجاهزيتها للمعركة: لم نستخدم إلّا 10 % من قدراتنا وقفــــة تضامنية عربيــة وروسية في موسكـــو: الصهيونية وحماتها "عدو مشتـــرك"
مع انتهاء التهدئة المؤقتة في قطاع غزة لا يزال المقاتلون في غزة يتأهبون لأي عدوان مقبل، وحملت روايات المقاتلين خلال المعركة البرية بطولات كثيرة تعكس جبن الاحتلال وصمود المقاومة، فيما أثار تسريب فحوى جلسات المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، حول سيناريو الرعب الذي ينتظر الكيان الصهيوني إذا احتلت القطاع، عاصفة في “إسرائيل”، وسط تزايد تبادل الاتهامات بين المستويين السياسي والعسكري حول مسؤولية القرارات المتخذة.
جلسة التخويف المليئة بـ”سيناريوهات الرعب”، كما وصفها وزراء شاركوا في الجلسة، تضمنت عرضاً للجيش الإسرائيلي حول أثمان احتلال القطاع سياسياً وبشرياً وأمنياً واقتصادياً، وفي نهاية العرض سأل نتنياهو الوزراء من يؤيد عملية كهذه؟ جميعهم لاذوا بالصمت ولم يبادر أحد منهم إلى الإجابة.
“سيناريو الرعب” دفع عدداً من الوزراء إلى القول: “لدينا شعور بأننا نجر الجيش جراً للعمل في غزة، وأن الجو السائد وسط ضباط الجيش أنهم يريدون العودة إلى منازلهم بسلام”.
تهدئة أخرى دخلت حيز التنفيذ، تنتهي اليوم قابلة للتمديد حسبما تقول “إسرائيل” وترد المقاومة بنفي أي اتفاق على ذلك، وحكومة العدو تبحث عن انتصارات واهية، وعن لائحة أهداف تدّعي تحقيقها ستقدّمها للمستوطنين عقب انتهاء عدوانها على غزة، كما فعلت في عدوان تموز على لبنان عام 2006 وعدوانها على غزة عام 2008، لكنها لن تجلب إلّا فينوغراد آخر يكشف المستور، يؤكد هزيمة إسرائيل وانتصار المقاومة.
وفي وقت تستمر المفاوضات في القاهرة لتثبيت التهدئة، لا تزال المقاومة متمسكة بشروطها، وأكدت أنها لن تتنازل عن أي مطلب من مطالبها في المفاوضات غير المباشرة، وأنها مستعدة لمواصلة التصدي للاحتلال بعد انتهاء التهدئة، وأنها لن تقبل باتفاق لا يحقق شروطها: رفع الحصار عن غزة وبناء الميناء والمطار.
المقاومة، وعلى لسان أحد قادتها الميدانيين، أكدت أنها تحتفظ بالعديد من الأنفاق الهجومية وقدرات عسكرية على مواصلة الحرب في حال رفضت إسرائيل الاستجابة لمطالبها، وقالت: إنها لم تستخدم سوى 10% من قدراتها.
في مقابل هذا الموقف الصلب كان لافتاً موقف وزير الحرب الإسرائيلي موشيه يعلون، الذي “أمل في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة يصب في مصلحة الطرفين”، في دليل واضح على مدى ارتباك الاحتلال وسعيه أكثر من أي وقت مضى لإبرام اتفاق تهدئة ينهي المغامرة المجنونة في غزة..
وفي جديد المواقف الدولية جدد الرئيس الأمريكي باراك أوباما انحياز إدارته لكيان الاحتلال الإسرائيلي وتغطية عدوانه الوحشي الغاشم على قطاع غزة المحاصر، مكرراً إعطاء هذا الكيان ما وصفه بالحق في الدفاع عن النفس، في محاولة فاضحة لشرعنة وتغطية عدوانه، داعياً إلى حل دائم يضمن ما أسماه “الأمن” لهذا الكيان مع إعطاء الأمل لسكان غزة بأنهم لن يبقوا معزولين عن العالم بشكل دائم، دون أن يتطرق إلى مجرد لوم لفظي للعدوان الذي شنه هذا الكيان الذي خلّف آلاف الضحايا.
في الأثناء، نظمت فعاليات اجتماعية عربية وروسية وقفة تضامن جماهيرية حاشدة عند مدخل حديقة غوركي المركزية في العاصمة موسكو أمس انتصاراً لغزة وتضامناً مع الشعب الفلسطيني والشعب العربي في سورية ولبنان والعراق في وجه الإرهاب الدولي وتنديداً بإسرائيل وعدوانها الهمجي الغاشم، وأكد ممثلو الرأي العام الروسي وأبناء الجاليات العربية في موسكو أن الشعب الفلسطيني انتصر على الآلة الحربية الإسرائيلية وعلى ساسة الكيان الصهيوني وحماتهم وراء البحار، مرددين هتافات ورافعين لافتات تدعو إلى وقف العدوان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني ولجم الإرهاب ضد الشعب العربي في سورية ولبنان والعراق والكف عن قتل الأطفال وعن إبادة الشعب الفلسطيني ورفع الحصار المفروض عليه، مع التأكيد على أن الصهيونية عدو مشترك لروسيا والشعوب العربية.
وأشار المتحدثون خلال الوقفة التضامنية إلى أن إسرائيل المزودة بأحدث الأسلحة الأمريكية الفتاكة عمدت خلال شهر كامل من عدوانها على الشعب الفلسطيني إلى تدمير قطاع غزة وقتل أهله بصورة ممنهجة، وقد رأى العالم كله على شاشات التلفزة رؤوس الأطفال المقطوعة والأطراف البشرية المبتورة، ولفتوا إلى أن “إسرائيل”، التي تملك الطائرات والغواصات والدبابات والأسلحة النووية، انهالت بكل قوتها على الشعب الفلسطيني الأعزل واقترفت مذابح دموية ضده.
وحمّل الكاتب الروسي الكسندر بروخانوف رئيس تحرير صحيفة زافترا الأمريكيين والصهاينة مسؤولية الأحداث التي يشهدها العالم، وقال: إنهم حوّلوا العالم إلى ساحة تجارب فظيعة لأسلحتهم الجديدة أسلحة القرن الحادي والعشرين، إذ لا يكفيهم سلاحهم التقليدي المتمثل في الرأسمال المصرفي، فهم يستخدمون منظومة حديثة من المدافع والقنابل والبنادق الرشاشة، موضحاً أن إسرائيل لن تتمكن من تدمير تطلعات الفلسطينيين للعبور إلى مستقبلهم وإلى انتصارهم النهائي.
وأكد سيرغي بابورين رئيس لجنة التضامن الروسية مع الشعب السوري في تصريح مماثل أن العدوان الذي شنته “إسرائيل” على الأراضي الفلسطينية وقتلها المدنيين الأبرياء وخصوصاً الأطفال يطرح مجدداً مسألة الإرهاب الدولي الذي غزا ويغزو الأرض السورية، والذي يعيث اليوم خراباً على الأراضي اللبنانية، والذي لا يهدف إلى زعزعة الاستقرار في العالم العربي فقط وإنما في العالم برمته، وقال: إن رعاة هؤلاء الإرهابيين يقبعون في تلك الدول التي تمارس الإرهاب الدولي، وفي مقدمتها الكيان الإسرائيلي، والولايات المتحدة، التي لا تقدم على أي خطوات لوقف القتل والدمار في فلسطين وليبيا وسورية.
من جهته قال نيكولاي سولوغوبوفسكي المحلل السياسي والكاتب الصحفي الروسي: إن فلسطين جرحنا الأليم، وإن رجال المقاومة الفلسطينية الذين تنعتهم إسرائيل والدول الغربية “بالإرهابيين” هم رجال شرفاء وكرام يدافعون عن أسرهم وأطفالهم، وما هذه الصفات التي يطلقها الغرب وربيبته “إسرائيل” إلّا لتبرئة أنفسهم وتبرئة عدوانهم على الشعب الفلسطيني، وأضاف: إن السبب الوحيد لكل المآسي التي تعاني منها الشعوب العربية مصدره مركز عالمي واحد يعمل على نشر هذه الفوضى وهذا الضياع في المنطقة، مؤكداً أن هذا المركز يقع وراء المحيط، وهو الولايات المتحدة.
إلى ذلك، أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية حسين أمير عبد اللهيان أن ممارسات وسلوك الكيان الصهيوني ضد المدنيين العزل في قطاع غزة تشكل انتهاكاً ممنهجاً لحقوق الإنسان وجرائم فاضحة لا يمكن لحلفاء وأصدقاء الكيان الصهيوني حتى الدفاع عنها، وقال في برلين: إن الكيان الصهيوني ارتكب خطأ استراتيجياً بعدوانه وجرائمه الهمجية بحق الفلسطينيين العزل في غزة، مشيراً إلى أن استمرار العدوان الصهيوني يعني أن المقاومة الفلسطينية ستستخدم أسلحة أكثر تطوّراً للدفاع عن الفلسطينيين ما سيفضي إلى تعقيد الأمور وتأزيمها بما لا يناسب العدو الصهيوني وحلفاءه أيضاً.