انتظرتنا ولم ننتظرها..؟!
من النقاط المهمّة التي استوقفتنا في قرار الرد الروسي الأخير على العقوبات الغربية، والقاضي “بحظر استيراد عدد من المنتجات الزراعية والحيوانية والمواد الخام من الدول التي فرضت عقوبات اقتصادية ضد روسيا..”، مؤشرات لها ما يمكن البناء عليها في دوائر اقتصادنا وتجارتنا وصناعتنا، والاستفادة على أقل تقدير من الوضع الجديد بما يخدم ما لدينا من منتجات، وخاصة الزراعية والحيوانية والمواد الأولية منها، منها أن قائمة الحظر الروسية ستشمل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وأستراليا والنرويج، وأن المبدأ الأساسي لهذا الحظر يكمن في أن القيود ستُفرض في المجالات التي يمكن فيها زيادة الإنتاج الوطني أو التعويض عنها بالاستيراد من دول أخرى.
بيانات مصلحة الجمارك الفيدرالية الروسية تدلّ على أن روسيا استوردت في عام 2013 مواد غذائية بقيمة 43 مليار دولار (13.4% من مجمل المستوردات).
معطيات وزارة التنمية الاقتصادية تؤكد أن حصة استيراد المواد الغذائية في تجارة التجزئة تبلغ 25- 30%، ويزيد هذا المؤشر بالنسبة لسلع غذائية معينة.
فعلى سبيل المثال تستورد روسيا من الأجبان 50%، ولحوم الخنزير 35%، ولحوم البقر 60%، والدهون والزيوت الحيوانية 35%، والزيوت النباتية 16%، والمعلبات 19%.
المدير التنفيذي لرابطة شركات تجارة التجزئة أندريه كاربوف قال: إن مؤسسات تجارة التجزئة مستعدة لإعادة توزيع الواردات وتوسيع عدد الموردين والاستعاضة عن بعضهم بالآخر.
بينما الخبير يجور خولموجوروف يقول: إن القطاع الزراعي الروسي، الذي أصيب بصدمة قاسية بعد انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية، سينتعش من جديد، لأن الحظر منحه فرصة جديدة للصمود.
ما نريد الإشارة له وفي الوقت ذاته السؤال عنه هو: هل التقطت جهاتنا العامة والخاصة على حدّ سواء هذه الفرصة للدخول بما أمكننا من سلع ومنتجات وطنية إلى السوق الروسية؟، وقبل هذا: هل استكملنا كل ما يلزم من متطلبات المواصفات لدخول تلك السوق الكبيرة وحجز حيّز معيّن فيها.
كلنا قرأنا أن هناك اتفاقات وإجراءات تعدّ في هذا الشأن، ومعظمنا يعلم أن محصولنا من الحمضيات -على سبيل المثال- لايزال يعاني من تخلف التسويق وضعفه، في الوقت الذي نشهد فيه حراكاً ملحوظاً لاتحاد المصدّرين السوريين، مقابل سبات شبه تام لما يسمّى بمجالس رجال الأعمال!.
وعلى الضفة المقابلة نسمع عن التحضير لإنشاء قرية للصادرات السورية، وكورودور أخضر بحري للوصول إلى روسيا وغير هذا العديد من التسميات والمشاريع التي لم نلمح شيئاً منها على أرض الواقع، بل لم تتعد قوقعة الدراسات، في حين تتسابق الفرص أمامنا.
وفوق ذلك ما فتئت وزارة اقتصادنا تؤكد “في مجال تطوير العلاقات الاقتصادية الخارجية خلال النصف الأول من هذا العام”، أنها استطاعت أن تفتح آفاقاً جديدة للتعاون مع دول صديقة لسورية استكمالاً للإجراءات المتخذة سابقاً، كتفعيل عمل المركز المشترك للتعاون السوري الروسي، بهدف تعزيز علاقات التعاون الثنائي بين البلدين، ومتابعة اجتماعات مجلس إدارة المركز، ودراسة إحداث ملحقيات تجارية بين سورية وعدد من دول العالم (روسيا– إيران- الصين- فنزويلا- البرازيل- جنوب إفريقيا- الهند)، وغير ذلك من الإنجازات الوهمية..
آفاق رحبة، هل نتمكن من ولوجها ولو كبداية لحجز موقع في سوق مهمة تأخرنا كثيراً في إثبات شيء من الوجود فيها سابقاً حتى ببعض المنتجات الزراعية التي نتميز بها..
موضوع نضعه برسم المعنيين علّ وعسى نتدارك ما يمكن تداركه شرقاً بمستجداته الأخيرة.. في ظل الظروف الحالية وما تولده وستولده من خيارات قد لا تتكرر انتظرتنا ولم ننتظرها.
قسيم دحدل
qassim1965@gmail.com