القصة الكاملة وآخر ما حرّر في أكثر ملفات “الاتصالات” جدلاً د.صابوني لـ”البعث”: أي مشغّل خلوي ثالث لا يحقق الشروط لن يكون “موفقاً” ولم نتلقَّ أي عروض جدية وجديدة إعادة ترتيب الأولويات والأهم تأهيل وصيانة الشبكات على حساب الاستثمار
دفعت ظروف وتداعيات “الأزمة” وزارة الاتصالات والتقانة إلى إعادة ترتيب أولوياتها فيما يخص إدخال مشغل خلوي ثالث، فالأولوية الملحّة حالياً تكمن في إعادة تأهيل شبكات الاتصالات الثابتة والنقالة وصيانتها وتوسيعها، وضمان الاستثمارات الكبيرة اللازمة لذلك والتأكد من ضمان استمرار الخدمات للمشتركين.
وفيما يبدو أنه ترحيل لملف المشغّل الثالث إلى الأمام، ترى الوزارة أن تبني المشغل الجديد يتطلب ظروفاً يجب أن تكون مواتية له وأهمها توفير العنصر الأمني، رغم أن الدكتور عماد صابوني وزير الاتصالات في حكومة تسيير الأعمال وفي سياق إجاباته عن أسئلة “البعث” حول تفاصيل هذا الموضوع يؤكد أن الهدف الذي يحققه إدخال مشغل خلوي ثالث يكمن في بلوغ وتوفير تنافسية أكبر بين المشغّلين بما يضمن زيادة الكفاءة الاقتصادية لسوق الاتصالات، حيث ينعكس ذلك إيجابياً على المشتركين من ناحية تخفيض الأسعار، وتوفير حزم أوسع من الخدمات، والوصول إلى مستويات أعلى من الجودة.
خبرة سابقة
وبغية تحقيق ذلك حرصت الوزارة –والكلام لصابوني- في الإعلان المعدّ لهذه الغاية على التأكد من مشاركة شركات مشغّلة ذات خبرة سابقة ملموسة في تشغيل شبكات الاتصالات النقالة، ولديها عدد كاف من المشتركين في أكثر من دولة، مع العلم أن أي مشغل لا يحقق الشروط لن يكون قادراً على تحقيق الأهداف المتوخّاة من دخول المشغل الثالث، مبيّناً أن ظروف الأزمة الحالية لا تساعد في الوقت الراهن في الحصول على عروض من مشغّلين قادرين على الاستثمار في بناء شبكات للاتصالات النقالة في جميع المناطق، بما يضمن تحقيق الأهداف الموضوعة، مضيفاً: إن الظروف السلبية الراهنة أدّت إلى تعرّض شبكات الاتصالات الثابتة والنقالة لتخريب ممنهج وكبير من العصابات الإرهابية طال أكثر من 40% من الشبكة.
توفيق أوضاع
صابوني نفى إدراج مجلس الشعب موضوع المشغل الثالث على جدول أعماله المباشرة، وإنما تمت الإجابة أكثر من مرة عن التساؤلات التي أثارها عدد من الأعضاء بهذا الخصوص، سواء في اجتماعات اللجان المختصة أم تحت القبة، كما لفت إلى أن قانون الاتصالات الصادر عام 2010، الذي جرى بموجبه إحداث الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات، حدّد آلية منح التراخيص لمشغلي خدمات الهواتف النقالة، حيث يتطلب منح التراخيص تصديق مجلس الوزراء على قرار صادر عن مجلس المفوضين في الهيئة الناظمة.
وفي سؤال حول احتكار القطاع من شركتين فقط، أفاد الوزير أن الجهود التي تقوم على توفيق أوضاع المشغلين الحاليين جدية وحثيثة، بما يمكّنها من الاستثمار في تأهيل وتجديد الشبكات، ومن ثم ضمان استمرار الخدمة للمشتركين وتحسين جودتها، بالتحوّل للعمل وفق نظام التراخيص وفق الشروط التي تحقق مصلحة الدولة، وفي الوقت نفسه تقوم الوزارة –حسب الصابوني– عن طريق الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات بإعداد الإجراءات التحضيرية للإعلان عن إدخال مشغل ثالث فور توفر الشروط الملائمة على الأرض، وهو ما سيجعل قطاع الاتصالات تعدّدياً قائماً على المنافسة الفعالة، ويمنع الاحتكار وسائر الممارسات غير التنافسية، وفق اللوائح التنظيمية التي تصدرها تباعاً الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات.
ليس هدفاً
وعن الجهود المبذولة في توفير المخدّم قال الصابوني: إن الوزارة قامت خلال السنوات الماضية بمراسلة العديد من الدول التي يتوفر لديها مشغّلون محتملون للاتصالات النقالة، للمشاركة في إعلان جديد لإدخال مشغل ثالث، كما قامت بإرسال عدد من الرسائل (عن طريق وزارة الخارجية) إلى الدول الصديقة لحثّ مشغلي الاتصالات النقالة في هذه الدول على المشاركة في أي إعلان عن إدخال مشغل ثالث للقطر، إلا أنها لم تتلقَّ أي عروض جدية، إذ إن أي مستثمر جدي لابد أن يضمن توفر الاستقرار ليتمكن من بناء شبكته في جميع المناطق وتشغيلها.
ويعود الوزير في سياق حديثه إلى التذكير بأن إدخال المشغل الثالث ليس هدفاً بحد ذاته، بل وسيلة أساسية لتحقيق هذه الأهداف، وقد تبيّن نتيجة للدراسات المعدة بهذا الخصوص أن دخول المشغل الثالث يساهم أفضل مساهمة في تحقيق تلك الأهداف إذا ما جرى وفق نظام الترخيص في إطار قانون الاتصالات، وبموجب الترخيص يجب على المشغل المرخص له دفع بدل ابتدائي عند منحه الترخيص مع نسب لتقاسم الإيراد (أدنى في هذه الحالة من النسب التي كانت سائدة في عقود bot) على نحو يمكّنه من تغطية استثمارية في بناء الشبكات وتجديدها المستمر وصيانتها.
أسس متساوية
و كانت الوزارة بدأت فعلاً بإطلاق إجراءات إدخال المشغل الثالث للاتصالات، وأنجزت الإجراءات المتعلقة بذلك، وتم الحصول على الموافقات اللازمة من اللجنة الاقتصادية ومن مجلس الوزراء، وجرى تحديد تاريخ المزاد النهائي في 27/4/2011 لاختيار المشغل الثالث، وتحويل عقود المشغلين الحاليين من bot إلى تراخيص، حيث يكون في القطاع ثلاثة مشغّلين وفق نظام التراخيص ذاته، على أسس متساوية ووفق أحكام قانون الاتصالات، إلا أن ظروف الأزمة الراهنة أدّت إلى تجميد التنفيذ.
وبدأت الوزارة فور صدور قانون الاتصالات في عام 2010 (الذي جرى إقراره ليكون الإطار الناظم للعمل في سوق الاتصالات)، وانتهاء فترة الحصرية المشار إليها، بالخطوات العملية لإدخال مشغل ثالث للاتصالات النقالة، بغية زيادة الكفاءة في سوق الاتصالات، وزيادة معدل الانتشار، وزيادة مساهمة القطاع في الناتج القومي وفي التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
دمشق – محمد مخلوف