لا يقل الحراك السياسي في الساحة العراقية ضراوة عما يجري في الميدان العسكري، وهذا ما يراه البعض نتيجة طبيعية تتمخض عن مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة، بعد تكليف حيدر العبادي، والذي لقي ترحيباً دولياً واسع الطيف، حيث رحّب مجلس الأمن الدولي بتكليفه، مطالباً إياه بالعمل سريعاً على تشكيل حكومة جامعة وقادرة على دحر الإرهابيين المتطرفين.
وقال أعضاء المجلس الـ 15 في بيان رئاسي صدر بالإجماع: إن اختيار العبادي هو “خطوة مهمة” على طريق تشكيل حكومة جامعة قادرة على دحر تنظيم “الدولة الإسلامية” المتطرف الذي سيطر في الآونة الأخيرة على مناطق عراقية واسعة، وأضاف الأعضاء: إن مجلس الأمن يحض رئيس الوزراء المكلف على العمل بسرعة لتشكيل هكذا حكومة في أسرع وقت ممكن وضمن المهل الدستورية.
وفي موسكو، أعلن ميخائيل مارغيلوف رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الاتحاد الروسي أن الوضع في العراق يؤكد إخفاق السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وقال: إن الوضع في العراق هو دليل جديد على فشل سياسة “نشر الديمقراطية” من قبل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، حيث يجر الأمريكيون وراءهم في كل مكان أذيال الفوضى وعدم الاستقرار سواء في العراق أم أفغانستان، معتبراً أن العراق يفقد كيان دولته ويغرق في حرب وينشأ خطر على سلامة أراضيه ووحدة ترابه، وأضاف: إنه بغض النظر عن جهود القيادة المركزية في بغداد، وعن المساعدة الأمريكية، إلّا أن العراق ينهار أمام أعيننا ولا مجال لتوقع حلول السلام هنا قريباً، مركّزاً على أن مكافحة الإرهاب في المنطقة تجري بصورة انتقائية، حيث يقوم الأمريكيون بقصف مواقع ما يُسمى تنظيم “دولة العراق والشام” الإرهابي بينما يحجمون عن ذلك في سورية، ولا يعتزمون خوض حرب برية في العراق بل يحاولون تثبيت النظام بأيدي الآخرين وبواسطة قوى الأمن العراقية.
وكان وزير الداخلية الروسي فلاديمير كولوكولتسوف حذّر، في وقت سابق، من الخطر الذي يشكله الإرهابيون المتطرفون الذين اكتسبوا خبرة قتالية في سورية ومناطق أخرى من العالم على الأمن في دول العالم الأخرى.
ودعت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية الأسرة الدولية إلى إنقاذ مسيحيي العراق من الإبادة التي يتعرضون لها على أيدي إرهابيي تنظيم “داعش” الإرهابي، وقال قسم العلاقات الخارجية بالكنيسة في بطريركية موسكو: إننا ندعو جميع القوى السياسية والناس ذوي الإرادة الحسنة لبذل أقصى الجهود من أجل حماية الأقليات الدينية في العراق، ونعرب عن تضامننا مع إخواننا وأخواتنا في المسيحية الذين يعانون الآلام، ونأمل في أن تتخذ الأسرة الدولية جميع التدابير اللازمة لإنقاذ الطائفة المسيحية في العراق.
وفي بيروت، جدد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي دعوته إلى الصلاة من أجل السلام والاستقرار في سورية وفلسطين ولبنان والعراق، وقال، في قداس في دير سيدة قنوبين الأثري لمناسبة عيد انتقال السيدة العذراء، إن المسيحيين في الشرق يعانون أوضاعاً صعبة جراء القتل والتهجير وغيرها من الجرائم التي تعرضوا لها على يد التنظيمات التكفيرية الإرهابية، وأضاف: “نحن نصلي من أجل كل المسيحيين في سورية والعراق وفلسطين ومصر الذين معهم بدأت مسيرة إعلان إنجيل الخلاص من عهد المسيح إلى يومنا هذا ونحن نذكرهم في صلاتنا وهم الذين يعانون المعاناة التي نعرفها جميعاً أكانت حرباً أو تهجيراً أو طرداً من بيوتهم.. نحن نذكرهم اليوم في صلاتنا”.
ميدانياً، واصلت القوات المسلحة العراقية عملياتها الجوية والبرية ضد عصابات “الدواعش” الإرهابي في عدة مدن عراقية وأوقعت في صفوفها 243 قتيلاً ودمرت العديد من الأوكار وعشرات السيارات.
وتمكنت قوات عمليات الأنبار بعد معارك ضارية مع العصابات الإرهابية التي استولت لعدة ساعات على سد حديثة من تطهيره بشكل تام والقضاء على سبعين إرهابياً، وقال مصدر عراقي في بغداد: إن القوات العراقية واصلت تمشيطها لقضاء حديثة، واعتقلت عدداً من المتعاونين مع التنظيمات الإرهابية بالتعاون مع أبناء العشائر المنتفضة ضد عصابات القاعدة والتنظيم الإرهابي.
في الوقت ذاته، تمكنت قوة أخرى من قيادة عمليات الأنبار مدعومة بقوات النخبة من إعادة السيطرة على قرى الكرمة المحيطة بمنطقة إبراهيم بن علي بعد اشتباكات عنيفة مع العصابات الإرهابية أسفرت عن مقتل أربعة عشر إرهابياً بينهم قناصان.
وفي منطقة بروانة القريبة من قضاء حديثة، قضى طيران الجيش العراقي على أحد عشر إرهابياً ودمر عدة شاحنات محملة بالأسلحة والذخيرة.
من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع العراقية مقتل سبعين إرهابياً من “الدواعش” بعدة ضربات جوية في سنجار.
وفي محافظة ديالي، تمّ القضاء على أكثر من خمسين إرهابياً بضربات جوية للطيران الحربي العراقي استهدفت مواقعهم على أطراف بلدة العظيم شمال شرق محافظة ديالي، فيما ألقت القوات الأمنية القبض على إرهابي من التنظيم يحمل الجنسية السعودية في ناحية العظيم واقتادته إلى مركز أمني للتحقيق معه، ومن ثم أحالته إلى الجهات المختصة لاستكمال الإجراءات القانونية بحقه.